كتبت ناتالي إقليموس في صحيفة “الجمهورية”:
عرسٌ ديمقراطي شهدته أمس الجامعة الاميركية في بيروت (AUB) وجامعة سيّدة اللويزة (NDU)، أطلق خلاله الطلاّب العنان لمشاريعهم التطويرية ولآرائهم السياسية. معركة طالبية مزدوجة إنشغلت بها ماكينات الأحزاب، وقد أظهرت النتائج الاولية، فوز حزب «القوات اللبنانية» بـ26 مقعدًا منفرداً، في «اللويزة»، مقابل 7 مقاعد للتيّار «الوطني الحر» المدعوم من حركة «أمل» وبعض الاحزاب، ومقعدين لحزب «الكتائب اللبنانية». أما في «الاميركية»، 7 مقاعد لـ«القوات» و«المستقبل»، 6 مقاعد لـ»حزب الله» وحلفائه، 5 مقاعد للنادي «العلماني». وقد تعادل «المستقبل» و»العلماني» في أحد المقاعد، تُحسم نتيجته لاحقاً.
في الظاهر كانت انتخابات طالبية، أمّا في الباطن أشبه بمعركة «كسر عضم»، وسباق على تثبيت الوجود بين الاحزاب المتنافسة، لم يوفّر خلالها المرشحون أي وسيلة لجذب الطلاب، من الاتصال بهم وحثهم على الحضور والاقتراع، إلى مرافقتهم تحت المظلة نظراً لرداءة الطقس، فيما رفع غالبيتهم لواء منع زيادة الأقساط ضمن برامجهم الانتخابية.
كيف بدا المشهد؟
في الـ AUB، حيث بلغت نسبة الاقتراع الـ63.7 في المئة بحسب بيان إدارة الجامعة، تَحالفَ «تيّار المستقبل» و«القوات اللبنانية» تحتَ شعار «Leaders of tomorrow» في وجه حلف حركة «أمل»، «حزب الله»، «الحزب التقدّمي الإشتراكي»، «التيّار الوطني الحرّ»، «الطاشناق»، «المردة»، «القومي السوري» تحت شعار «Students for change»، وفي وجه «النادي العلماني» تحت شعار «Campus Choice».
دارت المعركة على محورين: الأول حول مجلس الكلية المُقسّم على سنوات الدراسة في كل كليات الجامعة والذي يُنتخب بالأكثرية، والثاني حول مجلس الجامعة الذي يضمّ 19 مقعداً يُنتخب على أساس النسبية مع صوت تفضيلي، وهو مقسّم على الشكل التالي: الهندسة 5 مقاعد، العلوم والفنون 5 مقاعد، إدارة الاعمال 3 مقاعد، الصحة مقعدان، الزراعة مقعدان، الطب والتمريض مقعدان.
أمّا في الـ«NDU»، التي تُعتبر مقلع المناصرين للأحزاب المسيحية، فقد غابت عنها التحالفات لانتخاب مجلس الطلّاب المكوّمن من 36 مقعداً، عبر اعتماد القانون النسبي مع الصوت التفضيلي. فمعظم الأحزاب تخوض معركتها منفصلة، «القوات اللبنانية»، «التيّار الوطني الحرّ»، «الكتائب اللبنانية»، مع وجود عدد من المستقلّين.
وقد برزت مشاركة حركة «أمل» للمرّة الاولى في المعركة الطالبية عبر مرشحين لها. وبلغت نسبة الاقتراع 77.73 في المئة بحسب ما أعلنت إدارة الجامعة.
حركة «أمل»
«صوتك أمَلك». شعارٌ رافق طلّاب حركة «أمل» في معركتهم المزدوجة، مشكّلاً لهم جواز عبور لاجتذاب أصوات زملائهم. في هذا السياق، يعبّر مسؤول مكتب الشباب والرياضة في حركة «أمل» الدكتور علي ياسين في حديث لـ«الجمهورية» عن أهمية الاستحقاق، «انّها محطّة سنوية لتكريس عرس الديمقراطية. تجربة تُغني المخزون الثقافي لدى الطلّاب، وانّ السياسة هي فن الممكن، بعيداً من التعصّب، لذا نشجّع على تكريس الإنتخابات في الجامعات».
