للمرة الأولى في لبنان، أجرت دائرة الجراحة في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت عملية بالمنظار داخل الأنف لاستئصال ورم في العصب البصري ممتدّ حتى الشق المداري الأعلى. وساهم هذا الإجراء المتطوّر في إنقاذ حياة طفلة في الخامسة من عمرها دخلت المركز الطبي مصابة بورم في عصبها البصري امتدّ حتى الشق المداري الأعلى.
وتتيح هذه العملية، التي تعد الأولى من نوعها، للجرّاح إمكان استئصال الأورام داخل الدماغ وفي الجزء العلوي من العمود الفقري من دون الحاجة لإحداث شقوق كبيرة أو إزالة أجزاء من الجمجمة، مما ساهم في التماثل للشفاء في وقت قصير والحد من نسبة الألم أثناء التعافي.
أجرى العملية جرّاح الدماغ والعمود الفقري الدكتور حسين درويش من دائرة الجراحة، قسم جراحة الأعصاب والدماغ والعمود الفقري في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، بمساعدة الدكتورة زينة قربان والدكتور أسامة هادي من دائرة الأذن والأنف والحنجرة اللذان استخدما المنظار لفتح مجرى الأنف. وقد أجريت العملية على الطفلة بعد أن ضغط الورم على عصبها البصري، مما أدّى إلى تدهور رؤيتها إلى حد العمى. وبعد أسبوعين من الجراحة، بدأت تتراءى للمريضة ظلال الضوء. ولمعالجة هذا النوع من الأورام، التي تندرج ضمن إطار أورام قاعدة الجمجمة، كان الأطباء يعمدون سابقاً إلى جراحة الدماغ المفتوح (حج القحف). وبفضل هذه المقاربة المبتكرة التي تم اعتمادها لأول مرة في لبنان، تمكّن الفريق الطبي من استئصال الورم من دون اللجوء لفتح جمجمة الطفلة ودماغها بل عبر استخدام المنظار والأنف فقط. وتمكنت الطفلة أن تتماثل للشفاء في غضون يومين من الجراحة، مما مكنها من مغادرة المركز الطبي على هذا الأساس.
وعن الموضوع، قال الدكتور حسين درويش: “تعد هذه الجراحة تقدّمًا ملحوظًا لجهة استئصال الأورام من قاع الجمجمة. فنحن في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، نصبو إلى إحداث نقلة نوعية في ميدان جراحة قاع الجمجمة حيث يمكننا بلوغ مناطق داخل الدماغ كان يصعب جداً مقاربتها سابقاً من دون إجراء جراحة الدماغ المفتوح،” مضيفًا: “توفر لنا هذه التقنية القدرة على معالجة أورام الدماغ والنسيج العصبي من دون الحاجة للمس بالدماغ حتى نهاية عملية الاستئصال. وبفضل هذه المقاربة الجديدة، يمكننا أن نعد المرضى بالشفاء الأسرع ومعدل أقل للوفيات نتيجة المرض.”