أما وقد نضجت ظروف المصالحة على مستويي القيادة السياسية والكوادر والقواعد الشعبية وانجزت اللجان المشتركة تحضيرات اليوم التاريخي الذي تتعطش اليه الساحة المسيحية في شكل خاص، فإن لقاء رئيسي حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وتيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية بات مسألة ساعات لا اكثر، على ان يعقد في احد اديرة الشمال، كما تكشف مصادر عاملة على خط التواصل والتنسيق بين الطرفين لـ”المركزية” التي اكد عبرها جعجع منذ يومين “ان الاتصالات قطعت أشواطا بعيدة وصفحة الماضي ستطوى، لتفتح أخرى جديدة قريبا جدا”.
فالخلاف السياسي على العناوين الكبرى لا سيما العلاقات مع سوريا وسلاح حزب الله وغيرها لم يقطع الطريق على التيارين المسيحيين للالتقاء في المساحات المشتركة التي قد تشكل قاعدة الارتكاز لمستقبل العلاقة على المستوى الوطني العام وصولا الى التفاهم حول التباينات السياسية الكبرى. وحتى ذلك الحين، فإن الركن الاساس لمصالحة اليوم يبقى طي صفحة الماضي بأوجاعها ومآسيها وذكرياتها الاليمة وتعميم فكرة التواصل الديموقراطي السليم والحوار البناء وتنظيم الخلاف في كل ما يتصل بالقضايا الاجرائية واليوميات السياسية لا سيما المتصلة منها بالواقعين الاقتصادي والمعيشي، على غرار ما حصل في المسرحين الحكومي والنيابي من تنسيق بين وزراء ونواب القوات والمردة في الملفات التي تعنى بشؤون اللبنانيين. على هذه الاسس، أعدّ احد نواب الشمال السابقين هيكلية ورقة المصالحة، بعيدا من الملفات السياسية الخلافية، مع تأكيد طابع المصالحة الوطني وليس الشمالي او الطائفي حصرا. وتؤكد مصادر المعلومات ان معراب تنظر الى هذه الخطوة بعين الامل الى تعميمها على سائر القوى السياسية على الساحة اللبنانية المسيحية اولا استكمالا لخطوة كانت البطريركية المارونية سبّاقة اليها من خلال دعوة القادة المسيحيين للقاء الشهير في بكركي، ووطنيا لاحقا حينما تصبح الظروف مهيأة لخطوة من هذا النوع.
ومع تأكيد الجانبين أن التقارب يرتكز في شكل أساسي على المصالحة بحيثياتها الدقيقة راهنا، ويفتح الباب أمام احتمالات تطورها في اتجاه التفاهم على السياسات الخارجية المتباينة نظرتهما ازاءها الى حد بعيد، توضح المصادر انه لا بد الا ان ينعكس لاحقا على الاستحقاقات السياسية من الحكومة إلى العمل المجلسي فالتحالفات الانتخابية، مع الاخذ في الاعتبار كل الظروف والتوازنات المحلية والخارجية المحيطة بها.
اما بعد اللقاء الذي سيتوج المصالحة بما يحمل من رمزية في مكان انعقاده، فإن لجان متابعة ستعمل في مجال تنسيق التواصل وتعميم مناخ التصالح على المحازبين والانصار من الطرفين لاجتثاث اسباب الخلاف المتجزرة في النفوس منذ الحرب الأهلية حيث كان الفريقان على طرفي نقيض، بفعل حادثة قتل والد فرنجية مع زوجته وابنتهما في عملية نفذها حزب القوات انذاك، واعلن جعجع لاحقا أنه أصيب في المعارك ولم يشارك فيها.
وفي ورقة المصالحة بحسب ما توضح المصادر عناوين ومبادئ على صلة بالوضع المسيحي وكيفية تخطي حقبات الماضي الخلافية لطي صفحتها وفتح اخرى جديدة عنوانها لم الصف المسيحي وضبط العلاقات بين الطرفين تحت سقف المصلحة الوطنية العليا. وليست المصالحة، كما تختم المصادر موجهة ضد اي فريق سياسي، وفق ما يعتبر البعض، بل انها احدى فصول المصالحات المأمول تعميمها على كل الاحزاب المسيحية كما اعلنت القوات اللبنانية في اعقاب اعلان “تفاهم معراب”.