بخلاف الواقع السياسي المأزوم العابق بروائح الخلافات والمناكفات اليومية، يشهد الامن في البلاد حالا من الاستقرار قلّ نظيرها منذ عقود، بشهادة دول عظمى تبني على هذا المعطى لمدّ المؤسسة العسكرية بمساعدات نوعية ترفع مستوى ادائها الى حيث تتلاقى مع الاهداف المرسومة لتحويل لبنان الى واحة استقرار في محيط اقليمي ملتهب .
بيد ان الامن الممسوك بإحكام على كامل المساحة الجغرافية للبلاد ليس وليد الصدفة، على ما تقول مصادر امنية لـ”المركزية” اذ ان العمل الدؤوب والجهود الجبارة التي تبذلها الاجهزة العسكرية والامنية، على تنوعها، ونظام الامن الاستباقي تقي اللبنانيين مخاطر يجهلون حجمها الفعلي او يكادون لا يعرفونها حتى، اذ تكشف في هذا المضمار عن مخطط ارهابي كان يحاك للبنان، لو قُدر له ان يتحقق، لكان على الارجح اليوم “في خبر كان”. واذ ترفض الغوص في تفاصيله نسبة لحجم المخاطر المترتبة جراء الافصاح عنها، توضح ان إحباطه تم على مدار عام كامل، تم بنتيجته توقيف 3734 ارهابيا وُزعوا على مختلف السجون، الا ان النسبة الاكبر منهم في سجن روميه المركزي.
وتجزم المصادر ان الخطر أُزيل ولم يعد من مبرر للقلق ما دامت الرؤوس الكبيرة المخططة كما الصغيرة المنفذة الموجودة في لبنان باتت في القبضة الامنية ولم يعد امامها من مجال لبلوغ مراميها الخبيثة، بحيث يمكن القول ان الامن على مستوى الدولة مضبوط مئة في المئة، فيما تبقى المناوشات اليومية العادية من قتل لاسباب خاصة وسرقات وجرائم مخدرات وغيرها من حوادث تشهدها سائر بلدان العالم الاكثر قوة وقدرة.
وفي معرض شرحها للوضع الامني في المناطق توضح المصادر ان العهد الحالي حقق وثبة نوعية في مجال فرض الامن في اكثر الاماكن حساسية ودقة ان في المخيمات السورية منها حيث يتم توقيف كل مطلوب بالتعاون بين اجهزة المخابرات واللاجئين لحمايتهم او الفلسطينية التي شهدت عمليات غير مسبوقة لجهة توقيف اخطر المطلوبين المتورطين في جرائم ارهاب واعتداء على الجيش عبر عمليات سريعة وخاطفة من دون اصابات في صفوف المدنيين لا سيما في مخيم عين الحلوة الذي يشهد اكتظاظا سكانيا لا مثيل له، يجعل اي مهمة امنية محفوفة بالمخاطر في واقع منقسم على نفسه في الولاءات والانتماءات السياسية والحزبية. وآخر ما سجله شريط الانجازات بعمليات نظيفة توقيف حسن نوفل الملقب بـ”حسن الحكيم”، احد اكبر مزوري جوازات السفر والهويات الشخصية والعملات الاجنبية والمحلية الذي تمكنت مديرية المخابرات من سحبه في عملية نوعية من داخل المخيم في 10 الجاري، وقبله الفلسطيني بهاء الدين محمود الحجير المرتبط بتنظيم كتائب عبدالله عزام الارهابي ولعلاقته بالانتحاريين اللذين استهدفا السفارة الايرانية ولمعرفته المسبقة من احدهما حول نيته تنفيذ عمل انتحاري وعمله لصالح تنظيم “داعش” وغيرها الكثير من التهم. في حين لم تتوان المديرية عن مداهمة اوكار مصنعي ومروجي المخدرات بقاعا، وعملية الحمودية في بريتال خير شاهد حيث تمكنت من القضاء على علي زيد اسماعيل المعروف بـ”اسكوبار البقاع” في عقر داره، على حساسية المنطقة المعروفة. وتشدد في هذا الاطار، على ان التعامل مع الواقع الامني يتم على قاعدة مراعاة طبيعة كل منطقة والظروف المحيطة بها، معتبرة أن مقتضيات فرض الامن توجب معاملة خاصة فالمهم “أكل العنب لا قتل الناطور”.
واذ تعد اللبنانيين بأن مسار مواجهة الارهاب لن يتوقف حتى اجتثاثه من جذوره، تختم بمناشدة السياسيين ابعاد مشاكلهم عن الاجهزة الامنية وحل خلافاتهم التي تنعكس سلبا على الامن والاقتصاد… “اعطونا استقرارا سياسيا وخذوا امنا يدهش العالم”.