تستضيف أنقرة هذا الأسبوع اجتماعًا رباعيًا روسيًا – فرنسيًا – ألمانيًا – تركيًا، سيعقد مبدئيًا على مستوى وزراء الخارجية، يخصص للبحث في النزاع السوري عمومًا ووضع إدلب خصوصًا، وربما مهّد لقمة رباعية لقادة هذه الدول في تشرين الأول الجاري. فقد أشارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الجمعة الماضي، خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في برلين، إلى أن “يجري حاليًا الإعداد للقمة ونحن نؤيد حصولها بمشاركة رؤساء الدول، لأن الوضع لا يزال هشًا”، موضحةً أن الأمر سيتعلق بالوضع في محافظة إدلب.
وفي وقت برزت في الأيام الماضية تباينات بين رعاة آستانا الثلاثة، وتحديدا بين أنقرة وموسكو من جهة وطهران من جهة ثانية، في النظر إلى كيفية معالجة الوضع في إدلب – وقد حُسمت بما يلتقي ورؤية الفريق الأول على حساب الثاني حيث كانت إيران تفضّل الحسم عسكريًا – تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية” إن التواصل الرباعي يمهّد لمنصة جديدة ستسعى إلى إيجاد حلّ للصراع السوري.
وتعتبر أن اللافت للانتباه، في هذا السياق، أن المجموعة المرتقبة تهمّش إيران وتبعدها مرة جديدة عن اتصالات التسوية، بعد أن كان الأميركيون والروس، المختلفون على دقائق وتفاصيل مقاربة الملف السوري، اتفقوا على ضرورة وضع حد لنفوذ طهران في سوريا سياسيًا وعسكريًا.
وإذ توضح أن الاجتماع المرتقب في أنقرة سيتطرق بطبيعة الحال إلى محاربة الإرهاب في سوريا وإلى تثبيت ركائز منطقة خفض التوتر في إدلب في ضوء الاتفاق الذي توصل إليها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان منذ أسابيع في سوتشي، بما يعطّل صاعق أي مواجهات قد تتسبب بموجات نزوح إضافية إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، وهو أهمّ ما يقض مضاجع الأوروبيين، تشير المصادر إلى أن الرباعي سيعرض أيضًا لركائز الحل السياسي للتسوية السورية.
وقد تبين حتى الساعة أن هناك إجماعًا لدى المجتمع الدولي على إبقاء سوريا موحدة، شعبًا ومؤسسات، لكن من ضمن صيغ فيدرالية أو لا مركزيات أو أقاليم من ضمن وحدة الجيش والسياسة الخارجية والحكومة المركزية. وفي حين لم يعد رحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد شرطًا للبدء في بحث طبيعة المرحلة الانتقالية، يبدو أن ثمة توجّهًا لوضع السلطة في سوريا في يد المكون السني (الذي يصر على أن يتضمن الدستور عدم إسناد السلطة المركزية إلى الطرف العلوي)، وفق صيغة شبيهة باتفاق الطائف اللبناني تضمن مشاركة الجميع في السلطة والقرار، بعيدًا من اختزال أو تفرّد أي فئة.
وإذ تؤكد أن هذه المنصة قد تتمكن من فرض نفسها لاعبًا قويًا على ملعب الأزمة السورية وحلّها، تلفت المصادر إلى ضرورة ترقب الموقف الأميركي منها. وهو سينطلق من المقاربة التي ستعتمدها المجموعة العتيدة للدور الإيراني في سوريا، من جهة، ومن الخط الذي ستنتهجه للحل: آستانا أم جنيف؟ فإذا التقت توجّهاتها والمسار الأميركي، قد تفتح بابًا جديًا لحل النزاع السوري، وفق المصادر.