في موازاة انهماك المؤسسة العسكرية في فرض الأمن على مساحة البلاد، وصونا للاستقرار في الداخل، يضطلع الجيش بمهمة مراقبة الحدود وضبطها حفاظًا على السيادة الوطنية، لا سيما بعدما تمكن من تطهير الجرود الشرقية من إرهاب “النصرة” و”داعش” العام الماضي وفرض سيطرته عليها، بالتنسيق مع سائر الاجهزة المعنية (الأمن الداخلي، الأمن العام والجمارك).
وتؤكد مصادر أمنية معنية لـ”المركزية” أن الحدود باتت مضبوطة بنسبة 70 إلى 80 في المئة ومحصّنة في مواجهة عمليات التهريب، بعدما انتشر الجيش في أعقاب “فجر الجرود”، حتى آخر نقطة من الحدود اللبنانية، ولأول مرة استنادا إلى الخريطة المحددة من الجانب اللبناني لا السوري، إذ إن الترسيم غير محدد دوليا وتاليا ثمة مناطق متداخلة ومتنازع عليها بين لبنان وسوريا. وتشير إلى أن مناوشات عدة حصلت منذ الانتشار اللبناني الأخير في هذه المناطق انتهت باتصالات أعادت الوضع إلى طبيعته وبقي الجيش في نقاط تمركزه وفق الخرائط الموجودة بين يديه.
ومما لا شك فيه، تضيف المصادر، أن المساعدات التي قدّمتها الدول المانحة لمشروع ضبط الحدود عند انطلاقه، منذ أكثر من عشر سنوات ساهمت إلى حد بعيد في نجاح المهمة حيث تم تحديث المعدات والمراكز العائدة للأجهزة المعنية، وتركيب شبكة اتصالات بين الوحدات، وإنشاء غرفة عمليات مشتركة.
وإلى تدريب العناصر المختصّة، تمّ تحسين البنى التحتية للمراكز الحدودية الرسمية ومراكز القوة المشتركة وتزويدها الطاقة الكهربائية بواسطة مولدات. وساهمت المانيا انذاك في تقديم معدات استخدم معظمها على المعابر لا سيما آلات كشف المعادن، أجهزة تحذير ضوئية، أجهزة كمبيوتر محمولة، مطافئ حرائق، دراجات نارية، سيارات دفع رباعي، مناظير، كاميرات تصوير وفيديو، ألبسة خاصة للحماية، آلات فحص للمستندات، آلات كشف المتفجرات، ومولدات كهربائية، فيما اهتمت الدانمرك بتدريب القوة المشتركة (فوج الحدود البرية الأول) وفوج الحدود البرية الثاني في مجالات المراقبة، إدارة الحدود، الفنون القتالية، الـكـمـبـيـوتر، التفـتـيـش والإسـعـافـات الأولية، كما قامت بتجهيز مركزَي تدريب في عرمان ورأس بعلبك، وآخر في اليرزة حيث تتمركز لجنة مراقبة وضبط الحدود، وعملت مع باقي الأجهزة في مجالَي التدريب والتجهيز.
بدورها ساهمت بريطانيا بشبكة قيادة واتصال تضمّ غرفة عمليات حديثة في طرابلس، وأبراج مراقبة ومراكز دفاعية (هيسكو باسكت) وسيارات دفع رباعي. وقدّمت الولايات المتحدة الأميركية نظام اتصالات متكاملا للقوة المشتركة، بينما قدّمت كندا سيارات دفع رباعي ودراجات نارية. أما الاتحاد الأوروبي فقدّم مساعدات تقنيّة لغرفة العمليات والتدريب والمراكز العسكرية.
وتوضح المصادر ان ابراج المراقبة التي يناهز عددها الثلاثين كان لها الوقع الافعل في مجال ضبط الحدود الشرقية، عازية عدم زيادة عددها الى كلفتها العالية، ذلك انها مجهزة بالكامل لتتناسب والظروف الجغرافية والطبيعية والمناخية البالغة الصعوبة في المناطق الجردية الوعرة، لجهة سعتها، اذ يتسع كل برج لسرية كاملة وتتوافر فيه كل مقومات الصمود بما فيها التدفئة والاتصالات على مدار الساعة.
وعلى أمل أن تتحول مهمة مراقبة الحدود وضبطها من الطابع العسكري إلى مفهوم “حراسة الحدود”، بما يتناسب والمعايير الدولية، تختم المصادر ان استمرار تدفق المساعدات العسكرية للجيش خصوصا من الولايات المتحدة الاميركية من شأنه تحقيق الهدف، لا سيما في ظل تجاوب واسع مع نوعية المساعدات المطلوبة من القيادة العسكرية اللبنانية.