خلال اللقاء الذي جمعهما على هامش اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، لم يتفق الرئيسان الفرنسي ايمانويل ماكرون والايراني حسن روحاني، الا على مبدأ “ضرورة حماية الاتفاق النووي”، الا انهما اختلفا على السبل الكفيلة بانقاذه وعلى مقاربة معظم الملفات الاقليمية والدولية الاخرى التي حضرت على طاولة البحث الثنائي.
وبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، فإن الاجتماع لم يكن ناجحا، بل كان سلبيا وجاءت نتائجه مخالفة لتوقعات الجانب الفرنسي، بسبب تصلب الموقف الايراني ورفض روحاني تقديم تنازلات في هذه المرحلة في ظل الضغط الاميركي المتعاظم على ايران من خلال العقوبات الاقتصادية التي تفرضها ادارة الرئيس دونالد ترامب، عليها وعلى أذرعها العسكرية وأبرزها “حزب الله”.
وتكشف المصادر أن المحادثات تركزت على المواضيع الاتية:
-الاتفاق النووي. وهنا، شدد ماكرون على ضرورة اعلان ايران، منذ الان، استعدادها للتفاوض بشأن “الاتفاق” الذي ينتهي مفعوله عام 2025 والشروع في هذه المفاوضات في اسرع وقت وعدم انتظار انتهاء المهلة. الا ان روحاني رفض الاقتراح، ولفت الى ان بلاده لن تقبل الكشف مسبقا عن موقفها في شأن مرحلة ما بعد 2025 والاستسلام للموقف الغربي الضاغط عليها، بل تريد الاحتفاظ بهذه الورقة في جيبها وصون قدرتها على المناورة ورفع السقوف وخفضها وفق المستجدات وتقلباتها.
-الصواريخ الباليستية. على هذا الصعيد، طلبت فرنسا من ايران معالجة مسألة الصواريخ الباليستية ووقف تطويرها ونشرها وتوزيعها في المنطقة على حلفائها. الا ان طهران، مرة جديدة، صدّت الطلب الفرنسي، وشدد روحاني على ان منظومة السلاح هذه وإدارتها، موضوع سيادي و”لا تسمح ايران لاحد بالتدخل فيه وفي شؤونها الداخلية كما انها لا تتدخل في شؤون غيرها”، على حد تعبيره، و”كما لا نناقش دولا أخرى في قضايا سيادية لا نقبل ان نُناقش في هذه المسألة”.
الى ذلك، اثار ماكرون خلال اللقاء، مسألة وقوف وزارة المخابرات الإيرانية وراء “مؤامرة” في حزيران الماضي لمهاجمة مؤتمر منظمة “مجاهدي خلق” الايرانية المعارضة في فرنسا (والتي كشف عنها رسميا مطلع الاسبوع الجاري بعد سلسلة توقيفات قامت بها الشرطة الفرنسية، ما حمل باريس على فرض عقوبات على ايران ومصالحها في فرنسا).
وبسبب الاجواء المتوترة هذه التي سادت اللقاء، لم يتطرق ماكرون الى موضوع لبنان مع روحاني كما كان متوقعا. فوسط الضبابية والتباينات اللتين طبعتا المشاورات، دائما بحسب المصادر، آثر الرئيس الفرنسي ارجاء النقاش في الملف اللبناني. واذ تشير الى ان وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، بدوره، لم يعرض ونظيره الايراني محمد جواد ظريف في نيويورك، للتطورات اللبنانية وعلى رأسها التعثر في تأليف الحكومة، حيث كان متوقعا ان يطالب طهران بتسهيل المهمة، تقول المصادر ان “الجمهورية الاسلامية” لا تعتبر ان العقدة عندها بل عند السعودية، وهي ترى ان الموضوع شأن داخلي لبناني لا تتدخل فيه.