كتبت صحيفة “الراي” الكويتية:
رغم حرْص غالبية المعنيين بتشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، على اعتبار أن هذا الملف لم يعد الى «المربّع الأول» بعد انتكاسةِ يوم الجمعة التي جاءت «عكس سير» هبّة التفاؤل الأكبر التي كانت بلغت حدّ إعداد «مراسم» ولادتها في «الويك اند»، فإن أوساطاً مطّلعة لا تقلّل من شأن «اللغميْن» اللذين انفجرا في «المربّع الأخير» من مسار التأليف والمتعلقيْن بتمثيل حزب «القوات اللبنانية» والنواب السنّة الموالين لـ«حزب الله».
وبدا واضحاً في الساعات الماضية وجود «طبَقَتيْن» تغلّفان هاتين العقدتيْن، الأولى داخلية جرى «شبْكها» مع اعتباراتٍ خارجية استُحضرتْ في سياق المواقف والاتهامات بالتعطيل (وتحديداً في مسألة تمثيل «القوات») كما في إطار «التحرّي» عن خلفيات «استفاقة» اللحظة الأخيرة من «حزب الله» على وجوب إشراك حلفائه السنّة في الحكومة ولو تَطلّب الأمر «التفلّت» من أي مهل زمنية للتأليف.
وفيما كان «حزب الله» يعلن بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، انه «لم يعد بالإمكان أن نتحدّث عن تفاؤل ولا عن تشاؤم» ولا عن تشكيل في مستقبل قريب او بعيد، شهدت عقدة تمثيل «القوات» استمرار الأخذ والردّ حول إخراج حقيبة العدل من «حصّتها الرباعية» (تتضمن ايضاً نيابة رئاسة الحكومة) في «ربع الساعة الأخير» بعد «لا ممانعةٍ» من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأن تحصل عليها، ما أعاد البحث الى نقطة إيجاد حقيبة وازنة بديلة لها تترجم حجمها النيابي.
وبينما لم ترشح تفاصيل عن لقاء الرئيس المكلّف سعد الحريري مساء السبت مع رئيس «القوات» سمير جعجع وسط ترقُّب معاودة فتح قنوات التواصل بينها وبين عون الذي حَسَم أمر الاحتفاظ بـ «العدل» لأسباب موجبة رَبْطَاً بمحورية هذه الحقيبة كـ «ذراع» للإصلاح ومحاربة الفساد وبما أوردتْه تقارير عن انزعاجه من مواقف قواتية أعقبت مرونته حيال التنازل عن «العدل» وأوحتْ بـ «انتصارٍ» عليه، فإن اللافت في هذه العقدة كان أمران: الأول ما نُسب الى مصادر فريق عون من ان «القوات» تعتمد سياسة الشروط التصاعدية، إما لتبرير الخروج من الحكومة واعتماد المعارضة، وإما لتأخير التأليف بملاقاة استحقاقات خارجية بينها العقوبات المرتقبة على إيران.
والثاني استغراب هذا الفريق حصْر خيارات «البدائل الوازنة» لـ «القوات» من حصة رئيس الجمهورية، والتلميح الى حقائب أخرى مثل الأشغال والتربية، علماً ان محاولة استعادتهما، الأولى من «المردة» او الثانية من الحزب التقدمي الاشتراكي ستعني إعادة المفاوضات الى مراحلها الأولى ومعاودة تدوير الحقائب في شكل واسع.
في المقابل، ترفض «القوات» اي اتّهام لها بتأخير مسار التأليف، معتبرة عبر مصادرها أن «القوات» لا تبحث عن انتزاع أي حقيبة من رئيس الجمهورية ولا تسعى الى اي إضعاف له أو صِدام معه، وان الحريري هو الذي عرض عليها «العدل» بعد التشاور مع عون، ولافتة الى «اننا مصرّون على المشاركة في الحكومة ومَن يؤخّر ولادتها هو الذي يسعى الى تحجيم (القوات) وعدم تمثيلها بما يعبّر عن حجمها التمثيلي الفعلي»، ومعربة عن ثقتها الكاملة بأن الرئيس المكلف ملتزم حُسن تمثيلها وهو يعمل على تذليل العقبات، ومتحدّثة عن محاولات لإحراجها فإخراجها بما يقلب التوازنات في الحكومة ويسمح بـ «كشْف ظهر» الحريري سياسياً.
إلى ذلك، تبدي أوساط مطلعة، ارتياباً كبيراً من المناخ الذي لاح في الساعات الماضية ويشي بمحاولة لتمثيل السنّة الموالين لـ «حزب الله» بوزير من حصة الحريري، أي قطْع الطريق على إمكان ايجاد مَخْرج بأن يتولى عون توزير أحدهم من حصته ليكون السنّي الذي وافق الحريري على التخلي عنه لرئيس الجمهورية لقاء توزير مسيحي مكانه.
واذ توقفت الاوساط نفسها عند ما نُقل عن أوساط سنّة 8 مارس بأنهم يرفضون ان يكونوا من حصة أحد لأن لديهم حيثية في ذاتهم، تعتبر مصادر متابعة أن الحريري لن يكون في وارد التسليم بشروط «حزب الله»، معربة عن اقتناعها بأن مثل هذه النقطة يمكن أن تفتح الباب أمام أزمة كبيرة.