تكشف مصادر في القوات اللبنانية لصحيفة “الأنباء” الكويتية أن الدكتور سمير جعجع أولى الوضع الاقتصادي والمالي اهتماما خاصا، وحرص على تكوين صورة صحيحة وشاملة من خلال سلسلة اجتماعات مكثفة وبعيدا عن الأضواء عقدها على مدى أيام مع خبراء واختصاصيين في الشأن المالي والاقتصادي، وخرج جعجع من هذه الاجتماعات بانطباع أن الوضع دقيق وصعب وسيتجه الى الأسوأ إذا استمر في منحاه الراهن، وإذا استمرت إدارة الأوضاع بالطريقة المتبعة.
ومن هذا المنطلق يحاول الدفع في اتجاه عقد اجتماعات استثنائية لحكومة تصريف الأعمال، لأن لبنان في حالة طوارئ غير معلنة، وهذه الحالة تستدعي مواكبة من جانب الحكومة ومجلس النواب بغية إعادة الأمور إلى نصابها، خصوصا أن انعكاسات هذا الوضع لا توفر أحدا، ولا مؤشرات في الأفق تدل على أن تأليف الحكومة بات وشيكا.
فرئيس القوات لم يبادر إلى طرح ضرورة التوافق على «اجتماعات الضرورة» للحكومة إلا بعدما لمس، على غرار غيره من القوى السياسية، أن التأليف متعذر، وهذا تحديدا ما ذهب إليه السيد نصرالله بقوله «بحسب معطياتي، هناك غباشة، فلا شيء سيظهر، لا في القريب ولا في البعيد في شأن تشكيل الحكومة».
وفي المعلومات أن جعجع قصد من لقائه بالحريري شرح وجهة نظره في موضوع «حكومة الضرورة» نظرا الى أن أي بحث إضافي في تذليل الصعوبات التي تعوق تأليف الحكومة لم يعد مجديا بعد تدرج القوات في تقديم التنازلات.
ووفق رؤية القوات، فإن اجتماع الحكومة يجب أن يناقش ملفات الضرورة القصوى، تماما كما حصل في جلسة المجلس النيابي، ومن هذه الملفات التي يعكف جعجع على درسها، اتخاذ قرار بحل جذري لموضوع الكهرباء لوقف الهدر الكبير ووقف نزف الخزينة السنوي الذي يقارب الملياري دولار، كذلك اتخاذ قرار بإشراك القطاع الخاص في ملف الاتصالات، وقرار آخر بالوقف الكامل للتوظيف في مؤسسات الدولة، وقرار بالضبط الصارم للتهرب الضريبي، والالتزام بالجباية في مرافق الدولة.
وفي حين تقول مصادر إن الحريري كان منفتحا على فكرة اجتماع الحكومة، تقول مصادر أخرى إن الحريري لا يريد أن يفتح عليه أبوابا مغلقة كمثل الدعوة الى جلسات حكومية، كما أن هذا الاقتراح لا يحظى بدعم وتشجيع معظم القوى السياسية التي فضلت التروي وترك المجال أكثر للرئيس الحريري لإنجاز تشكيلته الحكومية.
وفي هذا الإطار، ثمة من يطرح التساؤلات التالية: إذا كان الحريري منفتحا على النقاش في عودة الحكومة الى الاجتماع للبت في قضايا لا تتحمل التأخير، فلماذا لم يعد حتى الآن الى مكتبه في السراي الحكومي لممارسة حقه الطبيعي في تصريف الأعمال؟ وماذا سيكون موقف رئيس الجمهورية؟ وهل سيعتبر أن عودة الحكومة الى الالتئام، ولو تحت عنوان الضرورة القصوى، هو سحب لورقة تفاوضية ثمينة من يده؟ وهل سيعتبر أن ذلك هو وجه من وجوه إدارة الفراغ الحكومي، وبالتالي سيرفضه، لأنه سيعتبر تسليما بعدم تأليف حكومة، وتسليما بأن عهده بات عهد تصريف أعمال هو الآخر؟