كتب قاسم خليفة في “المستقبل”:
وفي اليوم الثالث جاء دور “الإستعراض الدفاعي” بامتياز. يومان أولان متخبّطان من مرافعات ممثلي فريق الدفاع، لم يعدموا خلالهما وسيلة، لإحداث ثغرة قانونية أو منطقية معللة في جدار مرافعات مكتب الإدعاء طوال الإسبوع الماضي، بعد إحرازه نجاحاً في تحويل أدلة الإتصالات إلى “عصا قانونية سحرية”، أماطت اللثام عن هرمية جرمية إرهابية منظمة، قوامها أربعة مشتبه بهم ينتمون إلى “حزب الله”، في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه.
سياسة النفي للنفي من دون أدلة مضادة التي انتهجها الدفاع منذ اليوم الأول، إنسحبت أمس على وكيل الدفاع عن المتهم حسن عنيسي المحامي الفرنسي فينسان كورسيل لابروس، لكن بوتيرة تصاعدية مختلفة، إذ لم يقم وزناً لقوس عدالة المحكمة وهيبتها ورئيسها القاضي دايفد راي، وضرب بعرض الحائط كل أصول اللياقة والقانون، وحوَل مرافعته إلى عرض ساخر واستفزازي و”تشبيحي”، لا يخلو من “المظلومية” المفتعلة.
وعلى الرغم من التسهيلات والحقوق القانونية القصوى لفريق مكتب الدفاع لحماية مصالح المتهمين (خصص له أسبوعاً كاملاَ أي خمسة أيام مع تمديد ساعات إضافية بينما خصص للإدعاء ثلاثة أيام ونصف اليوم)، إلا أن لابروس آثر تغطية قصور أدلته عن دفع التهم عن موكله عنيسي عبر النفي والتشكيك وعجزه عن مواجهتها بأدلة مضادة، وتنفيذ “عملية إنتحارية قضائية وقانونية” بتحقير المحكمة، وانتهاك حرمة محكمة الدرجة الأولى ورئيسها وإطلاق التهم بانحيازه والتعرض شخصياً للمدعي العام وفريقه.
غير أن حكمة القاضي راي، أحبطت “عملية لابروس”، وقطعت الطريق على هذا المحامي عبر تعطيل مفاعيل توتره العالي ومناكفاته المكشوفة من جراء دفاعه الضعيف، الذي أفقده توازنه خلال الجلسة، فلم يمكّنه من جرّ المحكمة والقضية الحساسة التي ينظرفيها إلى مكان آخر، وقابله بروية لا تخلو من حزم مع تنبيهه المتواصل إلى أنه لا يتعامل مع المحكمة ومعه شخصياَ باللياقة المفترضة.