قالت مراجع برلمانية لبنانية لصحيفة “العرب” اللندنية إن إعادة طرح قضية تمثيل النواب السنة المتحالفين مع حزب الله داخل الحكومة الجديدة قد فاجأت رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي كان قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى التشكيلة الحكومية الموعودة.
وأضافت المراجع أن الأمر قد طرح في الأيام الأولى من تكليفه، إلا أن بروز العقد الطائفية الأخرى، لا سيما تلك المسيحية والدرزية، طغى على المسألة وجعلها ثانوية خاصة بعد أن أبدى الحريري رفضه للتباحث حولها.
ولفتت هذه المراجع إلى أن عودة حزب الله إلى طرح الأمر خلال الإطلالة الأخيرة لأمينه العام حسن نصرالله تنسجم تماما مع روحية القانون النسبي الذي تحمس له ودفعه إلى المصادقة عليه.
وفي هذا الإطار يقول المراقبون إن قانون النسبية بالنسبة لحزب الله لم يكن هدفه تمثيلا أفضل للبنانيين، بل تفخيخ الطوائف الأخرى بممثلين متحالفين معه.
ويضيف هؤلاء أن السنة المعادين لتيار المستقبل قد فازوا في الانتخابات داخل الدوائر التي يهيمن عليها حزب الله مستفيدين من قانون النسبية لاختراق لوائح المستقبل. ويخلص هؤلاء إلى أنه من الطبيعي أن يحصد الحزب داخل حكومة الحريري المقبلة ما زرعه داخل قانون الانتخابات النسبي.
وكان عدد من النواب السنة المتحالفين مع حزب الله قد جاهروا في الأيام الأخيرة بعتبهم على الحزب جراء إمكانية تجاوز تمثيلهم داخل الحكومة. إلا أن بعض المحللين رأوا أن صمت هؤلاء أو الجهر بموقفهم هو في الواقع قرار من حزب الله يتعاطى معه وفق تكتيكات رهينة المتغيرات الداخلية والإقليمية.
ورأوا أن تلميح الأمين العام للحزب حسن نصرالله إلى عدم الاستعجال في تأليف الحكومة وعدم التشدد في الالتزام بالمهل، كشف أن الحزب يود في مداولات ربع الساعة الأخير فرض تمثيل لهذه الشريحة داخل الحكومة.
ويعتقد بعض المراقبين أن حزب الله يسعى لتوسيع حضور حلفائه داخل الحكومة لتعزيز نفوذه وتقوية قراره خاصة حيال مسائل مصيرية تتعلق به في المستقبل.
وقالت أوساط قريبة من الرئيس الحريري إن الأخير مصر على عدم إعطاء حصة لهؤلاء النواب من حصة تيار المستقبل.
وكان الرئيس المكلف قد رفض الاثنين الاعتراف بوجود عقدة سنية قائلا “إن من يريد أن يطالب بالتمثيل فهذا شأنه، وفي نهاية المطاف أنا أشكّل الحكومة مع فخامة رئيس الجمهورية، ونقطة على السطر”، وأوضح “لو كان هناك حزب كبير يطالب بأن يتمثل في الحكومة أفهم ذلك، ولكن أن يصار إلى تجميع نواب لتشكيل كتلة؟ وفي أيّ حالٍ هناك حوار ونأمل خيرا”.
ويعتبر الحريري أن ما حدث هو عبارة عن تجميع لنواب سنة ينتمون إلى كتل ممثلة بطبعها في الحكومة، وفي حال قبل بتمثيل أحدهم في الحكومة سيعني امتلاك الحزب وحلفائه للثلث المعطل الذي هو بالنسبة لتيار المستقبل أحد الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها.
وقالت بعض المصادر إن المخرج من هذه العقدة المستجدة يكمن في إمكانية أن يتم توزير النائب فيصل كرامي من حصة رئيس الجمهورية ميشال عون.
ويرى متابعون أن توزير كرامي قد لا يبدو مقبولا من طرف عون فهو محسوب على تيار المردة الذي تشهد العلاقة بينه وبين التيار الوطني الحر توترا تصاعد في الفترة الأخيرة على خلفية تقارب زعيم المردة سليمان فرنجية مع القوات اللبنانية.
بيد أن بعض التسريبات تحدثت عن إمكانية أن يفرض الحريري من جهته تمثيل الوزراء السنة المستقلين غير المحسوبين على حزب الله.
وأشارت هذه التسريبات إلى إمكانية تمثيل الكتلة التي يقودها رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي.
ويقول المتابعون إن لا أفق قريبا لحل عقدة تمثيل السنة من خارج تيار المستقبل، وبالتالي فإن فرصة تشكيل الحكومة قبل 30 نوفمبر الذي يتزامن مع احتفال عون بدخول عامه الثالث لقصر بعبدا، باتت صعبة، ما لم يطرأ تغير على موقف حزب الله أو يقبل عون بإعطاء نائب من هذه المجموعة السنية من حصته الوزارية.