كتبت مرلين وهبة في صحيفة “الجمهورية”:
بَدا النواب متحمسون في الجلسة التشريعية الأولى بعد الانتخابات النيابية. وتوقع الرئيس نبيه بري حسب قوله، شغب النواب الجدد فتفاجأ لأنها أتت من القدامى. أمّا الرئيس المكلّف سعد الحريري فبدا مرتبكاً في جلسة الأمس، وراح يتنقّل بين مقعده ومقاعد النوّاب، ومن هناك رفع يديه كمن يتبرّأ من التأخير في تشكيل الحكومة، مؤكّداً أنّه لا يحبّذ الرسوم الضريبية، ولا المحارق الّا انّه «مرغم على فعل شيء ما أمام العالم الذي يستهزئ بنا». وتمالك الحريري نفسه طوال الجلسة خصوصاً عندما دعا اللواء جميل السيّد الحكومة الى الانسحاب لأنها بحكم المستقيلة، وبالتالي لا تحظى بثقة المجلس. الّا انّ بري اعترض مطمئناً انه لن يعطي الحكومة اي صلاحية استثنائية للتشريع.
القوانين لا تصبح نافذة في ظلّ حكومة تصريف أعمال. هذا ما يعلمه اللبنانيون وذكّر به اليوم من ساحة النجمة غالبية النواب، إلّا أنّ نقاشهم حول المرجعية القانونية لإدارة مشروع القانون المتكامل للنفايات الصلبة الذي دام في الجلسة الصباحية أكثر من 4 ساعات كاد أن «يولّعها»، وكأنّ القانون الذي أقرّ فعلاً أمس سيصبح نافذاً غداً! أمّا المهم فكان ما ذكّر به الرئيس المكلّف سعد الحريري وسط جدل النواب حول حساسية عمل اللجنة الرقابية ومرجعيتها وتمويلها لافتاً بما معناه أنّ المشروع برمّته سيبقى حبراً على ورق إذا لم تؤمَّن له الإيرادات عن طريق الاستدانة أو من خلال فرض ضرائب جديدة. زد على ذلك عدم تشكيل الحكومة.
«فؤاد خليل»، هو الاسم الجديد الذي أطلقه رئيس مجلس النواب نبيه برّي على وزير المال علي حسن خليل، مشبّهاً إيّاه بالرئيس فؤاد السنيورة، بعدما تُليَت المادة التي يقترح بموجبها الخليل مصادر التمويل في قانون الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، والذي ستتبعه المحارق، سبّبت جدلاً أثناء الجلسة، فقرّر برّي إرجاء البحث بها الى ما بعد إقرار المشروع.
المشروع برمّته لقي اعتراضاً من نواب الكتائب ورفضاً قاسياً من النائب بولا يعقوبيان التي غادرت قبل التصويت، معتبرة انّ النواقص تشوبه ويليق بالقرون الغابرة ومن المعيب أن يقرّ قانون يليق ربما بالعام 2010 بعد أن أصبحنا على مشارف 2020، مؤكّدة انّ المحارق لن تخضع للرقابة، وطالبت المجلس بفرض قانون الفرز من المصدر.
النائب سامي الجميّل حذّر من الوضع الاقتصادي المأساوي كاشفاً عن أنّ الإيرادات انخفضت في الأشهر الـ4 الأولى من السنة، على الرغم من زيادة الضرائب. وطالب بحوار اقتصادي، فردّ برّي بأنّ الحوار تمّ في لجنة المال عندما شارك فيه 42 نائباً، وقال: «اذا لم تشكَّل حكومة قريباً فسنذهب الى الحوار».
تعديل المادة المتعلّقة بمرجعية الهيئة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة أشعل الجلسة، بعدما كافح نواب المستقبل لإبقائها في رئاسة الحكومة فيما «تسابق» نواب «التيّار الوطنيّ الحرّ» بقيادة الياس بو صعب لإبقائها في يد وزير البيئة، بعدما تمّ تعديل المادة 13 من القانون.
النائب جورج عقيص دعا الى التوفيق بين فرصة سن إطار تنظيمي للنفايات وتبديد هواجس المجتمع المدني والمنظمات البيئية في آن معاً، من خلال اقتراح تقدم به تكتل «الجمهوريّة القويّة» بإنشاء هيئة رقابة عليا يكون أكثرية اعضائها من المجتمع المدني، ولكن الاقتراح لم يؤخذ وامتنع نوّاب «القوات اللبنانية»عن التصويت بعدما فشلوا في إعادة المشروع الى اللجان.
المعارضة السنية مع الحريري
المواجهة بدت أيضاً سياسية، واللافت انّ النواب السنّة المستقلين ساندوا الرئيس الحريري بشأن مرجعية عمل الهيئة الرقابية وليس وزير البيئة الذي لم يتكلّم طوال الساعات الـ4، واكتفى بمساندة التيّار لصلاحيته. الكتائب كانت أيضاً من أبرز المعترضين على ارتباط الهيئة مباشرة بوزير البيئة، لكن عند التصويت سقط الاقتراح. النائب علي فياض أوضح لـ»الجمهورية» انّ جميع القوانين التشريعية وكلّ النقاشات التي تتعلّق بالنظام الإداري تأخذ طابعاً سياسيّاً.
