تبدو الاتصالات والمساعي الدولية والاممية لابعاد حمّام الدم عن إدلب، في سباق مع الاستعدادات النظامية السورية والروسية والايرانية، لشنّ هجوم لاستعادة المحافظة الشمالية من أيدي الفصائل المعارضة، وهي آخر معقل لهم.
واللافت في السياق، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية مراقبة لـ”المركزية”، إن الموقف العالمي الموحد في شأن العملية المرتقبة، حيث يسجّل اجماع اوروبي واميركي واممي واضح على رفضها والتحذير من تداعياتها، عاجز حتى الساعة عن ردع دمشق ومعها الروس والايرانيين، عن شنّه.
واللافت اكثر، تضيف المصادر، أن أنقرة، شريكة طهران وموسكو في منصة أستانة، لم تتمكّن حتى الساعة، من إقناعهما بالتريث وصرف النظر عن الخيار العسكري. وعليه، يبدو ان المعركة ستحصل ولكن ما يدور اليوم هو تفاهمات من تحت الطاولة على كيفية تقليص خسائرها وحدّتها، مع افساح المجال امام تركيا لمحاولة التوصل الى اتفاقات مع الفصائل المعارضة الموالية لها، ترضي النظام السوري وروسيا وايران، بحيث لا تشملهم العمليات المنتظرة، فتقلّص قدر المستطاع، موجات النزوح التي يمكن ان تنطلق من ادلب في اتجاه تركيا. في الواقع، قال المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، أمس إن موسكو تأمل بالتوصل لحل سلمي للوضع في إدلب، مشيرا إلى أن تركيا منوط بها فصل المتطرفين عن المعارضة المعتدلة. وذكر بعد محادثات في جنيف مع مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا “نقول إن من الأفضل تسوية الوضع في إدلب بطريقة سلمية. من الممكن تفادي استخدام القوة المسلحة”، مضيفا “محافظة إدلب..هي منطقة تقع ضمن مسؤولية تركيا، ومسؤوليتها فصل المعارضة المعتدلة عن المتطرفين”.
ومع ان حظوظ خوض الحرب لا تزال هي الاعلى، بحسب المصادر، قال المبعوث الاممي إنه يعتقد أن روسيا وإيران وتركيا ستتفق على “برنامج وآلية” العملية العسكرية في إدلب.
وسط هذه الاجواء، تواصل أنقرة الضغط لاستنفار العالم ودفعه الى الاضطلاع بدور أكبر لمنع الهجوم على ادلب. فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان حذر من أن الهجوم الذي قد تنفذه القوات السورية سيسبب مخاطر إنسانية وأمنية لتركيا وأوروبا وغيرهما. ويبدو ان مواقفه تفعل فعلها. اذ اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أن الهجوم قد تكون له تداعيات مباشرة على الأمن في أوروبا، بسبب الخوف من تفرق آلاف المتطرفين المنتشرين في هذه المنطقة، وانتقالهم إلى اوروبا. وقال الوزير الفرنسي، في تصريح لإحدى القنوات المحلية، إن “الخطر الأمني قائم ما دام هناك الكثير من المقاتلين المنتمين إلى القاعدة يتمركزون في هذه المنطقة، ويتراوح عددهم بين 10 آلاف و15 ألفا، وقد يشكلون خطرا على أمننا في المستقبل”، مشددا على أن “استخدام السلاح الكيميائي خط أحمر بالنسبة لفرنسا”
في الاثناء، ترتفع التحذيرات الدولية من اي استخدام للسلاح المحرّم دوليا من قبل دمشق، حيث سيتم الرد عليه بقوة. وفي السياق شدد مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون مرة أخرى، الاثنين، على أن الولايات المتحدة وحلفاءها البريطانيين والفرنسيين اتفقوا على أن أي استخدام لأسلحة كيماوية أخرى من جانب دمشق سيؤدي إلى تصعيد كبير، مقارنة بالضربة السابقة بعد استخدام أسلحة كيماوية في خان شيخون بإدلب. وأوضح بولتون في بيان “إذا كان هناك استخدام للأسلحة الكيميائية، فإن الرد هذه المرة سيكون أقوى بكثير”.