تصاعدت في الأيام القليلة الماضية الأحاديث عن أن الحكومة العتيدة يحب أن تكون منتجة، ويجب أن تشكل فريق عمل واحد من أجل إنقاذ الوضع في لبنان.
إن هذا الكلام الذي لا يقال للمرة الأولى ينطبق عليه القول “إسمع تفرح جرب تحزن”.
إن الإنتاجية بالنسبة إلى رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” هي ألا يعترض احد على ما يريدونه ويقررونه في مجلس الوزراء، بذريعة أن ذلك سيكون ضربا للعهد وتعطيلا لمسيرته ومسا بحقوق ومصالح المواطنين، ما يعني أن هناك محاولة لإسكات اي معارضة داخل الحكومة ولا سيما المعارضة المسيحية التي قد تشكلها “القوات اللبنانية” وتيار “المردة”.
بالنسبة إلى الرئيس الحريري الإنتاجية تعني أن يشهد مجلس الوزراء توافقا تاما في خصوص مؤتمر سيدر وان تطلق يد رئيس الحكومة اقتصاديا واستثماريا، واي معارضة في هذا المجال ستدرج بداية في خانة عرقلة نهوض البلد من اقتصاد متعب وحرمان اللبنانيين من نمو يساهم في رخاء حياتهم وتأمين فرص العمل.
أما بالنسبة إلى “حزب الله” فالإنتاجية تعني أن يتسلم الحقائب التي يستطيع من خلالها خدمة ناسه بغض النظر عن العقوبات الأميركية، فالمعركة الداخلية هي جزء من الحفاظ على “حزب الله” وعدم تأليب بيئته عليه وما يعانيه أهلها كباقي اللبنانيين من حرمان ومصاعب حياتية واجتماعية، وكل معارضة في هذا المجال تدخل في سياق التعامل مع الأميركيين وربما إسرائيل لضرب المقاومة وأهلها.
حركة أمل تريد من الإنتاجية أن تحافظ على مكاسبها ومواقع نفوذها في الدولة من أجل أن تواصل خدمة أنصارها حيث تستطيع، ولاسيما في مجال العمل في الإدارات والمؤسسات العامة. وكل معارضة في هذا المجال تندرح فب إطار المس بحقوق الطائفة الشيعية وهو أمر مرفوض ولا يمكن السكوت عنه.
تبقى “القوات اللبنانية” وهي تريد من هذه الإنتاجية أن تواصل تقدمها لدى الرأي العام المسيحي على حساب “التيار الوطني الحر”، وأن تزيل من أذهان المواطنين صورة الميليشيا لتحل مكانها صورة الوزراء الملتزمين بالقانون ونظافة الكف، وأي محاولة لإبعادها عن ممارسة هذا الدور تدخل في إطار عزلها وتهميشها.
في حكومات لبنان وتحديدا بعد عام 2005، لم توجد أي رؤية فعلية يجسدها البيان الوزاري كي تكون الحكومات منتجة بالفعل، بل إن ما وجد كان عبارة عن نص يتكرر وكلام ممجوج لأن واضعيه أدركوا ويدركون أن كلام البيان تمحوه خلافاتهم السياسية وغير السياسية، وهي خلافات لا زالت موجودة وتكبر. وما كان خطيئة في الحكومات الماضية سيكون معصية في الحكومة الجديدة.