Site icon IMLebanon

ما وراء “اللقاء الناجح” بين جنبلاط وعون!

زار الزعيم الدرزي وليد جنبلاط قصر بعبدا 3 مرات منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية:

– المرة الأولى قبل عام، وتحديدا في تشرين الاول ٢٠١٧ بعد انتهاء أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري، وكان جنبلاط يومها على موجة واحدة مع عون (والثنائي الشيعي) في التمسك بالحريري.

– المرة الثانية في تموز الماضي مع بدايات عملية تشكيل الحكومة التي شهدت إعلان جنبلاط من اللحظة الأولى أنه يريد الوزراء الدروز الثلاثة ردا على توجه لدى الرئيس ميشال عون بتوزير حليفه طلال أرسلان.

– المرة الثالثة كانت أمس مع وصول عملية تشكيل الحكومة الى نهاياتها ومرحلة أخذ القرارات الحاسمة. الزيارة تمت هذه المرة أيضا بناء على دعوة من الرئيس عون. ولكن اللقاء جاء مختلفا عن سابقه في أجوائه ونتائجه، حيث تعمد جنبلاط إضفاء أجواء الدفء والتودد، حاملا معه هدية (كتابان) مرفقة بلائحة أسماء خمسة يقترحها لـ «الوزير الدرزي الثالث». وكان واضحا أثناء اللقاء وبعده في التأكيد أنه يضع هذه المسألة في عهدة الرئيس عون ويترك له أمر معالجتها.

من لقاء فاشل في الصيف إلى لقاء ناجح في الخريف.. ماذا تغير؟!

خرج جنبلاط من الانتخابات النيابية غير راض عن النتائج التي أبقته في المرتبة الأولى ولكنها قلصت كتلته النيابية (من ١١ إلى ٩). وأقلقه أن خرقا أحدثه التيار الوطني الحر (بالتنسيق مع ارسلان) وحصل على 3 مقاعد مارونية (من 5) في دائرة الشوف ـ عاليه. وعندما استحدثت كتلة «ضمانة الجبل» وطرح تمثيلها في الحكومة برئيسها طلال ارسلان، استشعر جنبلاط وجود خطة أو محاولة لتحجيمه، وذهب في هواجسه بعيدا الى حد التصور أن النظام السوري داخل على الخط ويريد تصفية الحساب معه. وحصل ذلك في مرحلة انتقالية حساسة مع البدء في عملية نقل الزعامة الى نجله تيمور الذي انكفأ الى الخطوط الخلفية حتى إشعار آخر. وبالتالي، لم يكن بإمكانه وليس من مصلحته أن يصدر عنه أي مؤشر ضعف وتراجع في المرحلة الراهنة، مما حدا به الى التمسك بمطلبه وشروطه مستقويا بـ «دعم بري وتفهم حزب الله ومجاراة الحريري له، والتقاطع الحاصل مع القوات في معركة مشتركة الهدف والعنوان».

ولكن جنبلاط اكتشف مع مرور الوقت أنه لن يتمكن من «لي ذراع» الرئيس عون، ولن يحصل على كامل الحصة الدرزية، كما اكتشف أن هذا الاشتباك الحكومي بدأ يؤثر سلبا على مجمل الوضع في الجبل واستقراره السياسي والاجتماعي. وفي هذا الوقت كان الرئيس عون، الذي استشعر أيضا وجود خطة ومحاولة لمحاصرة العهد وإضعافه، يعيد حساباته ويجري إعادة تقييم للوضع برمته (العلاقة مع جنبلاط والوضع في الجبل) وشملت هذه المراجعة مرحلة الانتخابات النيابية التي حصلت فيها أخطاء وتقدير لبعض الأحجام والأوزان على الساحة الدرزية، كما أولت أهمية خاصة للوضع الأمني في الجبل الذي بات مهددا بفعل حالة التوتر والاحتقان السياسي، فكان أن عهد الرئيس عون الى اللواء عباس إبراهيم بمهمة احتواء التوترات السياسية والمناطقية ورعاية عملية حوار وتواصل بين التيار الوطني الحر والحزب الاشتراكي.

في النتيجة، حصلت تسوية لـ «العقدة الدرزية» على قاعدة التوازن في التنازل: جنبلاط تنازل عن «الدرزي الثالث». وارسلان تنازل عن مقعده الوزاري. تم التوصل الى حل وسط والى وزير ثالث «توافقي» يختاره الرئيس عون من بين الأسماء التي اقترحها جنبلاط وارسلان في لائحتين منفصلتين، وسيحصل جنبلاط بموجب هذه التسوية على مقعدين ونصف، وسيكون ارسلان الخاسر بعدما اضطر الى خفض سقف معركته من البقاء وزيرا الى عدم إلغائه سياسيا. ولكن ما هو أهم في تسوية العقدة الدرزية التي يسهل بعدها حل العقدة المسيحية، هو أن صفحة سياسية جديدة فتحت بين عون وجنبلاط ستترجم على الأقل هدنة في الحكومة الآتية.