كتبت رلى إبراهيم في صحيفة “الأخبار”:
أكّد رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني أن لا خيار إلا المحرقة لمعالجة أزمة النفايات في العاصمة. وكرّر في حديث إلى «الأخبار» الحديث عن «مزايا» معامل التفكك الحراري، وهي «التكنولوجيا» الأفضل لمعالجة النفايات، وعن ضمانات لحسن سير انشائها وتشغيلها ومراقبة عملها. وإذ رفض تحديد الموقع المقترح لإقامة المعمل، اشار الى انه سيكون في «منطقة قريبة من المرفأ». عيتاني الذي رمى مسؤولية متابعة تطبيق عقد الكنس والجمع والنقل مع شركة «رامكو» على محافظ بيروت، كما رمى عليه مسألة الترخيص لإقامة مشروع «ايدن باي» على الملك العام في منطقة الرملة البيضاء، تمنّى على أفراد المجتمع المدني «ألا يتكلّموا بالبيئة إلا إذا كانوا خبراء فيها». أما هو فقد «راكمت خبرة في العامين الماضيين، وبات بامكاني محاججة أيّ كان في هذه المواضيع»! وفي ما يأتي نص الحوار:
لماذا لا تفرز بيروت نفاياتها؟
بدأنا عملية الفرز منذ مدة بالتنسيق مع الجمعيات وأهمها «أركنسييل»، كما تمكنا بالتعاون مع الجامعة الأميركية من فرز نفايات رأس بيروت على أن نتوسع لاحقاً الى بقية الأحياء.
لكن لماذا التأخير في ما كان يفترض أن يبدأ منذ عامين؟
لم نستلم مسألة معالجة النفايات الا منذ 6 أشهر. قبل ذلك كان الملف في عهدة مجلس الانماء والاعمار.
لماذا لا تلتزم شركة «رامكو» المكلفة بدفتر الشروط في ما خص مستوعبات النفايات؟
على العكس «رامكو» تلتزم بالشروط، وهناك مستوعبات للنفايات المفروزة وأخرى للنفايات غير المفروزة، لكن يتم رمي النفايات عشوائياً.
كن ذلك يخالف العقد الذي يشترط وضع ثلاثة مستوعبات (واحد للمواد العضوية وآخر للمواد القابلة للتدوير وثالث للنفايات العامة)، كما أنه يشترط وضع مستوعبات مختلفة في بيروت عن الضواحي؟
لا، العقد يحدد مستوعبين.
لدينا نسخة من دفتر الشروط الذي يؤكد على المستوعبات الثلاثة.
نحن مع تطبيق العقد الذي تم التوافق عليه. رفعنا طلباً الى المحافظ بهذا الشأن. أظن أنه جرى تغيير مستوعبات بيروت منذ مدة.
أليس باستطاعتكم الزام الشركة التي تتقاضى 14 مليون دولار في السنة التقيد بالشروط؟
المسؤولية هذه تقع على عاتق المحافظ، ونحن طلبنا منه التشدد في تطبيق البنود.
دفتر الشروط أيضا يحتم على الشركة الملتزمة تنظيف الشواطىء والحدائق العامة لكن الواقع أن الشاطىء ليس نظيفاً.
«رامكو» تقوم بواجبها في هذا الصدد، الا أن سبب عدم النظافة هو الناس. هناك من يرمي النفايات باستمرار رغم كل حملات التنظيف التي تحصل. لذلك أطلب من سكان بيروت احترام النظام، كما نعمل على ايجاد آلية بالاتفاق مع المحافظ تقوم على فرض غرامات على من يرمي النفايات.
بما أن الحديث عن النفايات، لماذا خيار المحرقة؟
بيروت منطقة محدودة ولا اراضي واسعة فيها لاجراء عملية الطمر. اليوم نرسل نفاياتنا الى برج حمود والكوستا برافا وصيدا. اذا كان لدى الدولة خطة ما وتستطيع تأمين أراضي لنا خارج بيروت لنطمر فيها نفاياتنا بعد فرزها ومعالجتها سنوافق مباشرة. اما خطتنا الحالية فمبنية على الفرز من المصدر ثم الفرز مجددا في المصنع ثم معالجة النفايات قبل ارسالها الى معمل التفكك الحراري الذي يتيح لنا انتاج الطاقة.
هناك من يقول إن هذه التكنولوجيا قد تلائم البلدان الأوروبية ولكنها لا تتلاءم مع بيئتنا وامكانياتنا خصوصا أنه ليس بامكاننا تغيير برغي في المحرقة اذا ما تعطلت؟ ولماذا لا يتم معالجة النفايات وتحويلها الى سماد؟
لن اتحدث عن اعتراضات على تكنولوجيا أثبتت نفسها لمدة 50 عاما. الصراحة أننا لم نجد حلّا أفضل من هذا الحل في ظل استقلالية بيروت. ومعمل التفكك الحراري مبني على قرار مجلس الوزراء باقتراح من لجنة البيئة وموافقة وزارة الداخلية. وقد أقرت هذه الخطة ولحظت اللامركزية، فيما ذهبنا الى اعتماد التكنولوجيا الأفضل. أما في ما خص تحويل النفايات الى سماد، فهذا حل يحمل خطر معمل التفكك نفسه اذا لم تكن هناك دقة في معالجة النفايات وفرزها. لا بل يشكل خطرا أكبرا لأن السماد يتم استعماله في الأراضي ويهدد آلاف العائلات بالتسمم.
