Site icon IMLebanon

الكلام عن صراع صلاحيات لا يستوي والدستور

كتبت ميرا جزيني عساف في صحيفة “اللواء”:

توحي كلّ المؤشّرات بأنّ الوقت لم يحن بعد لتبصر الحكومة النور رغم الأشهر الثلاثة ونيّف التي أمضاها الرئيس المكلّف سعد الحريري في اللقاءات والمشاورات منذ تكليفه في الرابع والعشرين من أيار الفائت. ولأنّ الأمور لم تنضج بعد، غاب الكلام عن الحصص والمقاعد الوزارية لمصلحة الكلام عن صراع على الصلاحيات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ليطغى هذا السجال على مسار التشكيل نفسه.

بنظر دستوريين فإنّ كلّ ما يُشاع عن خلاف على الصلاحيات لا يعدو كونه كلاما سياسيا اعتاد عليه اللبنانيون لشدّ عصب وسحب البساط من أمام متطرفين سياسيين أو غوغائيين، لا أكثر. ويقولون إنّ البيان الأخير الصادر عن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية، بعد زيارة الرئيس الحريري الى قصر بعبدا وتقديمه مسوّدة حكومية الى الرئيس ميشال عون، لا ينطوي على تعدّ على صلاحيات رئاسة الحكومة، فرئيس الجمهورية شريك أساسي في التشكيل وهو صاحب الصلاحية في إصدار مرسوم الحكومة، الذي لا يصبح نافذا من دون توقيعه، وذلك بالاستناد الى الفقرة الرابعة من المادة الثالثة والخمسين في الدستور اللبناني المُعدّلة في الطائف، والتي تنصّ على ما حرفيّته: «يصدر رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء أو إقالتهم».

ويضيفون أنّ رئيس الجمهورية قد لا يدخل في تفاصيل المشاورات التي يجريها الرئيس المكلّف، غير أنّ من حقّه وضع الأسس والمعايير التي يراها مناسبة، لتقوم على أساسها الحكومة، انطلاقا من شراكته المُكرّسة في الدستور.

بالتوازي، يروي مطّلعون على أجواء التشكيل أنّ المسودة العددية لا الإسمية التي حملها الرئيس الحريري الى قصر بعبدا في الثالث من الشهر الجاري كانت الأولى منذ تكليفه بعد أيام من إتمام الانتخابات النيابية، حيث أنّه لم يتقدّم قبلا بأي صيغة عن رؤيته لتوزيع الحقائب وهو ما كان يطالبه به الرئيس عون منذ الايام الاولى لانطلاق مسار التشكيل ليبني على الشيء مقتضاه ويبدي الملاحظات التي لديه، تسهيلا لعملية التأليف. ويسأل المطّلعون أنفسهم عن ماهية التنازلات التي يجري التحدّث عنها، لا سيما أنّ المسودة الحكومية منحت حزب القوات اللبنانية ما أراده أي أربع حقائب من دون وزارة دولة، علما انّ وزارات الدولة يجب أن تُوزّع بالتساوي على الافرقاء، واحتفظ الحزب التقدمي الاشتراكي بثلاثة مقاعد وزارية من دون ان يتنازل عن مطلبه قيد أنملة.

ويضيفون أنّ القوات اللبنانية بمطالبها المضخّمة بنيابة رئاسة الحكومة وبالحقيبة السيادية كانت تناور، لعلمها بأنّ نيابة الرئاسة ليست من حقّها كما أنّ الموانع كثيرة في وجه نيلها الحقيبة السيادية (خصوصا اذا كانت وزارة الدفاع)، وبالتالي لا يصحّ القول بأنّها تنازلت بل هي كانت ترفع السقف لتنال أخيرا المقاعد الوزارية الاربعة التي ترى أنّها تتناسب مع نيلها ثلث المقاعد الوزارية المسيحية الخمسة عشر بعد احتساب حصّة رئيس الجمهورية (ثلاثة مقاعد) والتي رسّخها اتفاق معراب.

ويختم هؤلاء بالقول إنّ المعادلة التي أرستها التسوية الاخيرة والتي قضت بمجيء الأكثر تمثيلا في طائفته الى الحكم تنقض كلّ كلام عن انّ رئيس الجمهورية يجب ان يكون بمثابة الحكم المُحايد، بحيث أنّ الرئيس عون وصل الى كرسي بعبدا انطلاقا من قاعدة حزبية وشعبية كبيرة، تماما كما هي حال رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب.