كتبت كاتيا توا في “المستقبل”:
الى حدٍ بعيد، يشبه يوسف عبد الرحمن دياب، الموقوف في ملف تفجير «مسجدي التقوى والسلام” في طرابلس في آب العام 2013، ميشال سماحة الذي يمضي محكوميته بسجنه 13 عاما بتهمة محاولة القيام باعمال ارهابية عبر ادخال متفجرات من سوريا الى لبنان وبمساعدة اللواء السوري علي المملوك بهدف اغتيال شخصيات سياسية ودينية شمالاً.
فسماحة الذي «تمسك» بـ«الثقة، الثقة، الثقة» بالمخبر ميلاد كفوري لتبرير فعلته، هي نفسها التي استخدمها دياب اثناء استجوابه امس امام المجلس العدلي بعد 5 سنوات على التفجير الارهابي المزدوج، عندما «تغلبت علي الثقة» بالمتهم الفار حيّان رمضان، فرافقه في «رحلة» احضار السيارتين المفخختين من الداخل السوري، وقاد احداها فيما تولى المتهم الآخر الفار احمد مرعي قيادة السيارة الثانية وقاما بركنهما قرب المسجدين بعد ان تنكرا، الاول دياب بوضع نظارة وقبعة والثاني بثياب رجل افغاني لتنفجرا بفارق دقائق وتوقعان ما لا يقل عن 55 شهيدا فضلا عن مئات الجرحى من المصلين.
«لم يساورني الشك مطلقا حول نية حيان نظرا لثقتي به»، يقول دياب الذي، على الرغم من طلبات الاخير منه بمرافقته في البدء الى الداخل السوري مع احمد مرعي ومن ثم تمويه شكله ورمي الهاتف الذي فجّر من خلاله السيارة كما طلب منه حيان ذلك، لينفي بعد ذلك المتهم علمه المسبق بتفخيخ السيارة وانما «كان يعتقد ان حيان اراد منه ان يركنها قرب مسجد السلام ليأتي شخص آخر ويأخذها»، مضيفا ان السيارة وهي من نوع فورد، كان حيان بصدد بيعها لتمويل المركز الطبي الذي اراد انشاؤه.
وعلى بعد امتار من احد الحواجز في الداخل السوري، حيث شاهد دياب مسلحين تحت صور للسيد حسن نصرالله والرئيس بشار الاسد، جرى تسليم السيارتين لحيان رمضان نافيا معرفته بالمتهم الفار النقيب السوري محمد علي، وكانوا حينها قريبين من الحاجز.
وبالفصحى، وقف دياب الذي لم يكن بعد قد بلغ سن التاسعة عشرة عند تنفيذ الجريمة، امام المجلس العدلي برئاسة القاضي جان فهد ليواجه وابلا من الاسئلة لامست السبعين سؤالا، خلال ثلاث ساعات ونصف لم تكن كافية لانهاء استجوابه ما دفع برئيس المجلس الى ارجاء الجلسة الى 30 تشرين الثاني المقبل.
تحدث دياب عن «رحلة» احضار السيارتين المفخختين من الداخل السوري واللتين «باتا» ليلتهما في موقف تحت منزل حيان رمضان في جبل محسن قبل تفجيرهما في اليوم التالي، وسبق ذلك حديثه، وبالفصحى ايضا، عن علاقته بحيان رمضان «ذات السمعة الحسنة والحالة الشعبية التي اخذها من والده كونه كان معروفا باعماله الاجتماعية».
ويحرص دياب على التكرار بان السيارة وفي طريقه الى جبل محسن قد مرت على حاجزين للجيش الاول في دير عمارعندما اخضعت السيارة لتفتيش دقيق، وفق تعبيره، ومرت مع انه لم يكن يملك رخصة سوق«لكن العسكري لم يدقق في الامر»، ثم على حاجز المنكوبين في طرابلس قبل ان تأخذ طريقها الى جبل محسن، لينطلق من ذلك الى نفي علمه المسبق بانها كانت مفخخة ولو كانت كذلك لكشفها العسكري من خلال«تفتيشه الدقيق»، وهو بذلك تراجع عن اعترافاته الاولية والاستنطاقية عندما قال بانه كان على علم بان السيارة مفخخة، ناقلا عن قاضي التحقيق استغرابه لاعتراف المتهم امامه، وما اعترافه هذا سوى لكونه قد تعرض«للتهديد في شعبة المعلومات في حال بدّل افادته حيث وُضع في سجن انفرادي، ولا يزال، ليأتي السؤال عما تغير منذ توقيفه الى الان طالما انه لا يزال موقوفا لدى»المعلومات«وبالانفرادي، فكان جواب المتهم:»انا الان كبرت 5 سنوات وعندما اوقفت كانت الصورة لدينا ان المعلومات هم اكثر من اسود«، مضيفا:»ما اقوله الان هو الحقيقة«.
