في وقت يجري فيه وضع اللمسات الأخيرة على تشكيلة الحكومة اللبنانية الجديدة، أكدت مصادر سياسية في بيروت لصحيفة “العرب” اللندنية أن هذه الحكومة، برئاسة سعد الحريري، ستبصر النور قريبا جدا وستكون “متوازنة” إلى حد ما، إذ أنّها لن تعكس وجود أكثرية تابعة لحزب الله في داخل الحكومة.
ورجّحت المصادر الإعلان عن الحكومة السبت المقبل أو الاثنين.
وأوضحت أنّ حزب الله المستعجل على ضمان وجود له في حكومة لبنانية، قبل بدء تطبيق حزمة العقوبات الجديدة على إيران، في الخامس من نوفمبر المقبل، أزاح العقبات الأخيرة التي كانت تعترض تشكيل الحكومة عن طريق خفض سقف مطالب التيّار الوطني الحر الذي يرأسه جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية ميشال عون.
وكشفت أن “التيار” ورئيس الجمهورية، الذي ستكون لديه حصّة خاصة به في الحكومة، لن يحصلا على أكثر من عشرة وزراء، أي أنّه لن يكون لديهما “الثلث المعطل” في الحكومة.
أمّا القوات اللبنانية التي يرأس مجلس القيادة فيها سمير جعجع، فستحصل على أربعة وزراء بينهم نائب رئيس الوزراء الذي يعتبر موقعا فخريا أكثر من أيّ شيء آخر.
وفي حين تأكد حصول حزب الله على حقيبة الصحّة، مع ما يعنيه ذلك من تمكنه من توفير خدمات لمناصريه، خصوصا في منطقة بعلبك-الهرمل البقاعية، ليس ما يضمن إلى الآن حصول القوات اللبنانية على حقيبة العدل وذلك بعد تراجع رئيس الجمهورية عن وعد كان قدّمه إلى الحريري في هذا المجال.
ويعتبر تولي “القوات” مسألة دقيقة نظرا إلى أن وجود وزير للعدل من هذا الحزب سيعجل باستعادته لفضائية “أل.بي.سي” التي وضع يده عليها رجل أعمال يدعى بيار الضاهر في أثناء وجود سمير جعجع في السجن لمدة 13 عاما.
وأشارت هذه المصادر السياسية إلى مشكلة يمكن أن تعترض الحكومة المقبلة في حال إصرار حزب الله على شراء أدوية من شركات إيرانية عبر وزارة الصحّة.
وتخوفت من أن يكون هناك جانبان لهذه المشكلة. يتمثل الأول في تحويل أموال بالعملة الصعبة إلى إيران، بما يخالف العقوبات الأميركية، والآخر في ردّ الفعل الأميركي، خصوصا أن وزارة الصحّة اللبنانية تحصل على مساعدات من الولايات المتحدة.
وترتدي هذه المساعدات أشكالا عدة، بما في ذلك أدوية بقيمة نحو ثمانين مليون دولار تأتي من مصادر أميركية رسمية ومن جمعيات خاصة.
إلا أن بعض المراقبين استبعدوا أن يستطيع حزب الله فتح سوق الدواء اللبناني أمام المنتجات الإيرانية.
ورأى هؤلاء أن بيروت تلقت مجموعة من النصائح والمعطيات، لا سيما خلال لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية جبران باسيل في يرفان عاصمة أرمينيا الأسبوع الماضي، تدفع لبنان إلى عدم معاندة المزاج الدولي الأميركي ضد إيران.
وقال هؤلاء إن مصلحة حزب الله تقتصر حاليا على الانخراط داخل حكومة لبنانية شرعية مكتملة في محاولة لتحصين نفسه ضد العقوبات الأميركية المتصاعدة ضده.
ويعتبر محللون أن حزب الله قلق من أن تتمكن واشنطن من إقناع الأوروبيين بأن يحذوا حذوها في فرض عقوبات على الحزب، لا سيما وأن بريطانيا قد أعطت إشارات في هذا الصدد بالكشف عن خطط لتصنيف حزب الله منظمة إرهابية.
ويضيف هؤلاء أن حزب الله يريد من خلال الحكومة الجديدة أن يتقدم للعالم بصفته حزبا سياسيا برلمانيا لبنانيا يتولى مهام داخل الحكومة اللبنانية بما يبعد عنه شبهة الإرهاب.
ولفتت بعض المصادر إلى أن إصرار حزب الله على تولي حقيبة خدمية، سببه عجز الحزب ماليا عن تقديم خدمات لبيئته ومناصريه، وأنه لهذا السبب بات مضطرا للنهل من الميزانيات التي تقدمها الدولة اللبنانية لتوفير خدمات تخفف من حالة الامتعاض والاستياء والتململ التي ظهرت مؤخرا داخل المناطق والمجتمعات المحسوبة على الحزب.