بحث وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل مع وزيرة خارجية النمسا كارين كنايسل ملف النازحين السوريين والأوضاع والتطورات في المنطقة.
واعتبر باسيل، بمؤتمر صحافي مع نظيرته النمساوية، أن “هناك تشابها بين لبنان والنمسا في الجغرافيا، ونتفق سويا على أننا في موضوع النأي بالنفس بما لا يتعارض ومصالحنا الحيوية ولا يمس بأمننا وحياتنا، وهذه سياسة مفيدة تجاه الآخرين، إما بتدخلهم في شؤوننا أو تدخلنا نحن في شؤونهم، وغير ذلك هو مسألة تمس بأمننا ووجودنا واقتصادنا كمسألة النزوح التي تجمعنا في الكثير من الأفكار المتشابهة”.
وتابع: “نريد أن نعمل مع الحكومة النمساوية والمجتمع الدولي وكذلك الاتحاد الأوروبي لإيجاد الصيغ التي تؤمن العودة السريعة والآمنة والكريمة والمستدامة للنازحين السوريين وإعادتهم إلى وطنهم، سواء كانوا في لبنان أو في أي بلد آخر في العالم، لأن مكان السوريين هو في بلدهم، وهكذا تستقر سوريا وتحافظ على نسيجها وتعود مكانا للتنوع والحوار وليس مكانا لجذب الجماعات الإرهابية لتحارب في سوريا أو لتنطلق إلى العالم. سوريا هي مكان للحوار والتعايش وليست لتربية الخلايا الإرهابية وإطلاقها للمس بالسلام والأمن الدوليين”.
وأضاف: “اعتقد أننا نتشارك في الكثير من الأفكار حول آليات العودة وكيف يمكننا أن نعمل على تغيير السياسات الدولية في هذا الخصوص وتأمين ليس فقط الظروف إنما الشروط والضمانات التي تعطى للنازحين كي يرتاحوا إلى أن عملية عودتهم ستتم في الظروف التي تؤمن الكرامة والأمان معا، وقد سمعنا وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم الذي أكد استعداد بلاده لاستقبال كل سوري راغب في العودة وتوفير ما يلزم، ونحن نعتقد أن عددا كبيرا من النازحين السوريين، سواء إلى لبنان أو إلى أوروبا ليسوا بالنازحين السياسيين، بل هم نازحون اقتصاديون أمنيون بسبب الظروف الأمنية التي زالت بمعظمها حيث يسود الأمن في معظم المناطق السورية”.
وأشار إلى أن “البحث ونظيرته النمساوية تناول العلاقات الثنائية والميزان التجاري”، شاكرا النمسا على مشاركتها في “اليونيفيل وعلى مواقفها التي تتفهم قضية لبنان وقضية عودة الفلسطينيين إلى بلدهم ومسألة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وكل ما يهم المنطقة لجهة إحقاق العدالة بين الشعوب وتحقيق سلام تتوافر فيه شروط الاستدامة بين الشعوب على أساس العدالة والحقوق”.
بدورها، قالت الوزيرة النمساوية: “احترم لبنان وشعبه لكرمه في استضافة النازحين السوريين على مدى السنوات الماضية، علما أن سوريا كانت موجودة في السابق كقوة وصاية عسكرية فيه”، داعية إلى “دفع موضوع عودة النازحين إلى الأمام وتغيير السياسات في معالجة هذا الأمر، والأخذ في الاعتبار الواقع الحالي على الأرض وتحسين الواقع الاقتصادي في سوريا وإعادة الأعمار”.
وعما إذا كانت الكلمة التي ألقتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة دفاعا عن بعض الدول العربية في المنطقة، أثرت في سياسة ومواقف بعض الدول الغربية والأوروبية الرافضة لإعادة النازحين حاليا كونها تربطها بالحل السياسي للأزمة السورية، فيما أسقطت إحداها اسم لبنان من بين الدول المضيفة لأكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري على أراضيه؟ أجابت: “دعوت الدول إلى تغيير سياستها تجاه عودة النازحين السوريين، ولكن النمسا ملتزمة بسياسة الاتحاد الأوروبي في هذا السياق”.
وردا على سؤال، قال باسيل: “احتراما لمبدأ عدم تداخل الشؤون الخارجية في شؤوننا الداخلية والتي لم يأت منها إلا الضرر على حياتنا السياسية الاعتيادية ومنها مسار تأليف الحكومة، اكتفي بالقول أنه في كل الدول الديمقراطية تحصل مشاكل في تأليف الحكومات ومنها في أوروبا واتمنى أن يتجاوز لبنان هذا الموضوع قريبا ليكون جاهزا لحل المشاكل المفروضة عليه ومنها ملف النازحين الذي، وللأسف عندما كانت الحكومة بكامل قدرتها قلت لأكثر من مرة أنها عجزت عن حل هذا الملف ولم تقم بواجباتها كما يلزم وكنا نتوقع أن تخف الضغوط الداخلية بعد الانتخابات النيابية وتتوفر الإمكانية لمقاربات أكثر واقعية وأكثر سيادية لمعالجة هذا الملف الذي هو من أولويتنا وضروري أن يرد في البيان الوزاري وأن تكون هناك نية فعلية للحكومة أنه من الأولويات لأنه يرتبط مباشرة بالملف الاقتصادي”.
واعتبر باسيل أنه “من مصلحتنا ومصلحة الشعب السوري في الوقت نفسه أن يعود إلى سوريا، وما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب من على منبر الأمم المتحدة يساعدنا في سياستنا لأنه ليس موضوعا معولما والتعاطي معه بالطريقة نفسها وأفضل حل للنازحين أن يعودوا إلى وطنهم”.
وختم: “اعتقد أن الموقف الذي أعلن من قبل الرئيس الأميركي واجتماعاتنا مع الإدارة الأميركية أفضت إلى تطور نوعي في الموقف والذي يقول أن العودة بالنسبة لهم الطوعية ونحن نقبل في هذه المرحلة فلبنان حتى اليوم لم يجبر أحدا على المغادرة، ولكن لبنان في المبدأ يرفض كلمة “الطوعية” فربما تنتهي الأزمة في سوريا بشكل كامل والبعض لا يريد العودة هذا ما يجعلنا نرفض كلمة “طوعية”، إنما العودة الطوعية والآمنة تعني تأمين الضمانات لتتم بالشكل الذي يجب أن تتم فيه وهذا موضوع يجب عدم عرقلته ولا يجوز ربطه بالحل السياسي يكفينا هذا لنتابع عملنا ونؤمن العودة تباعا وهناك عدد من السوريين الذين يعودون الى بلادهم ما يؤكد أن العودة ممكنة”.