كشفت مصادر دبلوماسية ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أثار ثلاث مرات خلال اللقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون في يريفان موضوع الحكومة، وضرورة التسريع بتشكيلها حرصاً على مصلحة لبنان وعلاقاته، وعرضاً تضيف المصادر، جرى التطرق إلى موضوع النازحين السوريين. ومن هنا جاء حرصه على حضور الوزير جبران باسيل اللقاء مع الرئيس عون.
وكشف مصدر مطلع لـ«اللواء» ان اتصالاً سيجري بعد عودة الرئيس عون، بينه وبين الرئيس المكلف سعد الحريري، للاتفاق على عقد اجتماع يخصص للتشكيلة الحكومية التي جرى تداول أكثر من نسخة منها، والتي باتت مراسيمها اكثر من ضرورية، وذلك على مسافة أقل من 48 ساعة من الموعد المتناقص الذي ضربه الرئيس المكلف وحصره بـ10 أيام على أبعد تقدير.
وقال المصدر ان ماكرون استوضح مراحل المشاورات لتأليف الحكومة، التي كانت التقارير تتحدث عن تأليفها بعد إنجاز الانتخابات النيابية، وذلك ليس من زاوية التدخل الفرنسي في الشؤون اللبنانية، بل من زاوية متطلبات والتزامات مؤتمر «سيدر».
وكشفت مصادر الوفد الذي رافق الرئيس عون الى ارمينيا لصحيفة «اللواء» ان 3 نقاط أساسية استحوذت على لقاء الرئيس عون مع الرئيس الفرنسي ماكرون مؤكدة انه في ما خص الملف الحكومي فقد نال حيزا من النقاش حيث اكد الرئيس الفرنسي أهمية وجود حكومة في لبنان من اجل تنظيم عمل المؤسسات واستكمال تنفيذ باقي القرارات محذرا من احتمال تعرض الثقة الدولية بلبنان للخلل في حال استمر الوضع على ما هو عليه.
وفهم من المصادر بأن ذلك اشارة الى استمرار الوضع من دون حكومة وِافادت ان ماكرون اكد ان بلاده تثمن الجهود التي تبذل من اجل تشكيل حكومة جديدة لا سيما بعد الانتخابات النيابية الي جرت وعبر فيها الشعب اللبناني عن خياراته. كما اعرب ماكرون عن دعم فرنسا لكل ما من شأنه ان يساعد في ضمان تنفيذ المقررات التي صدرت عن المؤتمرات الدولية ولاسيما عن مؤتمر سيدر لأن الاقتصاد يحتاج الى جرعات من التقدم والنهوض بما في ذلك قيام الحكومة.
بدوره اعلن الرئيس عون وفق هذه المصادر ان الجهد متواصل وسيتكثف مع كافة الاطراف السياسية للوصول الى حل للملف الحكومي.
وعلم ان الرئيسين تناولا ملف النازحين السوريين حيث شرح رئيس الجمهورية وبإسهاب موقف لبنان منها ولا سيما منها العودة الطوعية مشيرا الى ان لبنان لا يطرد السوريين ولا يمارس اي ضغوطات عليهم انما يشدد على اهمية تسهيل العودة.
وتوقف عون وفق المصادر عند 3 انواع من النزوح. نزوح امني واخر سياسي واخر اقتصادي.
وبالنسبة الى النزوح السياسي، اوضح عون ان ثمة من هم مختلفون مع النظام وهؤلاء لا يتحدثون عن العودة الى حين ترتيب الأوضاع. اما في ما خص النزوح الأمني فإن عون شدد على ضرورة حصول العودة طالما ان هناك مناطق سورية تشهد استقرارا. ولفت الرئيس عون نظر ماكرون الى انه بالنسبة الى النزوح الاقتصادي فإن هناك سوريين يأتون من سوريا الى لبنان في كل نهاية شهر من اجل الحصول على المساعدات الدولية ثم يعودون الى بلدهم وهذا الامر لا بجوز ان يستمر بحسب عون الذي اكد ان الأمن العام يرصد الوضع.
وهنا تحدث الوزير باسيل الذي اكد ان عودة السوريين الى ديارهم يجب ان تتم عبر حلول واي مساعدة دولية لهم بالإمكان ان تقدم في سوريا بدلا من منحها في لبنان.
اما الرئيس الفرنسي فتوقف عند نقطة النزوح الاقتصادي واستفهم بعض الأمور ووعد بالمساعدة من خلال الامم المتحدة مؤكدا ان لا مشكلة في ما خص العودة وفق ما شرح رئيس الجمهورية مبديا التفهم والاستعداد للمساعدة.
أما الوضع في المنطقه فاستحوذ على قسم من المباحثات حيث اكد عون مجددا انه لا يمكن للبنان ان ينتظر الحل السياسي في سوريا الى ما لا نهاية لحصول عودة النازحين. كذلك توقف عون عند التهديدات الإسرائيلية ووقف المساعدات الأميركية للاونروا وهذه المسألة استوضحها ماكرون الذي وعد بتقديم المساعدة.
وعلم ان ماكرون شدد على اهمية استقرار لبنان وعدم حصول اي خرق يؤدي الى انعكاسات على الوضع الامني واصفا الاستقرار في الجنوب بالمثالي وسط كل ما يجري في المنطقة، معرباً ان تأتي الزيارة المرتقبة الى لبنان بنتائج مثمرة لمصلحة الشعبين اللبناني والفرنسي.
