كتب قاسم خليفة في “المستقبل”:
دنت ساعة الحقيقة، وأسدلت ستارة مرافعات العصر في جريمة العصر. ٩ أيام برسم العدالة أفاض فرقاء الدعوى على مدى ساعات طوال، بدلوهم القانوني والجنائي، الذي استعاد ذهولاً ووجعاً وتحسّراً موغلاً في وجدان الذاكرة اللبنانية، ولم تقوَ 13 سنة صعاب على محو ندوبه في الرواية الحزينة وتفاصيلها.
الإنتقال إلى مرحلة الإجابة على السؤال الأساس الذي لطالما التهجت به ألسنة أولياء الدم واللبنانيين من خلفهم: من حرّض وخطّط ونفّذ قتل الشهداء رفيق الحريري ورفاقه؟ بات على قاب قوسين أو أدنى، يُلفط «في أقرب وقت ممكن»، من على أعلى قوس عدالة دولية تنظر في أول جريمة إرهابية من نوعها وبشكل غير مسبوق حدثت في دولة عربية من البوابة اللبنانية، لترسي للمرة الأولى في هذه المنطقة ثقافة عدم الإفلات من العقاب.
«تسعاوية العدالة» في مقر المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي، التي يُحاكم فيها غيابياً أربعة متهمين ينتمون إلى «حزب الله»، أعلن عن اختتامها رسمياً رئيس غرفة الدرجة الأولى القاضي ديفيد راي في كلمة بليغة ومتعاطفة مع المتضررين الذين «خسروا أحباء لهم أو أصيبوا أو تضرروا من جراء اعتداء 14 شباط 2005»، أصحاب القضية بالدرجة الأولى، الذين سافر 21 متضرراً، من أصل 72 متضرراً مشاركين بالإجراءات، لحضور جلسات المحاكمة، وشارك 17 منهم بجلسات علنية، آملاً أن «يُساهم حضورهم في تخطيهم هذه المأساة بشكل من الأشكال».
القاضي راي، الذي أدار الجلسات بشكل متوازن وحكيم، ولم يخضع خلالها لاستفزازات بعض فريق الدفاع وطريقة تصرفه غير اللائقة شخصياً، فيما أغرقه البعض الآخر بمطوّلات خارج السياقات الجنائية، «تنفي للنفي» مرافعات الإدعاء المتماسكة من دون أن يسوق أي دليل مفيد، وصف المرافعات الختامية بـ«الجوهرية»، وآثر عرض ملخّص تاريخي لإبراز المحطات والقرارت والمرافعات التي مرت بها المحكمة، وصولاً إلى اختتامها أمس، في رد على المزاعم والانتقادات حول الوقت «الطويل» الذي استغرقته، و«كي يعطي فكرة عن المهمة الضخمة التي تواجه غرفة الدرجة الأولى» فأحصى فقط أنّ مرافعات الفرقاء الختامية امتدت على ما يقارب 44 ساعة، وضمت سجلات المحكمة 3131 بيّنة وإفادات 307 شهود وتمتد الصفحات المحضرة باللغة الانكليزية إلى 37 ألفاً، 37500 بالفرنسية، و 19100 بالعربية وتضم سجلات آلاف الوقائع المتعلقة بالمواقع الخلوية وبيانات الاتصالات وتحركات المشتبه بهم.