كتبت زينب إسماعيل في صحيفة “ألأخبار”:
بادرت الهيئة الصحية الإسلامية إلى تصنيف عدد من الحضانات الواقعة في نطاق عملها في الضاحية الجنوبية لبيروت بهدف تأمين بيئة صحية ملائمة للأطفال. التصنيف أدى إلى تجديد الترخيص لبعض الدور وسحب الرخص عن أخرى، فهل تعمّم التجربة على مناطق أخرى؟
أعلنت وزارة الصحة، أمس، أنها اتخذت إجراءات عقابية بحق عدد من دور الحضانة في مناطق لبنانية عدة. وقد تقرر تجميد الترخيص لدار حضانة في منطقة الشياح وإقفالها لمدة شهرين «بسبب تعرض أطفال لعضات متكررة».
في هذا الوقت، أطلقت الهيئة الصحية الإسلامية نتائج «مشروع تحديد احتياجات دور الحضانة» الذي أعاد تصنيف الحضانات وفق سلسلة من المعايير الصحية المعتمدة في دول العالم، وموافق عليها من وزارة الصحة، لتأمين بيئة صحية ملائمة للأطفال.
مشروع الهيئة الصحية مرّ بمراحل ثلاث، بدأت بكشف أوّلي وتدريب وتأهيل للفريق العامل في دور الحضانة، ومن ثم أعطيت الدور فترة سماح مدتها ثلاثة أشهر ليعاد تصنيفها نهائياً، وصولاً إلى إجراء كشف نهائي جرى على أساسه تجديد الترخيص لها أو سحبه منها وتوقيفها على أساسه.
شمل التصنيف 33 حضانة مرخصة من وزارة الصحة، تقع ضمن النطاق الجغرافي للضاحية الجنوبية لبيروت، وجاءت النتائج كالآتي: 9 حضانات نالت تصنيف «ممتاز»، 7 «متقدم»، 9 «جيد جداً»، 5 «جيد»، و1 «ضعيف». أما المعايير التي استندت إليها الهيئة، فهي نفسها معايير وزارة الصحة.
حالياً، يوجد في لبنان 470 حضانة مُرخّصة، بحسب رئيسة دائرة صحة الأم و الولد في وزارة الصحة باميلا منصور، في حين لا توجد أرقام حول عدد الحضانات غير المُرخّصة التي «فرّخت» خلال السنوات الأخيرة الماضية حتى اليوم. منصور تقرّ بوجود حضانات غير مُرخّصة، مشيرة إلى صعوبة إحصائها نتيجة غياب البيانات حولها.
الحصول على رخصة صادرة عن وزارة الصحة هو المستند الأول الذي يجب أن يلتفت إليه ذوو الأطفال الذين تستقبلهم الحضانة، والذين تراوح أعمارهم بين40 يوماً و3 سنوات. و«تستلزم الرخصة شروطاً غير صعبة، وإن تستوجب مراقبة دائمة للتأكد من استيفائها»، بحسب مديرة البرامج في الهيئة الصحية الإسلامية، عليا السبلاني. ومن الشروط ما هو متعلق بطبيعة البناء، وبالتجهيزات اللازمة، مثل توفير الأسرّة المتحرّكة للنوم، فضلاً عن تأمين التدابير اللازمة للحماية من الحوادث والأخطار. وعلى صاحب الدار أن يكون لبنانياً، وأن يُبرز سجلا عدلياً نظيفاً. كما يمنع على الحضانة استقبال الأطفال المرضى حتى الشفاء التام، منعاً لانتشار العدوى. أمّا عدد الأطفال، فتحدده المساحة الإجمالية للصفوف. الرخصة تفرض أيضاً أن يكون المطبخ مجهزاً بما يلزم لإعداد الطعام وتعقيم الحليب والأواني الخاصة بالرضّع.
تقول السبلاني إنّ هذه الرخص كانت تُعطى لمرة واحدة، على أن يتم تعديلها في حال أراد صاحب الرخصة إضافة أقسام أو غيرها من الأمور التي تتطلب تعديلاً، «لكن الوزارة استحدثت قراراً بتجديد الرخص المعطاة كل سنتين، ضمن مساعي المراقبة الهادفة إلى تطبيق شروط هذه الرخص».
أما الدافع الأساسي وراء تجديد الرُخص فيكمن في إجبار أصحاب الحضانات على المواظبة على تطبيق الشروط التي تفرضها الرخص. وهنا تقول منصور إنّ الوزارة تنظم بالتعاون مع وزارة الداخلية مسحاً سنوياً للحضانات المرخّصة ضمن مساعي المراقبة للتأكّد من حسن سير هذه الحضانات، فيما يبقى التخوّف من غياب الرقابة على الحضانات غير المُرخّصة.
وخلال عام 2016، تلقّت وزارة الصحة 57 شكوى ضدّ دور حضانة، تقدم بجزء كبير منها أهالي الأطفال المُسجّلين داخل هذه الحضانات. هذا الرقم تضاءل ووصل في عام 2017 إلى 23 شكوى. لكن لا تفاصيل حول طبيعة هذه الشكاوى، وعمّا إذا كانت تُصيب المعايير الأساسية المتعلّقة بصحة الأطفال مباشرة، مثل تعقيم الغذاء والاهتمام بالسجلات الصحية وغيرها. بحسب السبلاني، فإنّ أبرز المشاكل والشكاوى متعلّقة خصوصاً بتحدّي السيطرة على العدوى بين الأطفال، والتزام عدد الأطفال المسموح بهم تبعاً لمساحة الحضانة، وهي بمُعدّل متر مربع واحد لكل طفل يمشي في الصف، ومترين مربعين لكل طفل لا يمشي في غرفة النوم. كما يُخصّص متر مربع لكل طفل يمشي في غرفة اللعب، على أن لا تقل مساحة الصف الواحد عن 12 متراً.
وفي 16 آذار عام 2015، تُوفّيت الطفلة جنى (خمسة أشهر) في إحدى حضانات ضاحية بيروت الجنوبية. بعدها، وبتاريخ 23 آذار من العام نفسه، تُوفّي الطفل ايليو (ثلاثة أشهر) في إحدى الحضانات في عجلتون. بتاريخ 22 كانون الأول من العام نفسه أيضاً، تُوفّي الطفل عُمر في إحدى حضانات طرابلس. هذه الحوادث التي برزت منذ عامين، دفعت، وقتها، وزير الصحة السابق وائل أبو فاعور إلى إقفال كل دور الحضانة غير المُرخّصة في لبنان. حينها، ومن بين 304 حضانات، أُقفلت 205 حضانات غير مُرخّصة، وفق ما أعلن أبو فاعور آنذاك.