Site icon IMLebanon

“السُنّة المستقلّون”… عروضات جملة ومفرّق!

كتب علي الحسيني في “المستقبل”:

أوحى النائب عبد الرحيم مراد خلال إطلالة متلفزة له الثلاثاء، أن النوّاب السُنة الستة في “اللقاء التشاوري للسنة المستقلين”، توجهوا للرئيس المكلّف سعد الحريري ليمثلهم في الحكومة العتيدة، وقد أراد مراد من خلال الإيحاء هذا، ضرب مجموعة عصافير بحجر واحد، كالقول بأن الكرة هي اليوم في ملعب الحريري وأن أي إفشال لعملية التأليف هو سببها، بينما في الحقيقة من يتابع الخطوات التي قام بها الرئيس المكلّف منذ لحظة تكليفه حتّى اليوم، سيتأكد أن الرجل لعب دورين بارزين في آن معاً، الرجل الإطفائي الذي كان يُلاحق “حرائق” المراحل ليُنتج أفضل ما يُمكن، بالإضافة إلى تفكيكه الألغام التي كانت وما زالت تحول دون عملية التأليف، منعاً للخروج بحكومة وحدة وطنية كما سبق أن وعد الحريري منذ لحظة تكليفه وبأنه لن يرضى أقل من ذلك.

يتبيّن من خلال حديث مراد الثلاثاء، أنه أراد توجيه رسالة مفادها أن ما أُطلق على تسميته بـ”اللقاء التشاوري للسنة المستقلين” أي النوّاب السُنّة الستة، الوليد سكرية، فيصل كرامي، جهاد الصمد، عدنان طرابلسي، أسامة سعد ومراد، هي كتلة واحدة متراصّة تأخذ قراراتها بالتشاور بعيداً عن المصالح وبأن أفرادها حريصون على السُنّة في البلد وعلى مصالحهم السياسية وعلى متكسباتهم، لكن في واقع الأمر فإن ما يُفرق بين هؤلاء النوّاب هو أكثر مما يجمعهم لا بل في كثير من الأحيان كانت لديهم مواقف مُعلنة وسجالات لا تدل على أي توافق أو إنسجام بينهم حتّى عندما كانوا خارج المجلس النيابي أو الحكومة. أما الدليل الآخر الذي يدحض كلام مراد حول توجّههم للرئيس الحريري ليمثلهم في الحكومة، هو دخولهم منفصلين إلى الإستشارات النيابية قبيل تكليف الرئيس الحريري.

وفي السياق نفسه، يذكر الجميع كيف دخل مراد يومها وحده، وسعد جاء وحده، وطرابلسي وحده، وسكرية مع كتلة “حزب الله” بينما جاء كل من كرامي والصمد مع كتلة النائب طوني فرنجية. وهنا يسأل مصدر معني بتشكيل الحكومة، كيف يحق لستة نوّاب بينهم نائبان حضروا خلال الإستشارات النيابية مع “التكتل الوطني” التابعة للمردة، أن يُطالبوا بوزيرين، بينما تكتل “الجمهورية القوية” (القوات اللبنانية) المؤلف من خمسة عشر نائباً بالكاد يحصلون على أربع وزارات قد لا تكون بينهم وزارة سيادية كوزارة الأشغال التي يُطالب بها “التكتل الوطني” المعطوف عليه نائبان سُنّيان هما، كرامي والصمد.

بالإضافة إلى محاولات المنضوين تحت لواء “اللقاء التشاوري” اللعب على الغرائز المناطقية والمذهبية بين الحين والآخر، واعتبارهم من خلال جلّ تصاريحهم بأن اهل السُنّة لن يكونوا ممثلين في حال لم يكونوا ضمن التوليفة الحكومية المرتقبة، يُمكن استخلاص مجموعة أمور تؤكد شرذمة هذا “اللقاء” المصطنع بهدف مواجهة الرئيس الحريري فقط، من بينها، أن جميعهم لم يصلوا الى الندوة البرلمانية بفعل أفكار منظمة ولا برؤية سياسية موحدة ولا ببرنامج عمل متكامل، بل الهدف الوحيد وراء ترشيحهم، كان تقليص حجم كتلة الرئيس الحريري و”الحرتقة” عليه وعلى إنجازاته عن الطلب منهم. واليوم يتبيّن أكثر فأكثر، أن خلافهم مع الحريري ليس إلا على المحاصصة وهذا زيف كشفته عملية التأليف، فمرة هم ضمن تكتلات متنقلة، ومرّات منفصلون كل واحد فيهم يتبع أهواء نفسه.

ومن خلال مواصلة التهجم الشخصي على الرئيس الحريري ومساعي التأليف، أصدر المنضوون تحت تسمية “اللقاء التشاوري” بياناً الثلاثاء، اعتبروا فيه أن أي موقع وزاري هو حق مكتسب لهم، مُصنّفين أنفسهم وكأنهم ممثلون حصريون للطائفة السُنيّة في لبنان، واضعين أنفسهم في مصاف الزعماء والرؤساء، مع العلم أن السواد الأعظم من الشعب اللبناني، يعلم كيفية وصولهم من خلال الأصوات التي “أُمّنت” لهم وأتت بهم إلى البرلمان. ومن ضمن البيان، إدعى النوّاب الستة حرصهم على “موقع رئاسة الحكومة” و”هيبته”، وهم الذين لم يوفروا فرصة إلا واستغلوها للتصويب على هذا الموقع وإنجازاته أثناء تولّي الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة.

في الخلاصة، من النافل القول، أن توحد نواب “اللقاء التشاوري” وراء مطلب وحيد، هدفه تأخير عملية التأليف أو ربما تعطيلها كونهم يعلمون علم اليقين أنه ليس باستطاعتهم إفشالها أو نسفها أو في أقصى حد الذهاب إلى مكان يُمكن أن يجعلوا الرئيس الحريري يعترف بـ”حجمهم” الوهمي طبعاً، وهذا أمر ليس مستحيلاً فقط، بل لم يرد أصلاً في قاموس الحريري الخاص بالتشكيل وهو العارف بالطبع، أن مثل هذه “التنقيرات” لن تُجدي معه نفعاً وأيضاً لن تضره، والمؤكد أنها لن تمنعه في عملية السير نحو إنجاز حكومة في أسرع وقت ممكن. والأهم أن النوّاب الستة الذين رأوا أول من الثلاثاء، في بيان لهم، بأن عدم توزير أحدهم سيقود الحكومة إلى حائط مسدود، لا مشروع سياسياً ولا اقتصادياً ولا اجتماعياً يجمعهم والشيء الوحيد الذي “لمّ الشامي على المغربي”، هو أنهم ليسوا مع الرئيس الحريري.