كيف سنثق بطريقة الحرق وبالمراقبة التي يجب أن تؤمن لضمان عدم نشر السرطان في المدينة خصوصا أن لا مختبرات مؤهلة لدينا لفحص الانبعاثات؟
للمسألة شقان هنا، فللمرة الأولى صاحب التكنولوجيا والاستثمار من الخارج. وفي الشروط المعدّة، يفترض بالمستثمر الأجنبي أن يمتلك حصة في الشركة لمدة 25 عاما مع منعه من تجييرها الى أي جهة أخرى. لذلك أسماء هؤلاء على المحك. أضف على ذلك أن هناك مهندساً مستقلاً لمراقبة الانشاءات ومكتب مراقبة يجري فحوصات دورية فيما الاستشاري يراقب كل العملية. من جهة أخرى، ستتكفل البلدية بانشاء مختبر على نفقتها خارج نطاق المصنع لاجراء فحوصات عشوائية. وقد يتم تركيب شاشات على الطرقات تظهر النتائج المخبرية وتعطي معلومات دقيقة عما يجري في معمل التفكك الذي سينتج انبعاثات أخف من أي مولد كهرباء موجود بين المنازل. وقد تقدمت باقتراح لتأليف هيئة مراقبة على المختبر تتألف من وزارة البيئة والمجلس الأعلى للبحوث العلمية وأساتذة جامعيين من الأميركية والقديس يوسف واللبنانية الأميركية واللبنانية والعربية.
منحنا الأمن العام جزءاً من عقار الحرج خوفا من التعديات عليه
لماذا لا يتم اشراك أعضاء المجتمع المدني في هذه الهيئة؟
ــــ سيحصل ذلك ونطمح للتعاون معهم. بالمناسبة أتمنى عليهم ألا يتكلموا بالبيئة الا اذا كانوا خبراء فيها.
وهل أنت خبير بيئي؟
أنا مهندس.
هذا لا يجعلك خبيراً بيئياً!
لقد راكمت خبرة في العامين الماضيين نتيجة الدراسات التي أجريناها واطلعنا عليها والاجتماعات مع الجهات المعنية، وبات بامكاني محاججة أيّ كان في هذه المواضيع.
لكن هذا يضعك في المرتبة نفسها مع من ليسوا خبراء بيئيين وراكموا خبرة مماثلة؟
عنيت أن يكونوا خبراء بالبيئة أو مطلعين على الملف البيئي باتقان. فالتقنيات لا تواجه بمشاعر انسانية.
هل يمكنك اطلاعنا على المكان الذي سيستقبل المحرقة؟
لم نحدد مكانا معينا بعد.
لكن ما هي الخيارات المتاحة؟
سنضع معمل التفكك في منطقة قريبة من المرفأ ولا يمكنني اضافة اي معلومة قبل اتمام دفتر الشروط.
ماذا عن رماد القعر والرماد المتطاير؟
رماد القعر هو مادة صلبة سيتم وضعها تحت الطرقات أي تحت الزفت. أما الرماد المتطاير فسيعالج وفق القانون الاوروبي اضافة الى اي قوانين لبنانية ستصدر أو تعدل. وهذا الرماد يشكل نسبة 2% من النفايات التي تدخل الى المحرقة. وسيتم توضيبه في مستودعات خاصة وترحيله الى الخارج. لدينا تجربة في هذا السياق وهي احدى الجامعات الكسروانية التي ترحل نفاياتها الطبية الى أوروبا.
من سيتحمل كلفة الترحيل الباهظة؟
الكلفة ستكون على عاتق المتعهد ومن ضمن الشروط المطلوبة، ابرازه وثيقة مصدقة من الدولة التي تستقبل النفايات ولن نوقع عقدا اذا لم يتم استيفاء هذه الأمور.
يقال إن كلفة المحرقة ستبلغ 400 مليون دولار؟
لا أظن ذلك. الكلفة تتراوح بين 200 و250 مليون دولار.
كيف نقتنع أن البلدية لن تذهب الى حرق النفايات بالكامل من دون معالجتها لا سيما أن المحرقة معدّة لاستقبال 650 طناً بالحدّ الادنى وهو ما تنتجه بيروت من نفايات؟
كمية النفايات التي نجمعها يوميا تعادل 750 أو 800 طن، علما أن المعمل لن يُنجز قبل 3 سنوات حيث يتوقع أن تزيد نفاياتنا بنسبة 3%. ولنفترض أن الفرز المنزلي بلغ 5% ووصل الى 15% في المصنع، سيبقى لدينا نحو 650 طناً من النفايات التي نلتزم بحسب دفتر الشروط أن نوصلها الى المعمل.