وبالعودة الى علاقته بحيان رمضان، فان المتهم تعرف عليه في المسجد حيث كان حيان إمامه وعمل معه في مساعدة المحتاجين ثم طلب منه مساعدته في الدخول الى سلك الدولة كون لحيان علاقات مع احد المقربين من مسؤول جهاز امني، فوعده بذلك، الى ان قام دياب مرة بزيارة شقيقته في سوريا حيث اوقفه حاجز سوري وكاد ان يعتقله بسبب تخلفه عن»الخدمة الاحتياطية«، وعاد الحاجز الامني وسمح له بالعودة الى لبنان بعدما اعلمه انه من جبل محسن، ثم لجأ المتهم الى حيان لمساعدته في حل المسألة فوعده خيرا.
وكان المتهم يتردد الى منزل حيان حيث تعرف هناك على المتهمين احمد مرعي وسلمان اسعد وخضر شدود وجميعهم فارين، وهل كان حيان يجد حاجة للانتقام لاهل جبل محسن خلال تلك الاجتماعات في منزله، فيجيب المتهم ان حيان لم يقل هذا الكلام بشكل صريح انما شارك في المعارك التي حصلت في طرابلس.
في احدى المرات، اصطحب حيان “الشبان الثلاثة” مرعي واحمد ودياب بسيارة في جولة في طرابلس وبوصولهم الى المسجدين دلّ عليهما، وكان ذلك قبل التفجير بحوالي اسبوعين. استتبع ذلك»جولة اخرى«الى مقام الشيخ يوسف الرداد»من اجل التبريك«انما هذه المرة برفقة والدة مرعي سكينة اسماعيل التي تحاكم غيابيا وولديه، حيث لاقاهما الى هناك حيان، وتوجه دياب ومرعي وحيان الى مكان لا يعرفه، وبقي اسعد ووالدة مرعي وولديه، وساروا في ارض ترابية حيث التقى حيان شخصا علم لاحقا انه المتهم حسن جعفر، ثم اكمل الثلاثة سيرهم في ارض جبلية حيث شاهد دياب اعلاما لبنانية ولحزب الله وصورا للسيد نصر الله والاسد، ومسلحين منهم بثياب مدنية، وبعد مرورهم على حاجز عسكري، التقى دياب بشخص ثم حضرت سيارتان طلب حيان منه ومن مرعي قيادتهما الى جبل محسن وانطلقوا كلٌ ب»سيارته«، حيث توجهوا الى مطعم قبل وصولهم الى جبل محسن بعد ان عرّجوا على المقام حيث كانت سكينة وحفيديها لا زالا هناك مع سلمان اسعد قبل ان يتوجهوا جميعا الى المطعم ومن هناك الى جبل محسن، ولدى استفساره من حيان عن السيارتين قال له انها من اجل تمويل المركز الطبي الذي ينوي حيان انشاءه، وفي اليوم التالي اجتمع دياب ومرعي وشدود واسعد في منزل حيان الذي طلب من الاول ركن سيارة الفورد قرب مسجد السلام وسلمه هاتفا اصر عليه ان يرميه بعد طلب رقم بداخله، وطلب من شدود ان يرافقني على دراجته النارية، كما طلب من مرعي قيادة سيارة الـ”جي ام سي” وركنها قرب مسجد التقوى على ان يرافقه سلمان احمد بسيارته ليعيده الى جبل محسن.
وبالفعل، يتابع المتهم، يوم 23 اب حضرنا الى منزل حيان الذي كان طلب مني ان اموّه في شكلي واحضر زيا افغانيا لمرعي، و«وقمت انا بقيادة السيارة وبوصولي الى المكان لم استطع ان اركنها فقمت بجولتين وعدت وركنتها صفا ثانيا على الطريق وابقيت المفتاح فيها كما طلب حيان، ثم صعدت على الدراجة النارية وراء شدود وتوجهنا الى البحصاص-الكورة لان حيان طلب منا العودة الى جبل محسن على هذه الطريق، ووحينها اتصلت بالرقم انما لم اسمع دوي انفجار وعلمت بالتفجير من شقيقتي التي اتصلت بي واخبرتني بذلك.
وهل التقيت بحيان بعد عودتك الى جبل محسن، قال دياب بانه لم يلتق به حينها لان حيان كان قد اعلمه بانه قد يتوجه الى سوريا في اليوم نفسه، انما بعد ايام التقاه وشدود واستفسر منه عما حصل حيث طمأنهما حيان بان لا علاقة لهما بالامر، ليخلص المتهم الى القول:»انا تطوعت لمساعدة حيان من تلقاء نفسي«، قبل ان يرفع رئيس المجلس الجلسة الى الثلاثين من تشرين الثاني المقبل بعد ثلاث ساعات ونصف، لمتابعة استجواب المتهم من قبل النيابة العامة الممثلة بالقاضي عماد قبلان والادعاء الذي تمثل امس بالمحاميين لينا شحيطة ومحمد بوضاهر ووكلاء الدفاع عن المتهمين احمد غريب وانس حمزة وحسن علي جعفر والاظناء الشيخ هاشم منقارة واحمد محمد علي وشحادة شدود المخلى سبيلهم فيما يحاكم بالصورة الغيابية 10 متهمين.
يذكر ان استجواب المتهم تم من دون محام حيث صرح الاخير بانه لا يرغب بتوكيل محام للدفاع عنه»لان احدا منهم لم يلتزم معي بالحضور حيث انا محتجز”.