بسحر ساحر، انقلب الجمود والسلبية اللذان تحكما بمسار القطار الحكومي على مدى أكثر من خمسة شهور مطبوعة بالمماحكات والمماطلات والسقوف المطلبية العالية، ايجابية وسرعة في تأليف الحكومة الجديدة، في محاولة لتأمين إنطلاقة فعلية للعهد. فجأة نزل الجميع عن شجرة مطالبهم العالية، وأبدوا مرونة طال انتظارها لتسهيل مهمة التشكيل، وهي أجواء تحرص مختلف الأحزاب والقوى على ضخها في المشهد الحكومي.
وإذا كان المراقبون اعتادوا ركون التيار الوطني الحر إلى التفاؤل عندما تدق ساعات الاستحقاقات المهمة والكبيرة، كتأليف الحكومات، فإنه هذه المرة مشوب ببعض الحذر والترقب لما ستنتهي إليه ما يسميها العونيون “المرحلة الأخيرة” من المفاوضات تمهيدا لإعلان التشكيلة. غير أن هذا الموقف “المتأني” حكوميا لا يلغي ما يمكن وصفه بالثابتة لدى التيار الوطني الحر: لا يمكن أن تبقى وزارة الأشغال في يد تيار المردة. سهم من ميرنا الشالوحي في اتجاه بنشعي، لا يضعه التيار والدائرون في فلكه في إطار الخلاف السياسي المزمن مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بل يفضلون “النظر بواقعية إلى الأمور في المرافق العامة”، لتبرير هذا الموقف.
وفي محاولة لرسم الصورة الحكومية الايجابية، أعتبرت مصادر في تكتل لبنان القوي عبر “المركزية” أن “الأمور بلغت مراحلها النهائية، بدليل الحراك الجدي الذي شهدته الساعات الماضية”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن “رئيس الحكومة المكلف هو الذي يُسأل عن أسباب التفاؤل المفاجئ.
غير أن المصادر العونية أكدت أن “ما هو أهم من الولادة الحكومية في حد ذاتها، يكمن في الاتفاق على برنامج عملها للمرحلة المقبلة، أي ضرورة تفادي احتمالات تعطيل الحكومة من الداخل، لأن دخول الفريق الوزاري بهذه الروحية يحوّلها إلى حلبة مصارعة، نافية أن تكون، بكلامها هذا غمزت من قناة القوات اللبنانية، التي يتهمها التيار العوني بأنها لم تستهدف سواه في حكومة تصريف الأعمال وتعمدت تعطيل مشاريع وزرائه، لا سيما منها خطة الكهرباء.
ووصفت العلاقة مع القوات بالعادية، مشددة في الوقت نفسه على أن “الأكيد أن من غير المقبول أن تبقى وزارة الأشغال في وضعها الراهن”، متهمة الوزير يوسف فنيانيوس بأنه “تعاطى مع هذه الوزارة كأنها ملك بيو”.
وعن أسباب بقاء الكتائب خارج الحكومة، علما أن التيار ومعه العهد والدائرون في فلكه طالبوا بتأليف حكومة وحدة وطنية يشترك فيها الجميع، أوضحت المصادر أن “الكتائب لم تكن تريد الدخول في الحكومة، مع أن الوزير باسيل كرر أكثر من مرة أن من حقهم المشاركة في الفريق الوزاري العتيد”.