المساحات العامة
لماذا تفتقد بيروت الى المساحات العامة والى الفسحات الصغيرة التي تشكل متنفسا للمدينة؟
صراحة نحن نعمل على تأمين مساحات عامة.
كيف ذلك وأنتم تبيعون فضلات عقارية باستمرار بدلا من الاستفادة منها لتشجيرها ووضع مقعد خشبي فيها؟
لا تصلح كل الفضلات لهذا الموضوع فبعضها صغير جدا.
ولكن البعض الآخر كبير نسبيا لخلق فسحة صغيرة؟
صحيح ينبغي أن نعمل على هذا الأمر.
ماذا عن الحدائق العامة غير المؤهلة والسلف التي تعطى باستمرار للتشجير وما شابه؟
اعترف أننا مقصرون ومتأخرون في ما خصّ الحدائق. لكننا لزمنّا مشروع صيانة الحدائق لشركة ولم نعد نعتمد مبدأ السلفة المالية.
لماذا أعطيتم اذناً للأمن العام باستعمال قطعة أرض من حرج بيروت فيما يفترض أن الحرج موقع طبيعي محمي علماً أنكم عارضتم الأعمال التي باشرتها المديرية قبل نحو ثلاثة أسابيع؟
أعطيناهم قطعة من الأرض على شكل مثلث وهي مزفتة وخالية من الأشجار وتقع لجهة الطيونة.
هل يبرر ذلك الامعان في التعدّي على العقار 1925 الذي يشكل الحرج جزءاً منه ولماذا لا يتم زرع هذه القطعة بدل البناء فيها؟
منحنا الأمن العام هذا الموقع خوفا من التعديات (!) فالموقع خال وهناك أبنية بجواره.
البلدية غير قادرة على حماية عقارها؟
لا أعني ذلك. هناك أصلا تعديات تعود الى مدة بعيدة وهناك عدة انشاءات موجودة على العقار وبعيدة عن الحرج، إذ تفصل بينهما طريق طويلة مزفتة.
لماذا وافقتم على منح مبنى «ايدن باي» رخصة؟لم نفعل. الرخصة معطاة من محافظ بيروت زياد شبيب وينبغي سؤاله عن هذا الأمر.
«الانجازات»
بالعودة الى مشاريع البلدية، ما هي المشاريع التي يمكن أن نقول إن البلدية نفذتها خلال عامين؟
ــــ هناك العديد من المشاريع التي لزمت ووضعت قيد التنفيذ. مثلا نعمل على توسيع كورنيش عين المريسة وذلك يحتاج الى الحديث عنه بشكل خاص.
ما هو المشروع الذي تحقق فعلا؟
(يطلب رئيس البلدية تزويدنا بالتقرير السنوي لتقدم الأعمال 2017 حتى نطلع على «الانجازات»).
ما سبب التأخير في تأهيل نفق سليم سلام ولماذا أهدر عام بين الاستشاري والمتعهد للاتفاق على نوع الاضاءة التي ينبغي تركيبها؟
أسباب التأخير في النفق تتعلق بنوعية المواد وقد أصبحت جاهزة الآن.
ما الذي يعيق تنفيذ خطة النقل العام لمدينة بيروت التي وعدتم بها وانشاء خط لسير الباصات ومواقف للسيارات؟
اتخذنا قرارا بتحضير دفتر شروط لانشاء مواقف للباصات. ونبحث شراء باصات صديقة للبيئة من اسطنبول تعمل على الكهرباء. وفي هذا السياق، سيقوم وفد تركي قريبا بزيارة بيروت. الا أن هذه الخطة جزء من دراسة يجريها مجلس الانماء والاعمار مع البنك الدولي. ويتم العمل على خط منفصل للباصات من شمال بيروت نحو بيروت. لذلك لا يمكننا أن نعمل بشكل فردي ويفترض أن تكون الخطة متكاملة.
احد أسباب زحمة السير هي السيارات التي تركنها شركات الفاليه باركينغ أمام المطاعم الفخمة في بيروت فتضيق الطريق. لماذا لا تعمدون الى تنظيم هذا الأمر ومنع هذه المخالفات؟
لا تملك بلدية بيروت عناصر شرطة يؤازرونها وهذه المسؤولية تقع على عاتق شرطة بيروت. رغم ذلك نعمل على ازالة العوائق من سيارات متروكة وغيرها. كثيرون يظنون أننا مسؤولون عن المياه والكهرباء وغيرها وتتم مراجعتنا بهذا الشأن، الا أن لا صلاحيات فعلية للمجلس البلدي سوى أنه سلطة تقريرية.