ويؤكّد ياسين أنّ الغاية من الانتخابات «لا أن نكون في مواجهة مع أحد الأحزاب إنما التهافت على خدمة الطالب».
وعن مشاركتهم في انتخابات اللويزة، قال: «هذه المرّة الأولى التي نقرّر فيها خوض التجربة الانتخابية في «اللويزة»، من منطلق إيماننا بأهمية الانتخابات، وهي تجربة ديمقراطية صرف، وليس الهدف أن نربح أو نخسر إنما أن نعلّم طلّابنا، في أي محيط وُجدنا فيه، أهمية التعاون مع الجميع بأجواء من الحرّية بعيداً من أي منطق مذهبي أو طائفي، بالإضافة إلى تحالفنا مع «التيار الوطني الحرّ»، مشيراً إلى انّ «هذه الخطوة هي الاولى من مسيرة ألالف ميل».
«التيّار الوطني الحرّ»
من جهته، أثنى مسؤول الجامعات الخاصة في قطاع الشباب في «التيّار الوطني الحرّ» مارك خوري على مشاركة حركة «أمل» في الانتخابات الطالبية عبر مرشحين لها، قائلاً في حديث لـ«الجمهورية»: «مشاركتها لا تشكّل إستفزازاً لأحد طالما هي حاضرة وبوسعها أن تحجز مقعداً لنفسها». منتقداً «المشككين والمحرّضين الذين استغلوا دخول «أمل» إلى المعركة بهدف تجييش الطلّاب واستمالة المزيد من الأصوات واللعب على الوتر الطائفي».، معلّقاً: «ولّى زمن الشرقية والغربية».
ولفت خوري إلى انّ «التيّار الوطني الحرّ، يخوض معركته في «اللويزة» تحت شعار «We» (نحن) بدعم من الطاشناق، «أمل»، «حزب الله»، و«الحزب الديمقراطي اللبناني»، مشيراً إلى انّ «الإقبال على الاقتراع في «اللويزة» إختلف بين الكلّيات، بعضها لامس الـ90 في المئة، والبعض الآخر لم يبلغ الـ70 في المئة».
اما عن تحالفاتهم في «الاميركية» إلى جانب «أمل»، «حزب الله»، «المردة»، «التقدمي الاشتراكي» و«القومي السوري»، فقال خوري: «انّه الحلف المعتاد وقد أُضيف إليه هذا العام إنضمام «الحزب التقدمي الاشتراكي». فلكل حزب حساباته الخاصة».
«القوات اللبنانية»
بهدف التوجّه للطلّاب بشكل مباشر، إختار حزب «القوات اللبنانية» شعار «You» (أنت)، للتركيز على الطالب كأولوية. فيوضح رئيس دائرة الجامعات الاميركية في «القوات اللبنانية» جومايك حشاش في حديث لـ«الجمهورية»: «نخوض المعركة في «اللويزة» منفردين، عبر 36 مرشحاً، ففي كل الكليات سنتواجد، وبرنامجنا يشمل كل الطلّاب بحسب خصوصية الكلية المتواجدين فيها». وأضاف: «رهاننا كبير جداً كي نثبت مرّة جديدة أنّ اللويزة عرين «القوات» خصوصاً وأنّها في العمق الكسرواني المسيحي».
ويتوقف حشاش عند أبرز النقاط التي يتضمنها برنامجهم الإنتخابي، قائلاً: «مشكلة الأقساط تلازمنا منذ سنوات، إذ يدخل الطالب بكلفة معينة ثم تبدأ الأقساط بالارتفاع إلى حين يتخرّج، «بفوت ع أساس شي، بيضهر بأغلى بكتير!»، وتابع: «سبق وقدّمنا للإدارة إقتراحاً بتجميد الأقساط، وأنّ أي زيادة قد تُستجد يجب أن تقتصر على الطلّاب الجدد، لذا سنعمل على تحقيق هذا المطلب».
