IMLebanon

“المتضررون”… إن حكوا!

كتب قاسم خليفة في “المستقبل”:

اللقاء المباشر مع مجموعة من المتضررين على هامش مرافعات الإدعاء وقبيل الجلسة المخصصة لقضيتهم، كانت له رهبته، خصوصاً أنهم ممن أنقذتهم العناية الإلهية من موت محتم، وقد رأوا الموت بعيونهم ولا يزالون يعانون من آثار جسدية وصحية ونفسية، أو ممن فقدوا عزيزاً.

صمودهم وإيمانهم بالمحاكمة وعدالتها الآتيه بما لا ريب فيه، واحتضانهم من قبل مكتب المتضررين التابع للمحكمة، ساعدهم على تخطي الفاجعة نسبياً «لكن لن ننسى».

نماذج إنسانية صارخة تتحدى الموت بالحياة: روبير عون، شقيق الشهيد جوزف عون الذي قضى على مقربة من الانفجار، ليليان مخلوف وسناء الشيخ كانتا تعملان في مصرف HSBC، صودف وجودهما خلف مكتبيهما ولا تزالان تعانيان آثاراً نفسية وجسدية من جراء الانفجار، ووسام الذي نجا بينما كان يلتقط غرضاً من حقيبته أثناءه وكذلك لا يزال يعاني ما يعاني.

عن «فرحهم بما وصلت إليه المحكمة، وأن العدالة سوف تأخذ مجراها وسوف يُعرف من هو المجرم، ليس من أجل التعويض علينا، بل من أجل تفادي وقوع مثل هذه الجرائم في لبنان من جديد».

وعلى الرغم من الضرر المعنوي والجسدي والنفسي الذي خلفه هذا اليوم المشؤوم والجريمة النكراء، أكدوا أنه «يجب على الجميع أن يتقبلوا الحقيقة كما هي»، مشددين على أنه «لدينا كامل الثقة بالمحكمة وقراراتها ونشكر كل الجهود التي بُذلت من أجل الوصول إلى هذه اللحظات».

ولفتوا إلى أنه «لا شك أن الحكم والنتائج التي ستصدر عن المحكمة مصيرية، ونحن نؤمن بعدالة هذه المحكمة لأنها أعلى سلطة قضائية دولياً، وميزان العدالة سيتحقق هنا وكل إنسان سيأخذ حقه والمجرم سينال عقابه».

وأضافوا: «أحببنا أن نكون موجودين لأننا في النهاية متضررون وتعذبنا كثيراً ومررنا في ظروف صعبة».

وفي شأن وجود مكتب المتضررين والاهتمام من قبل المحكمة بقضيتهم، شددوا على أنه «جميل جداً أن تشعر أن هناك من يهتم بك ويقدر شعورك ويعيش معك ويتأثر بما أحسست به وهذا أمر جيد جداً على الصعيد المعنوي لأنه يشعرك بأن هناك من يهتم بك، ويبقينا على إطلاع على كل ما يحدث في أروقة وغرف المحكمة، فألف شكر لمكتب المتضررين وما قاموا به طوال السنوات السابقة».

وأكدوا أنه «لا يمكننا نسيان ذاك اليوم المشؤوم وما حصل في 14 شباط 2005»، مشيرين إلى أن «هذا اليوم لم يعد عيداً للاحتفال بالحب بل ذكرى مريرة على قلوبنا جميعاً، ذكرى الإجرام والإرهاب الذي امتد إلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء أبنائنا».

وفي شأن كلام الرئيس سعد الحريري في لاهاي بأننا لسنا طلاب ثأر وما يهمنا مصلحة البلد، شددوا على أن «من الطبيعي أن يقول الرئيس سعد الحريري هذا الكلام وهو في موقع المسؤولية والتسامح جزء أساسي من ديننا الحنيف والمسيح سامح من صلبه فمن نحن كي لا نسامح».

وأكدوا أن «الرئيس الحريري لم يسامح المجرمين بل قال إنهم سينالون عقابهم عاجلاً أم آجلاً وكشف الحقيقة لوضع حد لمثل هذه الجرائم في البلد».

وأضافوا: «لا شك أننا في أعلى سلطة ومرجع قضائي في العالم وسنأخذ حقنا وستتحقق العدالة على الأرض، لكن لا يمكن أن ننسى أن هناك عدالة في السماء، وفي حال هربوا من وجه العدالة الأرضية فلن يستطيعوا الهروب من أمام عدالة السماء».

وأكدوا أن «لدينا كامل الثقة بهذه المحكمة المتقدمة والمتطورة وأصبحنا في المراحل الأخيرة، وكلنا ثقة بهذا القضاء والمحكمة وبكل القيميين عليها».

وفي شأن الرد على من يشوه صورة المحكمة ويشيطنها، لفتوا إلى أننا «لا نريد أن نقيم مواقف الآخرين ولا نريد أن نذهب في السياسة الى حيث يريدون أخذنا ونحن ما يهمنا هو جلاء الحقيقة وليأخذ القضاء مجراه».

وأشاروا الى أنه «على مدى تجربتنا في السنين الماضية اكتشفنا العمل المهني والتقني والعلمي المتميز التي تقوم به المحكمة، والخبرة الموجودة لدى القضاة وحدها كفيلة بالرد على الإدعاءات التي تخرج من قبل البعض في لبنان وغير لبنان بأن المحكمة مسيسة ولا تعمل كما ينبغي، بل على العكس فهي تعمل بأعلى معايير الكفاءة والجودة والمهنية».

وشددوا على أننا «نلمس لمس اليد الشفافية والاحتراف في العمل والاحترام لأهالي المتضررين ولكل شيء»، مشيرين إلى أن «وجودنا هنا كمتضررين وعانينا مع عانيناه طوال السنوات السابقة ليس لتقويم المواقف والآراء، نحن يمكن أن نسامح في جزء ولكن لا يمكن أن ننسى الماضي وأن ننسى ما عانيناه طوال السنوات السابقة، ولا يمكننا ايضاً أن ننسى أن الرئيس الشهيد له أفضال كبيرة على البلد فعلم أجيالاً كاملة وبنى البلد، وما وصلنا إليه في البلد هو عبر الجهود التي بذلها الرئيس الشهيد ونشعر مع عائلته المتضررة أيضاً التي تشعر بالأسى والظلم مثلنا تماماً».