كتبت ميرا جزيني عساف في صحيفة “اللواء”:
أُنجزت الخطوط العريضة للحكومة المقبلة ويبقى البحث في تفاصيل الربع الساعة الأخير قبل أن يحمل الرئيس المكلّف سعد الحريري المسودّة النهائية الى قصر بعبدا قريبا جدا، بعدما أُنجز الاتفاق بينه وبين رئيس تكتّل لبنان القوي الوزير جبران باسيل وهو اتفاق الـ«جيّد جدّا»، كما وصفته الدائرة السياسية الضيّقة التي واكبت تفاصيله.
وتقول مصادر واسعة الإطلاع لـ«اللواء» إنّ الاتفاق بين الحريري وباسيل ضمن ما كان يطالب به التيار الوطني الحرّ وتكتّل لبنان القوي لناحية اعتماد وحدة المعايير في التأليف بالنسبة الى الأعداد وتوزيع الحقائب السيادية والاساسية وغيرها، استنادا الى احترام نتائج الانتخابات. وتضيف المصادر أنه بالنسبة الى الحقيبة الخدماتية الثانية، غير الطاقة، فالقرار يعود الى التيار، إذا شاء الاحتفاظ بوزارة العدل فهي ستكون من حصّته، أما اذا اختار سواها، فستؤول العدل الى غيره.
وفي ما يتعلّق بحصّة حزب القوات اللبنانية، تقول المصادر إنّ تكتّل الجمهورية القوية سيحصل على حقيبة خدماتية أساسية لا على اثنتين خلافا لما كان يطالب به، مشيرة الى انّ الرئيس الحريري أبلغ القوات أنّ التشكيلة الحكومية «ماشية» بعدما إنتهت مرحلة المناورات السياسية وحُلّت العقدة الدرزية بشكل نهائي بين النائب طلال إرسلان والنائب السابق وليد جنبلاط.
ولا تخفي المصادر واسعة الإطلاع أنّ «القوات اللبنانية تشعر بحال من الإرباك بعد الموقف الأخير لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي تجاوب مع مسعى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ما أفضى الى حلّ العقدة الدرزية بشكل تام، ووضع الحل في عهدة الرئيس».
أمّا في ما يتعلّق بمصير وزارة الأشغال فهو كان لا يزال مُعلّقا حتى ساعة متأخرة من يوم أمس، من دون البتّ فيما إذا كانت ستؤول الى تيار «المردة» أو الى طرف آخر قد يكون حزب الله اذا ما تمّت المبادلة مع «المردة» بوزارة الصحة، نظرا الى ما وصل من تحفظات أميركية ودولية على هذا الخيار، الى جانب أن «التيار الوطني الحر» يرتاح على الغالب الى مرشح من الحزب في وزارة الأشغال يمكنه الالتقاء معه على وضع استراتيجية شاملة للنقل العام على وجه التحديد تشمل إنشاء مرافق جديدة ومبادرات خلاقة، بحيث لا تبقى هذه الوزارة مرتبطة بالزفت السياسي والانتخابي, على تعبير مصادر «التيار».
وسط هذه الأجواء التفاؤلية بقرب الولادة الحكومية إثر أربعة أشهر من التأخير، يتبيّن جليّا للمراقبين أنّ المناخات الإقليمية المحيطة بدءا من سوريا التي استعادت شريانا اساسيا من شرايينها الاقتصادية مع فتح معبر نصيب، الى العراق الذي يسير على طريق استعادة الحياة الدستورية المنتظمة، ساهمت بحلحلة الأمور في لبنان إضافة الى الضرورة الاقتصادية القصوى بتشكيل حكومة تعمل على تنفيذ الأجندة التي رُبطت بها مساعدات مؤتمر سيدر، والتي أثارها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره اللبناني العماد ميشال عون في يريفان، بعد أن ألحّ على حضور الوزير باسيل اللقاء الذي عُقد على هامش القمّة الفرنكوفونية.
ولا يخفي المراقبون إمكان أن تكون القيادات اللبنانية قد إستثمرت المساحة الضائعة التي تمر في المنطقة نتيجة ما تشهده من تحضيرات لحلول سياسية كانت متعذرة لأعوام، للانصراف الى إنجاز المسألة الحكومية، بما يخدم الاستقرار الداخلي ويتيح للمسؤولين الانصراف الى معالجة الداهم من الملفات، بدءا من الهمّ الاقتصادي والاجتماعي وليس انتهاء بملف النزوح.