IMLebanon

سلام: عون ينحاز إلى فريقه السياسي وهذا لا يريح البلد

رأى رئيس الحكومة السابق النائب تمام سلام ، أن “التأخير في تشكيل الحكومات في لبنان أمر بدأ منذ نحو عشر سنوات، بعدما كانت عملية التشكيل قبل ذلك تستغرق أسابيع معدودة، وأبرز مثال، أن تشكيل حكومتي استغرق نحو عشرة أشهر ونصف الشهر”.

وقال في حديث الى “السياسة” الكويتية إنه “من الواضح أن هناك عوامل داخلية تؤثر في ذلك، وتتمثل في الصراع المستمر على السلطة والنفوذ من القوى السياسية المختلفة، خصوصا في ظل الحرص على تأليف حكومات وحدة وطنية في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، وبالتالي تمادي كل فريق سياسي بالضغط للحصول على الحصة الأكبر، إضافة إلى عوامل خارجية، إقليمية ودولية، تلعب الورقة اللبنانية كإحدى الأوراق المطروحة على الساحة وفي المنطقة”.

وأكد أن “هذا لا يساعد كثيرا في ظل صراع مشتد وقائم في المنطقة تعاني منه كل الدول”، لافتا إلى أن “حكومة أكثرية هي من بين الصيغ الحكومية التي يتم طرحها، إلى جانب حكومة أقطاب وكفاءات، تفاديا للصراع القائم سياسيا بين القوى المختلفة”.

وردا على سؤال عما إذا كان يعتبر أن هناك من يحاول محاصرة صلاحيات رئيس الحكومة؟ قال: “بعد اتفاق الطائف هناك انطباع مغلوط وخاطئ أن صلاحيات رئيس الجمهورية قد أضعفت لحساب رئاسة الوزراء، وهذا غير صحيح بتاتا. فرئاسة الجمهورية ما زالت هي المرجع والحكم، بينما رئيس الوزراء أصبح مكبلا في مجلس الوزراء، إذ أن السلطة التنفيذية ما بعد الطائف وضعت في مجلس الوزراء، وليس عند رئيس الوزراء”.

أضاف: “ما نشهده اليوم يدل على مدى جهود القوى السياسية للاستيلاء والسيطرة على مجلس الوزراء وعلى قراراته، وبالتالي إضعاف رئاسة الوزراء، بحيث أن التأخير في التشكيل يعطي فكرة واضحة بأنهم يريدون محاصرة رئيس الحكومة وإضعافه، لأنه في ظل نظامنا الديموقراطي فإن رئيس الوزراء يشكل الحكومة التي يجب أن تعمل معه على تنفيذ السياسات في البلد، لا أن تعمل من خارجه أو عليه، بل معه، وبالتالي فهو من يؤلف الحكومة، لا القوى السياسية، ولا رئيس الجمهورية ولا أي أحد آخر”.

ولفت الرئيس سلام إلى أن “رئيس الجمهورية يوقع مع رئيس الحكومة مرسوم تشكيل الحكومة، ويمكن له أن لا يوقع وهنا تنشأ العرقلة، ولكن دور رئيس الجمهورية أن يساعد الرئيس المكلف لا أن يعاكسه”، مؤكدا أن “رئيس الجمهورية ميشال عون لا يؤدي الدور التوفيقي بالنسبة لعملية تشكيل الحكومة، خصوصا عندما يطرح خلافا لما كانت عليه قناعاته قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية، بأن لرئيس الجمهورية وزراء داخل الحكومة، وهو يتمسك بذلك، بينما كان يرفضه رفضا باتا ويهاجم رئيس الجمهورية الذي سبقه على هكذا إجراء، فأصبح اليوم يعتبره معطى أساسيا في تأليف الحكومة”، مشددا على أن “وجود وزراء لرئيس الجمهورية في الحكومة يضعفه ولا يقويه، لأن جميع الوزراء في الحكومة يجب أن يكونوا على علاقة جيدة مع رئيس الجمهورية الذي عليه أن يكون على مسافة متوازية من الجميع. فعندما يحق له ترؤس مجلس الوزراء ساعة يشاء، فلماذا يكون عنده وزراء”؟

واعتبر أن “الرئيس عون ينحاز إلى الفريق السياسي الذي كان يرأسه، أي التيار الوطني الحر، وهذا بالتأكيد لا يريح، لا تأليف الحكومة ولا يريح البلد”، لافتا إلى أن “هناك محاولة جدية لوضع الملامة على الرئيس المكلف في عدم تأليف الحكومة، بينما الجميع يعلم أن الرئيس المكلف ابتدع الحلول والأفكار من دون توقف وما زال لتأليف الحكومة، وهو يجابه بتعنت وصد وعرقلة، وهذا أمر أصبح معروفا، وبالتالي فإن الرئيس المكلف برأيي مقتنع من دون أي لبس أن أمامه مهمة إنقاذية وإنمائية للبلد، وأبرز محطاتها كانت مؤتمر سيدر، وهو مستعد أن يحتضن الكثير من هواجس الآخرين، وقد فعل ذلك لدرجة أن البعض يتهمه بأنه يتخلى عن مكانة رئاسة الحكومة، لكن الرئيس الحريري مقتنع أن عليه أن يساهم في إنقاذ بلده، وليس في أضعافه”.

