كتبت سينتيا عواد في صحيفة “الجمهورية”:
هناك سبب وجيه يدفع الأطباء إلى وصف مكمّلات الفولات للنساء خلال فترة الحمل. هذا النوع من الفيتامينات B، وتحديداً الـB9، يساعد على حماية الأطفال من العيوب التي قد تُصيب الأنبوب العصبي، أو الدماغ، أو الحبل الشوكي. لكن ماذا عن وظائفه الأخرى، ومتى يجب الاشتباه بنقص مستوياته في الجسم؟
إستناداً إلى خبراء التغذية، فإنّ الفولات، الموجود طبيعياً في بعض الأطعمة كالخضار الورقية الخضراء، غير مهمّ فقط للحوامل. إنه في الواقع أساسي لنموّ الخلايا الطبيعي، ودعم وظائفها، وتشكّل خلايا الدم الحمراء. أمّا في حال عدم كفايته في الجسم، فإنّ الخلايا تعجز عن إنتاج حمض نووي جديد، والانقسام، والتكاثر. لهذا السبب فإنّ الفيتامين B9 مهمّ جداً للنساء خلال الحمل، خصوصاً في الثلث الأول منه، حيث يتمّ انقسام الخلايا سريعاً وإنشاء الحمض النووي.
لكن بغضّ النظر عن مرحلة الحمل، يجب توفير جرعات كافية من الفولات لضمان سير وظائف الجسم بسلاسة. غير أنّ المشكلة تكمن في أنّ الجسم لا يستطيع إنتاج هذا الفيتامين بمفرده، ما يستدعي التركيز على مصادره وأخذ مكملاته الغذائية التي يحدّد الطبيب جرعتها. عندما لا يتمّ الحصول على كمية كافية من الفولات، قد يتعرّض الشخص لنقص فيه ويشكو من مجموعة أعراض غير مرغوبة.
أبرز أعراضه
وفق «National Institute of Health»، فإنّ أكبر عارض لقلّة الفيتامين B9 هو فقر الدم الضخم الأرومات (Megaloblastic Anemia)، حيث إنّ الجسم يملك عدداً قليلاً من خلايا الدم الحمراء الكبيرة غير الطبيعية. في حال نقص الفولات، يمكن لعدد خلايا الدم الحمراء أن يتقلّص لأنه يتمّ منع إنتاج الحمض النووي الصحيح. الأمر الذي قد يحرم الأنسجة من الأوكسجين، ويؤدي إلى علامات تشمل الضعف، والتعب، والعصبية، وأوجاع الرأس، وضيق التنفس، ومشكلات في التركيز. كذلك من الشائع ظهور أعراض أخرى كالقروح السطحية في الفم أو على اللسان، وشحوب الجلد، وتغيّر لون الأظافر، وشَيب الشعر المُبكر. المطلوب إذاً استشارة الطبيب في حال مواجهة الإشارات المذكورة. صحيح أنّ مشكلات صحّية عديدة قد تسبّب أوجاع الرأس والتعب، غير أنّ الطبيب سيُجري اختبارَ دم لتأكيد وجود قلّة الفولات.
لكن هل يجب فعلاً القلق؟
نقص الفولات غير شائع كثيراً، خصوصاً في حال التنويع في المأكولات الصحّية والمغذية. غير أنّ بعض الأشخاص هم أكثر عرضة لقلّة الفيتامين B9 مقارنةً بغيرهم. على سبيل المِثال، فإنّ الذين يشكون من إدمان الكحول يميلون ببساطة إلى عدم الأكل بكمية كافية وقد تكون أجسامهم ضعيفة، فيعجز كبدهم عن العمل بشكل صحيح، الأمر الذي قد يعبث في سلامة هضم المغذيات وامتصاصها. كذلك فإنّ الخطر يرتفع عند الأشخاص الذين يعانون مشكلات في الجهاز الهضمي كداء السيلياك وإلتهاب الأمعاء نظراً لارتفاع احتمال سوء امتصاص العناصر الغذائية. أمّا النساء في بداية حملهنّ فقد يكنّ أيضاً في خطر عدم كفاية الفولات في أجسامهنّ، ويرجع الأمر جزئياً إلى الحاجة لتعزيز مستويات هذا الفيتامين خلال الحمل لكنّ الشهيّة قد تكون منخفضة جداً.
الجرعة الموصى بها
بحسب «NIH»، يحتاج البالغون إلى 400 ميكروغرام من الفولات يومياً. وعموماً فإنّ الشخص العادي لا يحتاج إلى المتممات الغذائية. المأكولات والمغذيات تتفاعل مع بعضها، فإذا كنتم تستهلكون مزيداً من الورقيات الخضراء، فإنكم ترفعون أيضاً العناصر الغذائية الأخرى والألياف، الأمر الذي يُفيد جهازكم الهضمي. رقائق الفطور ومنتجات الطحين كالخبز، والمعكرونة، والأرزّ قد تكون بدورها مدعّمة بحامض الفوليك، لذلك يجب قراءة الملصق الغذائي جيداً.
أمّا عند التفكير في الحمل وبلوغ هذه الفترة، فيجب على المرأة تناول 600 ميكروغرام من الفولات يومياً. يحتاج جسم الحامل إلى هذا الفيتامين منذ اليوم الأول من الحمل. إذا كان الجنين لا يحصل على جرعة كافية منه، فإنّ نموَّ دماغه وحبله الشوكي قد يضعف في وقت مُبكر. وبما أنه يصعب الحصول على 600 ميكروغرام من الفولات عن طريق الغذاء وحده، توصي «The American College of Obstetricians and Gynecologists» غالبية النساء الحوامل أو اللواتي يُخطّطن لذلك بتناول فيتامين يحتوي على حامض الفوليك، واستشارة الطبيب لوصف الكمية الملائمة لهنّ.
إشارة أخيراً إلى أنّ «NIH» تحذّر من تخطّي 1000 ميكروغرام من الفولات يومياً، لكن من الصعب حدوث ذلك. بما أنه فيتامين قابل للذوبان في المياه، يعني أنّ الجسم سيتخلّص من الجرعة الإضافية عن طريق البول. لذلك من النادر جداً الإفراط في الفولات.