عقدت قوى الإنتاج المتمثلة بالهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام ونقابات المهن الحرة ونقابات قطاع التعليم والإدارة العامة، لقاء جامعا تحت شعار “معا لإنقاذ الوطن”، في مقر الاتحاد العمالي العام، رفضا “للتأخير في تشكيل الحكومة، وحفاظا على مقدراتنا وحماية لأوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية والانتاجية وصونا لبلدنا ومستقبل أجيالنا”.
أولى الكلمة كانت مع رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير فقال: “كفى، البلد بأهله ومؤسساته وطبيعته وترابه ومياهه وهوائه لم يعد باستطاعته التحمل”.
وأضاف: “لقد شبع اللبنانيون من لعبة عض الأصابع، التي لم ينتج عنها سوى الألم والنزف والخسائر والتي لا يحصدها سوى الناس. كفى هدرا للوقت وللفرص المستمر منذ سنوات طويلة، والذي يهدد اليوم مؤتمر سيدر والنفط والغاز وكل أمل بإعادة النهوض بالبلد”.
وتابع: “مع كل هذا لا تزال القوى السياسية متمترسة وتتصارع من أجل ربح مقعد أو مقعدين، لكن النتيجة المزيد من انعدام الثقة بالبلد، المزيد من الفقر والبطالة وهجرة الشباب والتراجع المعيشي، المزيد من إقفال المؤسسات وانحدار الأوضاع الاقتصادية والمالية، المزيد من تردي الخدمات والتجاوزات والفساد، والكثير الكثير من التعب النفسي”.
وأردف: “فعلا البلد بات يضيق بأهله وبناسه، الذين باتت حياتهم اليومية من الصباح حتى المساء تسير على وقع الأخبار السيئة والمناكفات والفضائح والشائعات. والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة هنا: إلى أين؟ بالمختصر المفيد، هذا بكل صراحة هو الخراب بعينه، اتقوا الله، ما حدا أكبر من بلدو”.
وناشد القيادات السياسية قائلا: “اتركوا الحسابات الخاصة جانبا، المطلوب ألا تعلو أي حسابات على حساب الدولة والشعب. نريد حكومة اليوم، حكومة جامعة توحي بالثقة، فليتفضل الجميع ويقدموا التنازلات”.
وأضاف: “الشعب اللبناني تعب ومن واجب القوى السياسية العمل على إراحته وتلبية كل وعودها له في زمن الانتخابات، وتوفير سبل العيش الكريم وكل الخدمات التي تحسن مستوى حياة اللبنانيين وتوفير كل الظروف التي تفتح آفاق العمل والانتاج والإبداع. من واجب القوى السياسية أن تعمل على تحفيز الاقتصاد وتوفير مناخ ملائم للأعمال لزيادة تنافسية لبنان وخلق فرص عمل للشباب والشابات، ووضع حد للهدر والفساد والتجاوزات والتعديات على الإنسان والبيئة والطبيعة”.
وتابع: “لقد وعودنا قبل الانتخابات بالمن والسلوى، وزايدوا علينا كثيرا، ونحن ننتظر أن يفوا بوعودهم، ويشكلوا الحكومة فورا ويبدأوا بورشة الإصلاحات المالية والإدارية والقطاعية، ويطلقوا العنان للحكومة الإلكترونية وللعمل المؤسساتي، ويحدثوا القوانين ويذهبوا سريعا لتنفيذ مؤتمر سيدر، ولإكمال مشوار النفط والغاز وغيرها”.
وختم: “لم نسكت من قبل، ولن نسكت لا اليوم ولا غدا، فلا تدفعونا إلى التصعيد واتخاذ خطوات غير مستحبة لدينا”.
بدوره، قال رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر: “في دولة محرومة من الخدمات والبيئة النظيفة والنقل والضمانات الاجتماعية والمستشفيات الحكومية والتعليم الرسمي والجامعة اللبنانية والكهرباء والماء والدواء، وأخيرا وهنا المصيبة الكبرى، التأخر في تأليف حكومة لينتج عن ذلك ضعف في الاقتصاد والإنتاج وضغط على اليد العاملة اللبنانية وتراجع في الصناعة والتجارة والسياحة والإسكان والزراعة وعدم زيادة الأجور والاستعانة بيد عاملة أجنبية”.
وأضاف: “ينتفض الاتحاد العمالي العام ويقول مع كل الهيئات الاقتصادية والمهن الحرة والشخصيات المجتمعة هنا، نعم لتأليف الحكومة فورا ودون أي إبطاء، نعم لحكومة أكفاء وخبراء، حكومة الشخص المناسب في المكان المناسب بعيدا عن المحاصصة والتبعية والشروط بعيدا عن اهتراء متراكم عمره سنوات”.
وخاطب المسؤولين قائلا: “يجب عليكم أيها المعنيون أن تبادروا فورا إلى تشكيل هذه الحكومة لتواكب نجاح الجيش والأجهزة الأمنية ولتكون بابا إلى النعم: نعم لمعالجة اقتصادية فورية وضمن خطة إنقاذ مستقبلية تضمن النفط والغاز لأجيال المستقبل، نعم لدولة إصلاح المؤسسات بعيدا عن الفساد والسمسرات، دولة القضاء والأجهزة الرقابية بعيدا عن التهرب الضريبي، نعم للكهرباء والماء والاتصالات والبيئة والنقل والحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي والجامعة اللبنانية والمستشفيات الحكومية والسياحة، نعم للقروض السكنية للفقراء وذوي الدخل المحدود، نعم للزراعة، نعم للاقتصاد الإنتاجي البنيوي البعيد عن الريوعات، نعم لمراجعة الاتفاقيات ولصياغة اتفاقيات تحمي إنتاج وصناعة لبنان، نعم للانفتاح والتعاون مع الأشقاء بما يحفظ مصلحة لبنان العليا، نعم لوقف التهريب وفتح المعابر للتصدير، نعم لإعادة النازحين وفق المبادرات المطروحة، نعم للحوار الاجتماعي وإنصاف العمال والكادحين والفقراء وزيادة الأجور وفق المؤشر السنوي للغلاء. نعم لسياسة ضريبية عادلة”.