وقال: “لكن يجب أن نقول الأمور كما هي أن هناك فريقا سياسيا كبيرا في البلد يعتمد العرقلة، وهو التيار الوطني الحر، وجاءت الفرصة لتؤكد له أن العرقلة مجدية، فعرقل البلد على مدى سنتين ونصف السنة من دون رئيس للجمهورية، وأوصل رئيسه في النهاية إلى رئاسة الجمهورية، وهذا يؤكد أن العرقلة مجدية بالنسبة له، وسيستمر فيها إلى أن ينال كل ما يريد. وهذا ليس من مصلحة البلد”.

وشدد على أن “مطلوب من رئيس الجمهورية أن يؤازر الرئيس المكلف، ويدعمه عمليا لتقديم مساعدة فعلية، لتضحية من هنا، لضغط على فريق من هناك من أجل انتاج هذه الحكومة، وفي ذلك ليس هناك أي أضعاف لرئاسة الجمهورية، بل هي قوة لمرجعية هذه الرئاسة، لأن أحدا لا يريد تحزب هذه الرئاسة ولا تسييسها لجهة دون أخرى، وهذا أمر مطلوب برأيي أكثر من أي وقت مضى، ومن الرئيس ميشال عون بالذات الذي يروجون من حوله أنه الرئيس القوي ووالد الجميع، وهو الرئيس الأب، لكن كيف يترجم ذلك، إذا لم يساعد رئيس الحكومة المكلف”؟

وقال: “كل المعطيات التي يتم التداول بها بما يتصل بتشكيل الحكومة لا تبشر بالخير، مع الأسف، لكن إلى متى يمكن للبلد أن يعيش في ظل هكذا وضع، وكأن رئيس الجمهورية مرتاح في رئاسة الجمهورية التي هي له طيلة ست سنوات، طالما أن التيار الوطني الحر يقول أنه تم تحقيق إنجازات كبيرة في السنتين الماضيتين، فلماذا الهلع وتحميلهم المسؤولية، في حين يعلم الجميع أن أوضاع البلد الاقتصادية سيئة بشهادة الجميع”؟، معتبرا أن “استمرار التسوية السياسية القائمة يتوقف على مدى نجاحها في تعزيز ودعم الوضع الوطني ككل، أما إذا كانت هذه التسوية سينشأ عنها المزيد من العرقلة والشرخ الداخلي، فستتم مساءلة هذه التسوية والتشكيك بها وبجدواها”.

واعتبر الرئيس سلام أن “الخلل الذي يشوب العلاقات اللبنانية-الخليجية، مرده إلى الأوضاع السائدة في المنطقة، وفي ظل الفوضى العارمة التي تلقي بثقلها على ما يحدث في سورية وفي المنطقة ككل، لا تساعد كثيرا على الاستقرار، وتحديدا ما يتصل بالعلاقات اللبنانية-الخليجية، لكن مع ذلك، فإن غالبية اللبنانيين وكل قيادة مسؤولة في لبنان عن مصير وصحة الوطن، لا يمكن أن تتجاهل أهمية العلاقة الوثيقة مع الدول الخليجية، والسعي الدائم إلى توطيدها وتعزيزها، بدل الوقوع في مطبات غير مطلوبة”، مشددا على “عمق العلاقات الأخوية مع دولة الكويت والمملكة العربية السعودية، وهي علاقات عزيزة علينا جميعا في لبنان، وعند إخواننا الخليجيين جميعا، ولا أحد يستفيد من إضعاف هذه العلاقة”، لافتا إلى أن “النأي بالنفس يعود إلى ما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين، وبالتالي فإن التطبيق الجدي للنأي بالنفس وحيث ما يجب، أمر مطلوب بشكل مستمر حتى في ظل حكومة تصريف أعمال، ويجب الاعتناء بهذا الأمر إلى أبعد حد، وليس فيه أي ضرر”.

وقال: “طبعاً لا يمكن إبعاد لبنان عن محيطه العربي، وهذا أمر مسلم به، وعلى لبنان أن يتفادى ويتحاشى أن توريط في أمور ترتد عليه ضررا”.

وردا على سؤال بشأن أبعاد التهديدات الاسرائيلية، قال: “إن اسرائيل لا توفر مناسبة إلا وتسعى لاستهداف لبنان واللبنانيين، لأن نموذج التعايش الحضاري اللبناني لا يناسب دولة عنصرية مثل اسرائيل، واليوم في ظل الاحتراب القائم في المنطقة، ربما ترى اسرائيل فرصة لضرب لبنان، ولكن الجميع يعرف أن اسرائيل لا تقدم على امر جدي في هذا الاتجاه، إلا إذا كان عندها غطاء أميركي، وبما أن السياسة الاميركية الحالية غير مستقرة ومزعجة، فلا ندري ما هي الترتيبات بين أميركا وإسرائيل اليوم في موضوعات عدة في المنطقة، قد تتورط فيها الولايات المتحدة من غير أن تدري، لما للصهاينة من نفوذ في الادارة الاميركية الحالية”.