Site icon IMLebanon

صمت رسمي بعد المنع الثاني لـ”سيدة الجبل”

كتب أسعد بشارة في “الجمهورية”:

حضور وازن ومتنوّع طائفياً ومناطقياً في «بيت الكتائب» في الصيفي دفاعاً عن الحرّيات العامة، والسياسية تحديداً التي بدا أنها معرّضة للقمع.

لا مكان للمفاجأة بعد منع الفندق الثاني من استضافة مؤتمر «لقاء سيدة الجبل» الذي اعلن النائب السابق فارس سعيد عن عقده في اوتيل «جيفينورـ روتانا»، من «بيت الكتائب» ليأتي الجواب في اليوم التالي بالإعتذار، على رغم الاتّفاق وتسديد المترتّبات المالية ووجود رسائل الإيميل التي تؤكد موافقة ادارة الفندق على استضافة المؤتمر.

قرار الأشباح المعلومين هو إذاً منع انعقاد المؤتمر في بيروت، أو ربما في أيّ مكان آخر، ومنع انعقاده تحديداً بالعنوان الذي طرحه أي «مواجهة الوصاية الإيرانية على لبنان»، وهنا يمكن الاستدلال في وضوح الى هوية مَن أعطى التوجيه بمنع المؤتمر، فالحاج وفيق صفا الذي اتّصل بنفسه بأخبار «الجديد» لإمرار الرسالة بين المزح والجد، أعطى الجواب، الذي بات يرد على لسان إدارات الفنادق، حيث تأتي الموافقة في اليوم الأول ويعقبها التهديد، ومن ثم الاعتذار عن الاستضافة.

سيروي سعيد اليوم في نقابة الصحافة ما حدث لمؤتمر «سيدة الجبل»، لكنّ السؤال الذي سيطرحه: أين هي الدولة من منع مؤتمر لجمعية سياسية مرخّصة، بأساليب ملتوية؟ أين هو رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور الذي يحمي الحريات العامة؟ أين هو الرئيس سعد الحريري الذي واجه والده الرئيس رفيق الحريري محاولة قمع الحرية؟ أين هو وزير الداخلية ووزير العدل؟ أين هي الدولة بكاملها التي لم يصدر عنها أيّ تعليق أو تبرير؟.

والاهم من ذلك كله أين هي القوى السياسية التي يُفترض بها قول كلمتها تجاوزاً لمشاركتها في السلطة، فهل باتت تسلّم بأنّ بيروت وقعت فعلاً تحت الوصاية، بشقّيها المسيحي والمسلم؟ وهل سطوة «حزب الله» تمتدّ من رأس بيروت الى الأشرفية التي ربما لا تجرؤ فنادقها ايضاً على استضافة مؤتمر يواجه الوصاية الإيرانية على لبنان؟

طُرحت هذه الاسئلة بقوة في لقاء الصيفي، الذي شاركت فيه للمرة الأولى منذ فترة طويلة قيادات وأحزاب، وكان لافتاً حضور الرئيس فؤاد السنيورة ممثلاً بالنائب السابق أحمد فتفت، واللواء أشرف ريفي، وحزب «الوطنيين الأحرار» ممثلاً بكميل دوري شمعون، والدكتور رضوان السيد.

اختصر الجميل «لقاء الحرّيات» بالإعلان عن أنّ هذا الاجتماع مفتوح وأنّ «بيت الكتائب» مفتوح، وأنّ أيَّ مسٍّ بالحريات العامة سيؤدي الى تنظيم لقاء ثانٍ وثالث، وقال: «جرّبوا أن يلغونا من المعادلة السياسية، فأثبتنا لهم أننا نرسم المعادلة الوطنية.

كان الكلام واضحاً، فاللقاء نجح في جمع كل المكوّنات التي لم توافق على التسوية، كذلك نجح في التحضير لانتقالها الى معارضة دائمة، هي المعارضة التي طالب أبرز المتكلمين في الصيفي بالاتّفاق على خطوطها ومعالمها، التي تُختَصَر بمبدأين: إستعادة القرار السيادي للدولة ومواجهة سوء الإدارة الداخلية الذي يكاد يودي بلبنان الى السقوط.

لم يكن كلامُ الجميّل يتيماً، فالنائب السابق بطرس حرب شدّد على حرية التعبير، مبدياً الاستعداد للوقوف في وجه «محاولة قمع الحريات»، واللواء ريفي دعا الى «ثورة استقلال ثالثة»، كذلك عبّر رئيس تحرير جريدة «اللواء» صلاح سلام باسم الرئيس ميشال سليمان و«لقاء الجمهورية» عن التضامن والاستعداد للدفاع عن الحريات.

لكنّ السؤال الابرز جاء على لسان جميع المتكلمين عن غياب مَن يُفترض بهم أن يفصلوا بين مشاركتهم في التسوية، ومواجهة قمع الحريات. عنهم قال أحد المتكلمين: «لقد اقتدوا بالعماد ميشال عون الذي خطّ طريقاً منذ العام 2006 تحالف فيه مع سلاح «حزب الله» وغطّاه باسم حفظ الاستقرار واستحالة مواجهة هذا السلاح، وهم اليوم يستعملون ما استعمله من تبريرات للتغطية على تسليمهم بوصاية «حزب الله» على لبنان».