يتطلع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى الامساك “وحيدا” بمقاليد اللعبة السورية، نزاعا وتسوية، ويحاول، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، استخدام التفويض الذي منحه اياه الرئيس الاميركي دونالد ترامب في قمتهما في هلسنكي لفرض حل بشروط روسيّة يتعارض ورؤية الولايات المتحدة الاميركية ومصالحها!
الا ان واشنطن التي لمست المساعي الروسية هذه، لم تقف مكتوفة اليدين، بل اتخذت سلسلة مواقف تصعيدية في وجه موسكو، تريد منها افهام الكرملين ان تطبيق التفاهمات الاميركية – الروسية في شأن سوريا يشكل اولوية لديها، لاسيما لناحية إخراج القوات الايرانية من سوريا. وما لم تلتزم موسكو بما تعهّدت تحقيقه في هلنسكي، فإن اي تقدم في اتجاه الحل السوري لن يحصل.
وفي هذا الاطار، يمكن وضع اعلان واشنطن بقاء قواتها في سوريا (في وقت تصر روسيا على انسحاب القوات الاجنبية كلّها منها)، تماما كما رفضها المساهمة في ورشة اعادة اعمار سوريا من جهة والتجاوب مع المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم، من جهة أخرى.
وقد كان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو واضحا وحاسما في هذا الخصوص، حين حذر، الأربعاء، من أن الولايات المتحدة لن تمول إعادة إعمار سوريا طالما أن القوات الإيرانية أو المدعومة من إيران لم تغادر البلاد بشكل نهائي. وقال بومبيو، في خطاب أمام المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي، إن “إدارة الرئيس الأميركي تريد حلا سياسيا وسلميا بعد 7 سنوات من النزاع، الا انها تريد ايضا أن تخرج القوات الإيرانية أو المدعومة إيرانيا من سوريا”، مضيفا “لقد كنا واضحين: إذا لم تضمن سوريا الانسحاب الكامل للقوات المدعومة إيرانيا، فهي لن تحصل على دولار واحد من الولايات المتحدة لإعادة الإعمار”.
أما جون بولتون، مستشار الرئيس ترامب، والمعروف بتشدده تجاه إيران، فأعلن منذ اسابيع ان الولايات المتحدة ستبقي تواجدها في سوريا حتى بعد هزيمة تنظيم داعش. وقال، “لن نغادر سوريا طالما بقيت هناك قوات إيرانية خارج الحدود الإيرانية. وهذا يشمل الجماعات والميليشيات المرتبطة بإيران”، وحذّر طهران من أنها “ستدفع الثمن غاليا” إذا هددت الولايات المتحدة أو أيا من حلفائها.
غير ان المجتمع الدولي لا يبدو، بدوره، في وارد التجاوب مع اي مخططات روسية صرفة في سوريا، خاصة ان كانت لا تتلاقى وشروطه للحل السوري، وأبرزها خروج ايران من سوريا. فقد أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، منذ ايام، أن بلادها لن تشارك في عملية إعادة الإعمار في سوريا والعراق ما لم يتحقق حل سياسي للأزمات السياسية والأمنية في البلدين وعودة الاستقرار إليهما.
وفي حين أعرب بوتين عن أمل روسيا بأن تصبح عملية إعادة إعمار سوريا مهمة مشتركة للمجتمع الدولي، وقال خلال مراسم تسلم أوراق اعتماد عدد من السفراء الأجانب: “على جدول الأعمال حاليا انتعاش الاقتصاد المدمر والبنية التحتية وعودة ملايين اللاجئين إلى وطنهم، الأمر الذي سيقلل من عبء الهجرة في العديد من البلدان الأوروبية، ونتوقع أن تكون مساعدة السوريين على حل هذه القضايا مهمة مشتركة للمجتمع الدولي”، تشير المصادر الى ان تمنياته قد لا تتحوّل حقيقة إن لم يعدّل في مقاربته للملف السوري، لافتة الى ان هذا التحوّل مطلوب حصوله سريعا حقنا لدماء السوريين ورأفة بهم.