اقترب المخاض الحكومي الذي بدأ منذ خمسة أشهر تقريبا، من خواتيمه السعيدة، وباتت الولادة المنتظرة متوقّعة بين ساعة وأخرى، والاحد المقبل كحد اقصى على حد تعبير الرئيس المكلف سعد الحريري الذي أفاد الصحافيين ليل امس بأنه سينهي مهمّته قبل نهاية الاسبوع الحالي…
وفي وقت حاول مقربون من محور 8 آذار في الساعات الماضية، تعميم أجواء تقول ان “تفاهما بين بعبدا وبيت الوسط، بدفع فرنسي وانكفاء سعودي، هو ما رفع العقبات من امام عجلات التشكيل، وقد أتى على حساب القوات اللبنانية التي اما توافق على ما سيقدم لها او تبقى خارج الحكومة”… كذّبت التطورات السياسية هذه المعطيات، لا بل أثبتت ان التسوية التي حملت الرئيس عون الى قصر بعبدا والتي شكّل الثلاثي “القوات اللبنانية – التيار الوطني الحر – تيار المستقبل” سيبتها، هي من انتصرت، ودفعت عملية التأليف قدما، وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”.
ففيما لم تتردد كتلة المستقبل في اجتماعها الاخير في انتقاد مواقف وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من التسوية في صورة غير مباشرة، مؤكدة تمسكها بها، قائلة “توقفت الكتلة أمام بعض المواقف التي تصدر بخصوص التسوية السياسية، واعتبرتها خارج السياق المطلوب لحماية الاستقرار السياسي والتعاون الذي يتوخاه اللبنانيون في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية”، مؤكدة ان “التسوية كسرت جدار تعطيل الانتخابات الرئاسية وفتحت الطريق امام انتخاب ميشال عون رئيساً، ومن دونها لكانت البلاد حتى اليوم أسيرة العمل بتعليق العمل بالدستور والتسوية، حققت استقراراً سياسياً أتاح قيام حكومة جديدة اعادت الاعتبار للمؤسسات الدستورية والحكومية”، ومشددة على انها “تلتزم هذه التسوية، فهذا يعني بكل بساطة انها تلتزم الموجبات والآليات التي ترتبت عليها، وفي مقدمها المحافظة على الاستقرار السياسي، وعدم الإخلال بقواعد الوفاق الوطني”… كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في يريفان، يحث نظيره اللبناني في حضور باسيل على استعجال تأليف الحكومة حفاظا على استقرار لبنان في محيط ملتهب وعلى مساعدات مؤتمر “سيدر”.
وعلى وقع هذه المواقف، توجّه الرئيس الحريري الى بعبدا الاربعاء الماضي حيث عقد لقاء بعيدا من الاضواء مع الرئيس عون. فكان ان جدد الاخير امامه التمسك بالتسوية ومضمونها، بحسب المصادر. ولم يكن أدل الى هذا التموضع الرئاسي “الايجابي”، من الاجتماع الذي حصل بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.
فبعد فترة من التصعيد المتبادل والقطيعة، استقبل رئيس التيار في ميرنا الشالوحي وزير الاعلام موفدا من رئيس القوات في حضور شريكه، عراب تفاهم معراب، النائب ابراهيم كنعان. واللافت في السياق، ان المباحثات لم تتطرق الى تفاصيل التأليف، بل تركّزت حول إحياء المصالحة والتهدئة بين الحزبين المسيحيين، ما يعني اعادة تثبيت “أرجل” التفاهم في الأرض السياسية ووضع حد للترنّح الذي يعيشه منذ أشهر… كل ذلك فيما اكدت مصادر باسيل امس “اننا مع حكومة وحدة وطنية ونقدم كل التنازلات الممكنة من جانبنا كي لا تستثني الحكومة احدا وخاصة القوات”، واعلن الحريري امس أنه “بالطبع لا ولن يزعّل القوات”.
وبناء على ما تقدّم، تقول المصادر ان الوئام العائد بين ميرنا الشالوحي ومعراب وبيت الوسط، الشبيه بذاك الذي ساد ابان الانتخابات الرئاسية، هو الذي سيفرج عن الحكومة قريبا. وتبقى معرفة ما اذا كان سيصمد داخل مجلس الوزراء العتيد أم لا…