حتى الساعة، يقف “حزب الله” متفرجا على أزمة تأليف الحكومة. هو يدعو عبر قياداته ونوابه الى توحيد المعايير ووقف بعض الكتل نفخَ حجمها، ويلمّح الى دور سعودي معطّل للتشكيل. لكنه يكتفي بهذه المواقف من دون المبادرة الى التدخل للمساعدة في الخروج من التخبط الحاصل.
والحال ان “الحزب” قادر على التسهيل، بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”. فالمتابعون لعملية الولادة المعقّدة، يدركون أنه يلعب- وإن في صورة غير مباشرة- دورا معرقلا، عبر دعمه مطالب حلفائه، السنّة منهم والدروز والمسيحيين، الوزارية، والتي تشكّل حجر عثرة كبيرا امام عربة الرئيس المكلف سعد الحريري. فلماذا لا تتحرّك الضاحية للتسهيل؟
في الواقع، تتابع المصادر، الحزب يحتاج الى حكومة سريعا. فالحرب في سوريا باتت في مراحلها الاخيرة، والاتصالاتُ الدولية لتسوية الصراع لا تبدو تلحظ دورا كبيرا لايران في الحل (بل ستكثّف الضغوط لاخراج طهران وحلفائها من البلاد)، كما ان “الحزب” مستهدف اقتصاديا وماليا من الاميركيين، و”قضائيا” من قِبل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تقترب من لفظ حكمها في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بعد ان أظهر فريق الادعاء في الايام الماضية تورط الحزب والنظام السوري في الاغتيال. وهذه المعطيات كلّها تضعه في وضع حرج أو أقلّه غير مريح، يدفعه الى استعجال حكومة تؤمن له غطاء شرعيا، في أسرع وقت…
المصادر توضح ان الحزب كان يراهن على التطورات الاقليمية ومعركة ادلب تحديدا، لتُمكّنه من فرض شروطه على الحكومة الجديدة، فيطلب من الحريري تنازلات ومكاسب سياسية واستراتيجية، في شأن سلاحه والعلاقة مع سوريا (…) مقابل تسهيل التشكيل، غير ان المعركة لم تحصل بل حُلّت من خلال اتفاق روسي – تركي، جاء ميالا لمصلحة أنقرة وراعى اعتبارات الولايات المتحدة والقوى المعارضة للنظام سوريا واقليميا ودوليا، أكثر منه لمصلحة دمشق وحليفتها طهران.
وعليه، سقطت ورقة استثمار إدلب لبنانيا من يد “الحزب”، وبات السؤال الذي يفرض نفسه، هل تعيد الضاحية حساباتها وتعدّل في مقاربتها للتشكيل الحكومي؟
المصادر ترجّح ذلك. وفي وقت تدعو الى ترقب كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غدا في ذكرى عاشوراء، اذ ستحمل مؤشرات الى توجّه الحزب في المرحلة المقبلة، تقول ان الاخير سيواصل الضغط لتحسين شروطه ومكاسبه المحلية في مجلس الوزراء العتيد، الا انه لن يتمكّن من الاستمرار في هذا المسار طويلا، للاسباب التي ذكرت أعلاه.وما سيقلّص قدرته على الاستمرار في المناورة، أن ما كان يطمح الى تحقيقه لناحية إدخال ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” الى البيان الوزاري، بالاضافة الى تطبيع العلاقات بين بيروت والنظام السوري، وربما أيضا اسقاط التعاون مع المحكمة الدولية منه، تماما كما سياسة النأي بالنفس ووقف التدخل في شؤون الدول العربية سياسيا وعسكريا، ستصبح في حكم المستحيلة في ظل المستجدات الدولية والاقليمية (من العراق الى اليمن الى سوريا) التي لا تذهب بما تشتهي سفن محور “الممانعة”، بل تدفع لبنان اكثر الى التقيد بتعهّداته والتزام القرارات الدولية كلّها والمباشرة في بحث استراتيجية دفاعية والتمسك بالحياد.
وفي عود على بدء، تتوقع المصادر دورا جديدا “ما” لحزب الله في لعبة التأليف، قد يساعد في إخراج المولود الحكومي المنتظر من عنق الزجاجة…