وسأل: “أين أصبحت دولة القانون والمؤسسات؟ أين الدولة من العمال والفقراء والكادحين وذوي الدخل المحدود؟ أين الدولة من المعضلة الاقتصادية الكبيرة التي نعيش فيها؟ أين الدولة من حماية اليد العاملة اللبنانية؟ أين الدولة من شعبها؟”.
وختم: “إننا كاتحاد عمالي عام نعلن أن الغد لن يكون كالأمس وسنبادر إلى التحرك والتصعيد بكل الوسائل الديموقراطية المتاحة لحماية الشعب المنكوب الذي قارب حدود اليأس والقنوط والهجرة”. لن نسكت بعد الآن وستكون لنا اجتماعات تقييمية لنتائج هذا اللقاء على أن نبدأ التحركات والخطوات التصاعدية والاعتصامات في القريب العاجل بعد التشاور مع مكونات هذا اللقاء”.
من جهته، قال نقيب المهندسين جاد تابت: “يشهد لبنان أزمة خانقة تتسبب في خسائر بشرية ومادية واقتصادية وبيئية واسعة النطاق وتؤدي إلى كوارث اجتماعية من شأنها إذا استمرت أن تهدد المقومات الأساسية للوطن”.
وتابع: “لا يمكن أن تستمر القيادات السياسية في الالتهاء بالجدال البيزنطي حول توزيع الحصص والمنافع في ما بينها، في الوقت الذي تعاني فيه كافة القطاعات الاقتصادية وأوسع الفئات الشعبية من تداعيات الأزمة التي تتفاقم يوما بعد يوم”.
وختم: “البلاد اليوم في مهب الريح، مما يتطلب إعلان النفير العام من أجل اتخاذ خطوات جريئة لوقف التدهور ومكافحة الإهدار والفساد وإلا فإن السفينة ستغرق بالجميع”.
وفي نهاية اللقاء، أعلن رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد “الوثيقة الصادرة عن قوى الانتاج المجتمعة في مقر الاتحاد العمالي العام بتاريخ 25 أيلول 2018، والتي قال فيها: “تلتقي قوى الإنتاج، وقاسمها المشترك: لبنانيتها. همها تفادي أزمة اقتصادية. لتدارك كارثة اجتماعية في وطنها. تلتقي لتنقل واقعنا الاقتصادي الآخذ في التداعي إلى حد فقدان التحكم بآلية تأمين أبسط الحقوق المعيشية في أسس البنية المجتمعية لأن الترهل أصاب جسم الإدارة وعين الرقابة وبصيرة السلطة”.
وأضاف: “لذا، أتت تطلق صرخة تحذير هي وليدة تراكم أيام وشهور وأكثر، لسنين. فالأمل بحياة عادية طبيعية يومية معيشيا اقتصاديا واجتماعيا يكاد يتلاشى لولا عزمها على الاستمرار في حصد ثمار الحياة بوجه التمادي في سياسة زرع اليأس. وحتى لا يزول الأمل ويتعطل العمل في المرافق الرسمية، وتتخدر المشاريع في الأدراج والمكاتب، وتتفاقم البطالة في البيوت والشوارع، أتينا نطلق من حناجر القلوب، من قلق العيون، ومن فراغ الجيوب صرخة واحدة لا يختلف فيها صوت صاحب العمل عن الموظف، والموظف عن النقابي في أي نقابة ومهنة حرة”.
وتابع: “أتينا نقول: لا تجعلوا الاقتصاد تجاذبا سياسيا في بلدنا ولا تضحوا بالمصالح الجماعية الوطنية لتحقيق مكاسب فئوية آنية. إنه التهاون المؤدي إلى الهوان، بل التهاون المنعكس تهاودا في دورة الاقتصاد، وترنحا في مسيرة البلاد”.
وأردف: “إننا نأبى سقوط الدولة في لعبة الوقت، والتلهي عن زمن الناس بالانصراف إلى زمن الملل السياسي، فلا ننفذ الخطط الاقتصادية المرسومة، ولا نعالج الأوضاع المعيشية المأزومة، ولا نعنى بفقدان شبابنا الباحثين عن فرص بديلة، فالسياسة أثبتت ان بينها والمواطنين فجوة”.
وأضاف: “انطلاقا من كل ما تقدم، تطالب قوى الإنتاج: عمال، أصحاب عمل، ومهن حرة بالذهاب فورا إلى تشكيل حكومة جامعة ونوعية وذات مصداقية، البدء بالإصلاحات المالية والإدارية والقطاعية، الشروع بمكافحة واستئصال الفساد واعتباره أولوية وقضية وطنية، اتخاذ قرار حازم بوقف الهدر وشد أحزمة مختلف مؤسسات الدولة، العمل على عودة سريعة وكريمة للنازحين السوريين، إطلاق مسارات تنفيذ برنامج تطوير البنى التحتية الذي اقره مؤتمر سيدر، وإقرار وبدء تنفيذ خطة النهوض القطاعية الواردة في مشروع رؤية لبنان الاقتصادية، وإطلاق حوار مسؤول ينتج ميثاقا اجتماعيا حديثا، صياغة سياسة بيئية تحافظ على الموارد البيئية وترمم ما أصابها من دمار، بقاء قوى الإنتاج صفا واحدا لإعلاء صوت الحق”.