Site icon IMLebanon

واشنطن لا تهتم لنداءات موسكو بالخروج من سوريا

غداة سقوط الطائرة الروسية الحربية فوق اللاذقية بنيران سورية عن طريق الخطأ، فيما كانت مضادات دمشق تتصدى لغارات إسرائيلية، رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين النبرة تجاه إسرائيل من جهة محمّلًا إياها مسؤولية الحادثة، وتجاه واشنطن أيضًا. ففي وقت أعلن أرسال منظومة صواريخ أس-300 إلى سوريا في خطوة تزعج تل أبيب وواشنطن، طالب بوتين أيضًا جميع القوات الأجنبية الموجودة في سوريا بالخروج منها، مستهدفًا في شكل خاص، في موقفه هذا، القوات الأميركية.

فخلال حضوره الجلسة العامة لمنتدى “أسبوع الطاقة الروسي” في موسكو، الأسبوع الماضي، قال إن “على الولايات المتحدة أن تحصل على تفويض أممي أو دعوة من دمشق لتواجد قواتها في سوريا”، معتبرًا أن وجودها هناك غير شرعي ويمثّل “انتهاكًا لميثاق الامم المتحدة”.

غير أن مصادر دبلوماسية غربية مطّلعة على الموقف الأميركي أكدت لـ”المركزية” أن “الولايات المتحدة لن تغادر سوريا لا الآن ولا حتى في المنظور القريب، بل هي باقية في سوريا، بناء لتوصيات الرئيس دونالد ترامب والإدارة الأميركية والموفد الرئاسي إلى سوريا جيمس جيفري”.

وبحسب المصادر، فإن مهمة القوات الأميركية في سوريا لم تعد محصورة بمواجهة تنظيم “داعش” الذي انحسر وجوده ولم يعد وازنًا في البلاد، بل باتت اليوم موجهّة في شكل خاص ضد النفوذ الإيراني في سوريا. وقد تم، وفق المصادر عينها، استقدام معدات وقدرات عسكرية أميركية إلى داخل سوريا في الآونة الأخيرة لتعزيز مواقع هذه القوات.

وإذ تقول إن للقوات الأميركية في سوريا أكثر من 12 قاعدة عسكرية من كوباني إلى الحسكة إلى الرقة ودير الزور إلى البوكمال، توضح المصادر أن الهدف الأول من هذا الانتشار هو قطع الطريق على قيام الهلال الشيعي الإيراني الذي يمتد من طهران إلى بيروت عبر العراق وسوريا. وتؤكد أن القوات الأميركية الموجودة في قاعدة التنف على الحدود العراقية السورية، لن تغادرها، بل إن العمل جار على قدم وساق لتعزيزها.

والحال، إن واشنطن ترفض أن تعير أذانًا صاغية إلى نداءات موسكو للخروج من سوريا. وفي رأي الأميركيين، لم يلتزم الكرملين بما وعد به الرئيس ترامب في قمة هلسنكي حيث تعهد بأن روسيا ستعمل على إخراج الإيرانيين من سوريا ووقف تمدد النفوذ الإيراني فيها، حتى أن اتفاق الأردن الموقع عام 2017 بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن، والقاضي بعدم وجود أي قوات إيرانية أو حليفة لطهران في جنوب سوريا وعلى مسافة 40 ميلًا من الحدود الأردنية لم تنفذه روسيا ولم تلتزم به إيران.

وحتى يتبدّل هذا الواقع، وتعود موسكو إلى الوفاء بالتزاماتها، ستتمسك واشنطن بوجودها في سوريا ولن تترك الساحة لروسيا وحدها، دائمًا بحسب المصادر، وبالتزامن، ستتواصل الغارات الإسرائيلية على أية أهداف في سوريا ترى فيها تل ابيب تهديدًا لأمنها القومي، بضوء أخضر أميركي. أما الموقف الروسي من هذا القرار الإسرائيلي فسيكون مدار بحث قريبًا بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبوتين، وقد قال الأول: “سأبحث مع بوتين التنسيق الأمني والتصدي لإيران في سوريا”.