ووفق معلومات «الجمهورية» فإنّ الاجتماع بين عون وماكرون كان عادياً، وركز على «ضرورة ان يقوم لبنان بدوره على الصعيد السياسي من تأليف حكومة وإجراء إصلاحات وتعزيز الوحدة الوطنية و»النأي بالنفس»، لكي تتمكن فرنسا وأصدقاء لبنان الآخرين من مساعدته.
وفي المعلومات انّ ماكرون كان صريحاً وواضحاً وجازماً مع عون «بأنّ فرنسا كانت وستبقى الى جانب لبنان، ومؤتمر «سيدر» لم تعقده من اجل ان تلغيه، لكنّ أموال هذا المؤتمر ليست أموالاً فرنسية، إنما هي أموال آتية من دول مانحة عدة. وبالتالي، فإن فرنسا لا تستطيع أن تستمر في «المَونة» على هذه الدول المانحة لمدة طويلة، اذا ظل الوضع اللبناني بلا حكومة قادرة على تلقّف مؤتمر «سيدر» والمشاريع المدرجة فيه.
لذلك، تضيف المعلومات، وبعيداً من لغة «الإنذار» كما يحبّ البعض التوصيف، كان هناك تحذير فرنسي بأنّ المجتمع الدولي ينتظر من دولة لبنان سلوكاً سياسياً إيجابياً، خصوصاً انّ هناك ضغطاً على باريس لكي تعيد النظر بهذه المساعدات في حال تأخّر تأليف الحكومة.
وفي هذا الاطار تحاشى الرئيس ماكرون التصريح لسببين: الاول، أنه لا يريد التحدث عن الموضوع الحكومي اللبناني لكي لا تُتّهم فرنسا بالتدخل في الشؤون الداخلية.
والثاني، لأنّ هذا الاجتماع لم يتوصّل الى حسم موضوع تأليف حكومة متوازنة تمثّل بعدالة مختلف القوى الوطنية في البلاد. الأمر الذي تصرّ عليه فرنسا وسائر دول مجلس الأمن باستثناء روسيا والصين، وتربط مصير تعاونها مع لبنان بنوعية الحكومة المقبلة».
وضع معقد
وبعد الاجتماع، ذكر مصدر فرنسي لبعض الاعلاميين الفرنسيين «ان الوضع في لبنان لا يزال معقداً، وانّ فرنسا تنتظر ان يتحمّل الاطراف اللبنانيون مسؤولياتهم».
في المقابل، قالت مصادر الوفد اللبناني لـ«الجمهورية» ان ماكرون «كان واضحاً في تعبيره عن اهتمامه بالوضع في لبنان، مكرراً تأكيد وضع قدرات فرنسا المختلفة لتعزيز الصداقة بين البلدين وتقديم الدعم الممكن متى طلب اللبنانيون ذلك.
وأكد انه، ووفق رؤيته للتطورات في المنطقة، فإنه يصر، ومعه حلفاء فرنسا ولبنان، على احترام سيادته وسلامته وتعزيز قدرات الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية لضمان الاستقرار الذي ينعم به.
وعلى المستوى الإنمائي والإقتصادي، اكد ماكرون انّ «سيدر 1» الذي شكل اكبر المبادرات الفرنسية بعد مسلسل مؤتمرات باريس الثلاثة التي عقدت سابقاً، يشكل رافعة للاقتصاد الوطني اللبناني، وانّ تنفيذ ما تقرر فيه هو على عاتق لبنان بمختلف مؤسساته والحكومة اللبنانية. ولذلك فهو يرى (اي ماكرون) انّ الاسراع في تشكيل الحكومة هو مطلب ملح لمصلحة اللبنانيين قبل غيرهم من الدول الصديقة والحليفة.
ولم يدخل ماكرون في اي تفاصيل حيال التحضيرات الجارية لتأليف الحكومة، وعبّر عن ثقته بالمسؤولين اللبنانيين مؤكداً انه يراقب التطورات في لبنان، وقد تلقّى تقريراً مفصّلاً من موفده الى بيروت، بيار دوكان، الذي التقى المسؤولين الكبار فيه خلال اليومين الماضيين، وانّ المساعدات الفرنسية الضرورية لمساعدة لبنان على تجاوز أزمة النازحين وتردداتها السلبية مستمرة، وكذلك بالنسبة الى مهمة القوات الدولية المعززة «اليونفيل» العاملة في جنوب لبنان».
وأضافت المصادر: «من جهته أسهَب الرئيس عون في شرح الواقع في لبنان، وتناول الهواجس التي تنتابه نتيجة أزمة النازحين وتلكؤ المجتمع الدولي في اعتماد سياسة واضحة لإعادتهم الى بلادهم، معدداً النتائج السلبية المترتبة على حجم النزوح وما تركه من آثار على مختلف نواحي الحياة في لبنان.
ولفت عون الى تهديدات الإسرائيليين المستمرة تجاه لبنان ومخاطر قيامهم بأي مغامرة ضده، مشدداً على تمسّك لبنان بحقوقه في الحدود البرية والبحرية وحماية الثروة النفطية التي يستعد للمباشرة في استكشافها».