كتب نذير رضا في صحيفة “الشرق الأوسط”:
انخرطت السفارة الفلسطينية في لبنان بجهود لإعادة النازحين من المخيمات الفلسطينية في سوريا إلى لبنان الراغبين بالعودة طوعاً، حيث شكلت لجان في المخيمات الفلسطينية في لبنان لتسجيل الأسماء، ووضعت تسهيلات للعودة، وسجل 176 نازحاً أسماءهم حتى الآن في قوائم الراغبين بالعودة إلى سوريا.
وقالت مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن اللجان تشكلت بتعليمات من السفير الفلسطيني في لبنان، أشرف دبور، الذي طلب اللجان الشعبية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية بتسجيل أسماء الراغبين بالعودة طوعاً، وإعداد كشوفات بأسمائهم، وتسليمها للسفارة الفلسطينية في لبنان، التي تتواصل مع السفارة الفلسطينية في دمشق لتسهيل عودتهم.
وقالت المصادر إن السفارة شددت على اللجان الشعبية بضرورة أن يكون الراغبين بالعودة «طوعياً، وهم يقدرون ظروفهم إذا كانت تسمح لهم بالعودة أم لا».
وتتشابه المبادرة الفلسطينية مع مبادرات لبنانية غير حكومية لإعادة النازحين السوريين في لبنان طوعاً، وتوفر السفارة الفلسطينية حافلات لنقل الراغبين بالعودة، وضمانات متعلقة بأمن العائدين، على قاعدة أن تكون العودة «طوعية وآمنة». وتقتصر مهمة الأمن العام اللبناني على تنظيم الإجراءات المرتبطة بالعودة من داخل الأراضي اللبنانية إلى سوريا، بينما تتولى السفارة الفلسطينية التواصل مع الأمن العام لإعداد الإجراءات.
وأشارت المصادر إلى أن السفارة «توفر أيضاً للعائلات الراغبة بالعودة مبلغ ألف دولار لكل عائلة، كي يتمكن العائدون من توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة لدى عودتهم، وترتيب أمورهم».
ويقدر الفلسطينيون النازحون من مخيمات سوريا إلى لبنان بنحو 60 ألف فلسطيني، نزحوا بين عامي 2012 و2014، ولم يبقَ منهم حتى الآن في لبنان سوى 25 ألفاً. وتقول المصادر إن القسم الأغلب منهم، البالغ نحو 35 ألفاً، قد غادر لبنان «على دفعات باتجاه بلد ثالث، إثر موجات اللجوء الواسعة باتجاه أوروبا وبلدان أخرى في 2015 و2016، بينما استقر نحو 4 آلاف في تركيا»، كما عاد جزء قليل منهم إلى سوريا بعد انتهاء المعارك في المناطق المحاذية للمخيمات، مشيرة إلى أن الباقين في مخيمات لبنان «تقدم لهم (الأونروا) المساعدات، إضافة إلى بعض الجمعيات الإغاثية، فضلاً عن أن آخرين انخرطوا بسوق العمل اللبنانية».
وسجلت قوائم اللجان الشعبية التابعة لمنظمة التحرير نحو 176 شخصاً يرغبون بالعودة إلى سوريا، معظمهم من مخيمات الجنوب. وترجع المصادر تراجع العدد إلى أن معظم الفلسطينيين النازحين إلى المخيمات في لبنان «يتحدرون من مخيم اليرموك، حيث يحول حجم الدمار دون عودتهم»، فضلاً عن أن آخرين «يحتاجون إلى تطمينات أمنية، وضمانات بعدم اقتيادهم للخدمة الإلزامية»، في إشارة إلى أن الفلسطينيين المقيمين في سوريا يخدمون الخدمة الإلزامية في «جيش التحرير الفلسطيني»، التابع لقيادة الأركان السورية النظامية. ولا تنفي المصادر أن المشكلات نفسها التي يعاني منها السوريون، وتعيق عودتهم، تنطبق على الفلسطينيين، لجهة فقدانهم لوحدات سكنية، وتراجع فرص العمل، والحاجة إلى ضمانات أمنية.
وفي السياق، غادرت لبنان، أمس، دفعة جديدة قُدّرت بالمئات من النازحين المنتشرين في البقاع وشبعا والنبطية وطرابلس وجبل لبنان وبرج حمود في بيروت، برعاية الأمن العام اللبناني، باتجاه سوريا.
وأقلّت 4 حافلات من مدينة النبطية في الجنوب 134 نازحاً، بينهم 75 طفلاً، وسلكت القافلة طريق مرجعيون حاصبيا راشيا الوادي، متوجهة نحو المصنع وعلى متنها العائدون إلى بلداتهم في ريف حلب ودمشق ودرعا، كذلك عبرت 7 حافلات من منطقة شبعا تقل مائتي نازح سوري باتجاه منطقة المصنع الحدودية.
ومن طرابلس، في الشمال، أقلّت الحافلات عشرات العائلات من النازحين إلى الداخل السوري عبر معبر العبودية الحدودي.
وعلى الجانب السوري، ذكرت وكالة «سانا» أن المئات من النازحين السوريين القادمين من الأراضي اللبنانية وصلوا عبر معبري الدبوسية وجديدة يابوس الحدوديين، حيث جرى نقلهم بالحافلات إلى قراهم وبلداتهم في أرياف دمشق وحمص وحماة.
إلى ذلك، ذكرت مصادر إعلامية، نقلاً عن رئيس مكتب الجنوب في المفوضيّة العليا السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كامرون راشيه، أن عودة النازحين السوريين منظّمة بالتنسيق مع الأمن العام، لافتاً إلى أن المفوضيّة موجودة لمراقبة العمليّة، لكنّها لا تُشارك في تنظيم العودة التي تجري بشكل جيد وطوعي. وأكد راشيه أنه لا ضغوطات على النازحين، لافتاً إلى أن الإجراءات التي تجري اليوم متوافقة مع الأمور التي جرى التنسيق فيها مع الأمن العام.