كتب جورج بكاسيني في “المستقبل”:
لليوم الثاني على التوالي، بقيت أصداء انطلاق المرافعات الختامية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في لاهاي، تتردّد في بيروت، حيث تابع اللبنانيون باهتمام مجريات اليوم الثاني التي خصّصها مكتب الادّعاء لإسناد هواتف المتّهمين الأربعة بالجريمة، مُسجّلاً خطوات متقدمة تؤكد حيازة هؤلاء المتهمين لهذه الهواتف بالمستندات المصرفية والعقارية وعبر تحديد المواقع الجغرافية، والتي استُخدمت مع هواتف أخرى في الجريمة، فيما جدّد رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري التأكيد من بيروت على ما كان أعلنه من لاهاي من أن مَن اغتال رفيق الحريري “سيدفع الثمن عاجلاً أم آجلاً”، مع التشديد على أنّ “المهمّ البلد.. نحن نريد إكمال مسيرة رفيق الحريري وفي الوقت نفسه نعي التحديات”. وتساءل: “هل نخرّب البلد أم نعمل على المحافظة عليه؟”.
وكان يوم أول من أمس “صعباً” على الرئيس الحريري الذي شارك في افتتاح المرافعات الختامية لفرقاء الادّعاء والدفاع ووكلاء المتضررين في قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري. واستمع بتأثر شديد إلى الجزء الأول من مرافعات المدّعي العام نورمان فاريل وهو جالس على مقاعد أهالي المتضررين. وقبل عودته إلى بيروت قال من أمام المحكمة: “عندما يكون الإنسان في الموقع الذي أنا فيه يجب أن يضع مشاعره جانباً”. ودعا لأن “يدفع مَن ارتكب هذه الجريمة الثمن عاجلاً أم آجلاً”، مذكّراً بأن الجميع يعلم “كم كانت المشكلة كبيرة بين الرئيس الشهيد والنظام السوري، وأنا سأتعامل مع هذا الموضوع من موقعي كمسؤول لحماية البلد واللبنانيين خصوصاً أن الرئيس الحريري لم يسعَ في كل حياته إلا وراء الاستقرار في لبنان والنهوض به”. أضاف ان الرئيس الشهيد وجميع شهداء 14 آذار “سقطوا من أجل حماية لبنان لا من أجل خرابه ومن هذا المنطلق طالبنا منذ البداية بالعدالة والحقيقة ولم نلجأ يوماً إلى الثأر”.
جاء ذلك بعد تأكيد من الادّعاء العام في المحكمة على انتماء المتّهمين الأربعة باغتيال الحريري إلى “حزب الله”، صاحبه تأكيد مماثل لحصول اتصالات بين هؤلاء المتهمين وبين مسؤول الأمن والاستطلاع في القوات السورية التي كانت عاملة في لبنان العميد رستم غزالة (قُتل العام الفائت في سوريا)، ناهيك عن اتصالات أجراها الأخير برئيس النظام بشار الأسد أثناء التحضير لجريمة الاغتيال، واجتماعات عقدها مع مسؤول الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا في مقر الحزب في حارة حريك.
وعرض الادّعاء العام للأسباب السياسية للجريمة وأبرزها أن الرئيس الشهيد كان يمثّل “تهديداً خطيراً لكل الذين تحالفوا مع سوريا ومصالحها المستقبلية في لبنان، سيقوّض الوضع السائد لخفض قيود القبضة السورية على لبنان”.