كتب انطوان غطاس صعب في صحيفة “اللواء”:
عُلم أن سلسلة اتصالات جرت على أعلى المستويات خلال الأيام القليلة الماضية بغية التهدئة ليس فقط على خط التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي فحسب، بل على عدة خطوط سياسية ومقار رسمية، ومرد ذلك دقة المرحلة والمخاوف التي قد تنجم عن التطورات الإقليمية والدولية وارتداداتها على لبنان الذي غالباً ما تصله وتعصف به الرياح الإقليمية، ولهذه الغاية تشير الأجواء من خلال المتابعين والمواكبين للأجواء الراهنة إلى أن هناك توافقا ضمنيا بين الرؤساء الثلاثة على خط التهدئة مهما احتدمت الخلافات السياسية، ومن هذا المنطلق مرّ قطوع تسريب «Voice» النائب ياسين جابر على خير وسلام على الرغم من حدة المواقف التي أطلقها جابر، ولكن متطلبات المرحلة اقتضت بأن يلتزم الجميع بمسار التهدئة بعيداً عن الردود والردود المضادة.
أوساط ديبلوماسية مطلعة تؤكد بأن ما يجري في سوريا يعتبر التصعيد الأخطر في المنطقة منذ سنوات طويلة، لا سيما وأنه بات صراعاً أميركياً روسياً على الأراضي السورية، ناهيك عن صراع اللاعبين الإقليميين من إيران وإسرائيل وتركيا، وعلى هذا الأساس فإن لبنان الذي يتلقى دوماً شظايا هذه الصراعات والخلافات بات ينتابه القلق والخوف خصوصاً على خلفية ما جرى مؤخراً بعد إسقاط الطائرة الروسية والهرج والمرج السائدين بين واشنطن وموسكو، ولكن المعلومات المتأتية من أكثر من جهة إقليمية ودولية تؤكد بأن القرار الدولي تجاه لبنان القاضي بتحييده عن نيران وحروب المنطقة لا زال ساري المفعول، وليس هناك أي إشارة تؤكد على استهدافه، أو أن يتحول إلى ورقة ومنصة من خلال ما كان يسمى من حروب الآخرين على أرضه، لأن الظروف الحالية لها خصوصيتها وتحديداً وجود النازحين السوريين على أرضه وبأعداد هائلة والمجتمع الدولي يهمه الحفاظ عليهم وعدم حصول أي حرب أو خلل أمني في لبنان في ظل هذا الكم الهائل من النازحين، إذ من شأن ذلك أن يغير من الجغرافيا السياسية والعسكرية، لذلك ينكب المسؤولون في لبنان على تحصين الجبهة الداخلية لمواجهة التطورات الدولية والإقليمية مسلحين بدعم دولي للحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان بمعزل عن كل هذا الغليان الحاصل حالياً في الإقليم على إيقاع قرع طبول الحرب.
ونتيجة هذه الاوضاع المأزومة في المنطقة، فالمعلومات المتوافرة تجزم بأن هناك مظلة دولية لحماية الاستقرار في لبنان، لا زالت قائمة على الرغم من التباينات السياسية، لكن ذلك لا يحول دون استمرار التنسيق اللبناني – الدولي، في حين يؤكد مصدر امني لـ«اللواء» على رغبة دولية وغربية ببقاء لبنان بمنأى عن كل ازمات المنطقة، وتحديداً الحروب المتنقلة بأشكالها كافةً، وبالتالي لم يعد لبنان منطلقاً او ساحةً لتلقف اية تداعيات امنية اقليمية على ارضه لتترجم لاحقاً عمليات ميدانية عسكرية على ارضه، ولا سيما ان كل المسؤولين الأمنيين الدوليين الذين يزورون لبنان، يشددون على هذه الرغبة، والتأكيد على استقرار لبنان، والثقة الكبيرة بمؤسساته الامنية وجيشه الذي اثبت كفاءة وقدرة على مواجهة الارهاب.