أغلق حزب الله، ومن خلفه إيران، مجددا الأبواب أمام تشكيل حكومة لبنانية جديدة برئاسة سعد الحريري بعدما كان قدّم قبل أيّام قليلة تسهيلات جعلت اللبنانيين يستبشرون بقرب ولادة هذه الحكومة.
واعتبرت مصادر سياسية في حديث لصحيفة “العرب” اللندنية أن التغيير في موقف الحزب من تشكيل الحكومة مرتبط إلى حدّ كبير بشعور لدى إيران بأن الحريري صار مضطرا إلى تقديم مزيد من التنازلات بعدما وجدت السعودية نفسها غارقة في قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
ولاحظت هذه المصادر السياسية أن الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله ركز في خطاب ألقاه مساء الجمعة على ضرورة تمثيل معارضي سعد الحريري من السنّة في الحكومة مشيرا إلى أنهم يمثلون نسبة تقترب من ثلث أبناء الطائفة. وفسر مراقبون سياسيون ذلك بأن المعارضة السنّية يجب أن تطالب بوزيرين في الحكومة الجديدة.
وأوضحت أن الحسابات الإيرانية المرتبطة بتشكيل الحكومة اللبنانية تغيّرت فجأة في ضوء شعور إيران بضعف الموقف السعودي واضطرار الرياض إلى الاعتراف بأن خاشقجي قتل داخل القنصلية التابعة للمملكة في إسطنبول. إضافة إلى ذلك، لم تعد إيران مستعجلة على إشراك حزب الله في الحكومة اللبنانية قبل موعد تطبيق العقوبات الأميركية الجديدة عليها.
وقالت المصادر ذاتها إن الرهان الإيراني صار الآن على احتمال خسارة الجمهوريين مجلسي الكونغرس أمام الديمقراطيين في الانتخابات المقررة في السادس من تشرين الثاني المقبل.
واعتبرت أن خسارة الجمهوريين لمجلسي الكونغرس، ستشكل في حال حصولها، ضربة قويّة لإدارة ترامب وستشلّ سياساتها المتشدّدة تجاه إيران.
ومعروف أن الولايات المتحدة صارت، مع مباشرة تطبيق العقوبات الجديدة على إيران ابتداء من الأسبوع الأول من الشهر المقبل، تعتبر حزب الله بمثابة “منظمة إجرامية”.
وذكر سياسي لبناني أن معنى ذلك هو أن كلّ الحكومة اللبنانية ستتأثر بالموقف الأميركي السلبي من مشاركة حزب الله في مثل هذه الحكومة.
وكانت عقدة وزارة العدل التي أصرّ رئيس الجمهورية ميشال عون على أن تكون من حصّته العقبة الأخيرة التي أخرت الجمعة الماضي الإعلان عن الحكومة، وتعتبر الأوساط السياسية اللبنانية هذه العقدة ذات طابع مسيحي-مسيحي نظرا إلى أن المنافسة عليها بين رئيس الجمهورية و”القوات اللبنانية” التي يتزعمها سمير جعجع. لكنّ حزب الله جاء أخيرا ليثير عقدة جدّية مرتبطة مباشرة بسعد الحريري وكأن المطلوب تصفية حسابات معيّنة معه في ظل ما تشهده السعودية في هذه المرحلة.