منذ تحرير الحدود اللبنانية الشرقية من الارهابيين في معركة “فجر الجرود” التي سجل فيها الجيش انتصارا باهرا على تنظيمي “داعش” و”النصرة” وبسط سلطته على المناطق المحررة، تستكمل المؤسسة العسكرية جهودها في اتجاه ضبط الحدود الى الحد الاقصى، على رغم صعوبة المهمة بإقرار كبار الخبراء في هذا المجال، نسبة للطبيعة الجغرافية الصعبة، حيث تمتد هذه الحدود لمسافة تصل إلى نحو 370 كيلومترا مليئة بالجبال الوعرة من ضفاف نهر الحاصباني مرورا بسلسلة جبال لبنان الشرقية في محافظة البقاع إلى سهل عكار عند قرية العريضة شمالا، وهي غير خاضعة لعملية ترسيم منذ نشوء الدولتين على خريطة العالم السياسية، على رغم محاولات عدة بذلها لبنان منذ العام 2007 بعد صدور القرار 1701 في آب 2006، بهدف ضبط الحدود ومراقبتها منعا لتهريب الأسلحة إلى لبنان، باءت كلها بالفشل.
واذا كانت مسؤولية المعابر البرية الشرعية وهي: العريضة، العبودية، القاع، المصنع والبقيعة في منطقة وادي خالد تقع على عاتق المديرية العامة للأمن العام ومديرية الجمارك، فإن سائر المناطق الحدودية تبقى تحت مراقبة الجيش الذي تؤكد مصادره لـ”المركزية” انه تم ضبطها بنسبة 90 في المئة من الجهة الشرقية من خلال أبراج المراقبة التي قدمتها الدولة البريطانية وتم تركيزها داخل الاراضي اللبنانية بتراجع الى نسب معينة لعدم خلق اشكاليات مع الدولة السورية، وبلغ عددها حتى اليوم نحو 30 برجا، اسهمت في شكل كبير في ضبط الحدود، خصوصا مع تسيير دوريات عسكرية على مدار الساعة لمراقبة المناطق الواقعة بين الابراج وخارج نطاقها وصولا الى المصنع، اضافة الى استحداث مراكز عسكرية عدّة، وإقامة منشآت على الحدود شرقا وشمالا لضبط المعابر الحدودية وتنظيمها وتطويرها، وكل ذلك تمّ بمساعدة مالية وتقنية من بعض دول الاتحاد الأوروبي، لا سيما ألمانيا التي قدمت الات سكانر.
واذ تقر المصادر بوجود بعض الجيوب لا سيما قرب الهرمل شرقا ومنطقة الصويري في البقاع الغربي حيث تستمر عبرها عمليات التهريب بين البلدين ولكن بوتيرة اقل، خصوصا في بلدات حلوة، كفرقوق، وعيحا وصولاً الى عين عطا وشبعا وراشيا، تلفت الى ان وعورة الاراضي الجبلية هناك تجعل هذه العمليات صعبة للغاية خصوصا في فصل الشتاء.
وعلى امل ان تمدّ الدول الصديقة لبنان بمزيد من الاليات والتقنيات الكفيلة بضبط الحدود بكاملها من اقصى الشرق الى اقصى الشمال، تفيد اوساط سياسية عملت على خط ادارة الحدود في مرحلة سابقة “المركزية”، ان بلوغ هذه المرحلة شبه مستحيل، ذلك ان تداخل الاراضي يقف عائقا امام هذا الهدف، فالحدود غير الرسمية وعرة جغرافياً، ولا إمكانية لمراقبتها عن كثب وضبطها في شكل محكم، كما أن عمليات التهريب لا يمكن وقفها نهائياً بسبب تداخل الأراضي وعدم ترسيمها وتحديدها رسميا منذ عشرات السنين، علما ان هذا الواقع لا يقتصر على لبنان فحسب، ذلك ان معظم الدول تشهد عمليات تهريب عبر الحدود، وتبادل تجاري على نطاق فردي.
أما في الجنوب، حيث يخضع الجزء الجنوبي من نهر الليطاني لشروط عسكرية وأمنية وسياسية مختلفة، بسبب وجود قوات اليونيفيل ومفاعيل القرار الدولي 1701، فتنتشر ألوية من الجيش تعمل مع القوة الدولية الموقتة التابعة للأمم المتحدة، جنباً إلى جنب ضمن اتفاقات تقنية وتكتيكية في ما بينها، في حين باتت المناطق الحدودية الواقعة في شبعا ومزارعها شبه مضبوطة بعدما سيطر الجيش السوري على بيت جن ومحيطها واطراف الجولان والقنيطرة في اتجاه المزارع .