كتب عامر مشموشي في صحيفة “اللواء”:
اجتاحت الساحات السياسية على مدى الساعات الأربع والعشرين الماضية موجة تفاؤل بقرب ولادة الحكومة، بعد عودة رئيس الجمهورية من أرمينيا أواخر هذا الأسبوع.
هذا التفاؤل بني على إمكان حصول تبدل في موقف الرئيس عون، بعد الكلام الذي سمعه من عدّة مصادر دولية كان أبرزها موقف الرئيس الفرنسي ماكرون وما تفرَّع عنه من مواقف تصب كلها على ضرورة الاسراع في تأليف الحكومة للبدء في تنفيذ الإصلاحات الداخلية المطلوبة قبل أن تسحب الدول التي إجتمعت في سيدر المساعدات التي خصصتها للبنان لكي يتجاوز مصاعبه الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها نتيجة سوء الإدارة.
وقد تزامنت هذه الموجة من التفاؤل بقرب ولادة الحكومة العتيدة، مع المعلومات التي أفادت بأن الرئيس المكلف سعد الحريري سيزور بعبدا غداً السبت حاملاً معه مسودة جديدة معدلة للتشكيلة الحكومية، يراعي فيها الملاحظات التي سجلها الرئيس عون على التشكيلة السابقة.
غير أن المواقف التي صدرت في الساعات الاربع والعشرين الماضية من الجهات التي يحمِّلها التيار العوني مسؤولية التعثر في تشكيل الحكومة لأنها تطالب إما بأكثر من حصتها قياساً على المعيار الذي وضعه التيار نفسه، واما رغبتها في إحتكار التمثيل بما يُشكّل خرقاً للميثاقية، كما يقول رئيس الجمهورية. بدَّدت هذا التفاؤل، وتركت الأبواب مشرَّعة أمام أزمة حكومية طويلة لأن ما يحصل على صعيد الحكم، إنما هو نوع من الالغاء.
فالقوات اللبنانية التي يحمِّلها التيار العوني مسؤولية التعثر الحاصل، قالت بلسان نائب رئيسها النائب جورج عدوان ان لا علم لها بما يُحكى ويقال في الكواليس عن تلقيها عروضاً جديدة تتعلق بمشاركتها في الحكومة يُمكن ان تكون مقبولة منها لا من الرئيس المكلف ولا من غيره من الطباخين، وبالتالي فإن القوات لا ترى بأن هناك تقدّماً على صعيد المشاورات الجارية، لإنها أزمة التأليف وقيام حكومة جديدة تواجه الضغوط الكثيرة التي يتعرّض لها البلد والناتجة عن الإدارة الخاطئة للحكم.
أما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي أعرب قبل أسبوعين عن استعداده للتنازل، عندما يتحدثون إلينا ولكن ما من أحد حتى الآن فاتحنا بهذا الموضوع.
ماذا يعني ذلك، ما يعنيه أن أزمة التأليف ما زالت كما كانت عليه قبل سفر رئيس الجمهورية الأربعاء الماضي إلى أرمينيا للمشاركة في القمة الفرنكوفونية، ولم يحصل خلال وجوده في الخارج أي تطوّر أو ملامح تطوّر إيجابي في اتجاه تشكيل الحكومة، وان المراوحة ما زالت سيّدة الموقف بانتظار عودة رئيس الجمهورية إلى لبنان واجتماعه إلى الرئيس المكلف الا إذا صح ما قاله نائب رئيس حزب القوات اللبنانية من أن الرئيس المكلف يتعرّض لعراقيل عديدة وللتعدي على صلاحياته من خلال املاءات البعض له لكي يُشكّل الحكومة كما يريدون هم، وليس كما يريد هو بوصفه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، فإذا كان الأمر كذلك فيعني أن لا حكومة في المدى المنظور الا إذا كان رئيس الجمهورية قد اقتنع أثناء وجوده في أرمينيا بضرورة تقديم التنازلات التي من شأنها ان تعجل في ولادة الحكومة، لأن الوقت لا يعمل لمصلحته ومصلحة بلده، إنما العكس هو الصحيح والتاريخ لا يرحم.