نواب من «المستقبل» حاولوا رفع سقفهم بالقول انّ المسائل الكبرى، قبل قضية المحارق والنفايات، تستلزم الرجوع الى رئاسة الحكومة وليس الى وزير.
النائب بو صعب حذّر من انّ المشكلة القادمة بعد شهرين أمَرّ من المحارق، مؤكّداً انّ جميع القرى سترفض الطمر ونعود الى نقطة الصفر اذا لم يُقرّ هذا المشروع اليوم. وطالب الوزارة بإعفاء البلديات من الرسوم المكدّسة المتوجّبة عليها وأيّده النائب سامي الجميّل.
أمّا النائب أسامة سعد فأكّد أنّ المحارق يعارضها الخبراء والنشطاء البيئيّون، والقانون يتكلّم عن منهجية توافقية ولا بدّ من سماع كلام الناس لأنّهم مصدر التمويل، فهم الذين يدفعون الرسوم من جيوبهم مرّة من الموازنة ومرّة من الرسوم البلدية ومن الخلويّ.
الرئيس سعد الحريري قال إنه طلب من البلديات خططاً «لكن للأسف ليس هناك اقتراحات سوى من بلدية أو اثنتين». «أنا ايضاً لا اريد محارق لكن في المقابل لا أريد أن يُقال انّ لبنان عاجز عن القيام بأيّ خطوة لحلّ أزمة نفاياته». وأكّد انّ القانون ضرورة، ويعلم انّ هناك دائماً حلولاً أفضل. أما بالنسبة لموضوع الرسوم فيدرس لاحقاً.
النائب سيمون أبي رميا ذكّر بأنّ الدولة تدرس موضوع النفايات منذ 8 سنوات، وطالب بإضافة اعتمادات للبلديات لأن لا إمكانيات مادية لديها.
الفرزلي: «انطري يا زبيدة»
اللافت في مشروع قانون المحارق فشل جميع المحاولات لرده الى اللجان لإعادة صوغ بعض المواد، خصوصاً المتعلقة بالهيئة الوطنية لإدارة ملف النفايات. وأبرز المعترضين على ردّه الى اللجان كان نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الذي علّق على الموضوع بالقول: «وماذا نقول للناس بعد كل هذه السنين «انطري يا زبيدة».
وكان النائب عماد واكيم قد طالب بتأجيل البت في القانون، ريثما يؤخذ بملاحظات الخبراء الاوروبيين المبعوثين من قبل الاتحاد الاوروبي، بهدف إعادة دراسة اقتراح القانون. لكنه لم يؤخذ بعين الاعتبار.
النائبان بهية الحريري وجميل السيد طالبا بإضافة بند مخصص بالتوعية البيئيّة في المدارس، لتغيير السلوكيات وصولاً للتدوير والفرز.
التأخّر بتشكيل الحكومة
ومن أبرز المواضيع في الجلسة كان التأخّر في تشكيل الحكومة الذي وصفه سامي الجميّل بأنّه جريمة، وأنّ الدين العام سيرتفع عام 2019 وسيصدم العالم.
أمّا الرئيس برّي، فأكّد التوجّه الى الحوار إذا لم تُشكّل الحكومة قريباً.
اللافت في الجلسة انّ 19 نائباً تحدثوا عن خطورة النفايات وتصويت نواب كتلة اللقاء الديموقراطي لصالح وزير البيئة، في وقت أبدوا اعتراضهم على اعتماد المحارق، وشددوا على ضرورة اعتماد الحلول البيئية السليمة.
مصادر تيار المستقبل لفتت الى الجمهورية انّ ما أقرّ اليوم هو «إطار قانون»، بحيث أصبح هناك غطاءً قانونياً للدولة امام الاستحقاقات المقبلة وخاصة قبَيل اقتراب مؤتمر سيدر.
الجلسة المسائية
الجلسة المسائية كانت هادئة نسبة الى جلسة الصباح، واللافت انها لم تشهد أي جدل سياسي أو أي تعليق يذكر من قبل النواب على مشاريع القوانين، فأقرّت جميعها من دون أي تعديلات.
فبعد إقرار القانون رقم واحد في الجلسة الصباحية المتعلق بالنفايات، أقرّ في الجلسة المسائية القانون 2 ويتعلق بالمعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي.
كما أقرّ مشروع قانون رقم 3 المتعلق بالوساطة القضائية في لبنان، والقانون رقم 4 الرامي الى حماية كاشفي الفساد. امّا القانون المُقدّم من النائب السابق جوزف المعلوف، الرامي الى مكافحة الفساد في عقود النفط والغاز، فكان المشروع الخامس الذي أقرّه مجلس النواب في الجلسة المسائية، وبعده رفع بري الجلسة الى صباح اليوم.