«التقدّمي الاشتراكي»
بعد إعلانه الإنسحاب من الانتخابات الطالبية العام المنصرم، عاد الحزب «التقدمي الاشتراكي» ليخوض غمار المعارك الطالبية في معظم الجامعات. في هذا الاطار، يوضح مفوض الشباب وأمين عام منظمة الشباب «التقدمي الاشتراكي» محمد منصور لـ«الجمهورية»: «سبق وانسحبنا من الانتخابات لانها كانت تُخاض على أساس «مقعد بالزايد، مقعد بالناقص»، وليس بناء على برنامج عمل واضح يخدم الطلّاب. امّا هذه السنة وقد عُدنا لنخوض الانتخابات موضحين لحلفائنا منذ البداية انّ الطالب هو الغاية الأساسية، ومن هنا بنينا تحالفاتنا في الجامعات كافة، وهذه التحالفات لا تحمل رسالة سياسية إنما عبارة عن تلاقٍ بين الطلاب على خطة العمل التي سننفذها».
وشدّد منصور على أهمية التعاون بين الطلّاب بصرف النظر عن الرابح، «سواء ربحنا أم خسرنا سنمدّ يد التعاون للفريق الآخر من أجل تحسين ظروف الطالب الذي غالباً ما يدفع الثمن». معرباً عن أسفه «لكون مجلس الطلّاب في معظم الاحيان مجلس شكلي يعجز عن تحصيل أي مكسب أو الدفاع عن واقع الطلّاب»
«تيّار المستقبل»
تحت عنوان «Leaders of tomorrow»، هندس «تيّار المستقبل» معركته كتفاً إلى كتف مع «القوات»، وفي قرارة نفسه انّ الـ AUB صورة مصغّرة عن لبنان، حيث خليط الاحزاب، الثقافات، والديانات. وعلى حدّ تعبير مسؤول الجامعات الخاصة في «تيّار المستقبل» بكر حلاوي: «المعركة تعني لنا الكثير، وتحالفنا مع «القوات» ثابت عمره أكثر من 10 سنوات، ولهذه المعركة دلائل كبرى، تُظهر متانة التحالفات وأحجامها. فالجامعة الاميركية من المؤشرات التي يمكن الإستناد إليها لمعرفة مزاج الشارع اللبناني ونبض شبابه».
«الكتائب اللبنانية»
من جهته يؤكّد رئيس خلية طلّاب «الكتائب» في «اللويزة» انطوان معوّض في حديث لـ«الجمهورية» على أهمية الاستحقاق، قائلاً: «محطة سنوية تضع الطالب أمام مسؤولياته. من جهتنا نخوض المعركة منفردين، وغايتنا الأساسية مصلحة الطالب وخدمته بأوسع قدر ممكن».
وأضاف: «هدفنا إيصال أكبر عدد ممكن من الطلّاب إلى المجلس بهدف رفع الصوت إلى الإدارة. لذا نصّب كامل طاقتنا لتوسيع حجم تمثيلنا لأكثر من مقعدين من أصل 43 مقعداً، بحسب نتائج السنة الماضية. من هنا دعونا الطلّاب للمشاركة بكثافة، ففي نهاية المطاف علينا التعبير عن رأينا بصرف النظر عن تنوع إنتماءاتنا وتوجّهاتنا».
«لا أحد يُحجّمنا»
وليلاً، هنأ رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري الفائزين من تيّار «المستقبل» في «الاميركية» قائلًا لهم: «ألف مبروك لكم، ونحن نرفع رؤوسنا بكم، أنتم الشباب وأنتم مستقبل هذا البلد».
وأضاف: «دائماً كانت هناك محاولات لتحجيم «المستقبل» لكنكم أثبتم لهم العكس، اليوم في «الأميركية»، وقبلها في «اللبنانية الأميركية»، وإن شاء الله هذا التحالف مع «القوات اللبنانية» سيبقى معتمداً في باقي الجامعات».
وسط الكباش الطلاّبي المحتدم، تتجّه الأنظار إلى جامعة «اليسوعية» التي سيكون طلاّبها على موعد مع الانتخابات في 27 الشهر الجاري.