أطلق برنامج السياسات العامة في حركة “التجدد الديموقراطي” تقريرا يتضمن ورقة سياسات عامة تحمل خطة انقاذ اقتصادي من 20 بندا اصلاحيا تحت عنوان: “كي يؤتي مؤتمر سيدر ثماره”.
وسأل رئيس الرحة فارق جبر “ما هي الاجراءات والسياسات والشروط التي يجب تحقيقها او توفرها او الالتزام بها كي تتحقق الاهداف التي عقد مؤتمر سيدر من اجلها؟ وبعبارة أخرى، كيف السبيل الى تمكين لبنان من تجاوز مصاعبه وازماته الاقتصادية، وبالتالي كسر دوامة الركود والعجز والبطالة التي يعرف الجميع انها تضع البلاد على حافة الانهيار، واستبدال هذه الدوامة الخبيثة بحلقة ايجابية من النمو والتوازن المالي وجذب الاستثمارات وخلق فرص العمل، واعادة الامل الى آلاف الشباب والخريجين الذين تقفل جميع الابواب في وجههم، بما فيها ابواب الهجرة، التي في الاصل لم تكن يوما حلا لمشكلة البطالة”.
من جهته، أوضح نائب الرئيس منسق السياسة العامة الدكتور أنطوان حداد الشرط الاول بالطبع هو وجود حكومة كي تدير هذه العملية والمهمات الجسام المنبثقة منها. من دون حكومة مسؤولة وكاملة الصلاحيات، من غير الممكن لآلية مؤتمر سيدر ان تقلع. وشدد على انه من غير المقبول ان تبقى البلاد من دون حكومة بعد خمسة أشهر من الاستشارات والمشاورات والمناورات، وبعد ستة اشهر على انعقاد مؤتمر سيدر في باريس، لا بل من المعيب ان تكون الدول الصديقة للبنان وعلى رأسها فرنسا اكثر غيرة على الاقتصاد اللبناني وعلى استقرار لبنان المالي والنقدي من اللبنانيين انفسهم.
وجاء في نص الورقة:
“إن مؤتمر “سيدر” بموعده ومضمونه، أظهر وجود ثلاثة مسارات، تتلاقى أحيانا وتتواجه أحيانا أخرى:
أولا – مجهود ملفت لفريق رئيس الحكومة الاقتصادي بالتعاون مع سائر الوزارات والإدارات الرسمية، لتقديم مشروع طموح للاستثمار في البنى التحتية، مع التزام بتصحيح مالي أصبح ملحا.
ثانيا – تشديد دولي على أولوية الاستقرار في لبنان، والذي لا ينحصر بالاستقرار الأمني فحسب، بل يتعزز أيضا بالاستقرار السياسي والاستقرار الاقتصادي، وبالتالي إبداء نية بدعم مالي غير مسبوق لدولة كلبنان، لكنه مشروط برزمة اصلاحات.
ثالثا – أزمة ثقة داخلية ما بين القوى السياسية من جهة، وبين القوى السياسية والمواطنين من جهة أخرى، بعد سلسلة من فضائح الفساد، وظواهر سوء الإدارة، وتفشي المحاصصة والمحسوبية والزبائنية، وبغياب أي عنصر ملموس لمعالجة هذه المشاكل.
لذا، عالجت الطاولة مؤتمر “سيدر” من نواح عدة، أبرزها: مؤتمر “سيدر”، ما له وما عليه: رؤية الحكومة اللبنانية لتحقيق النمو عبر الانفاق الاستثماري، برنامج الانفاق الاستثماري (CIP): الخطوط العريضة، نموذج التمويل المقترح: البنية والآليات والإطار الزمني، انتظارات وحوافز المانحين والدول الراعية، آليات المتابعة والتنفيذ المتفق عليه.
ما بعد “سيدر”، الإصلاحات المكملة والخطوات الضرورية: برنامج الانفاق الاستثماري (CIP): الخطوات التنفيذية التالية، دور القطاع الخاص في برنامج الانفاق الاستثماري، القطاعات الانتاجية والمرافق الاقتصادية المستفيدة، الآثار والأبعاد الماكرو-اقتصادية والاجتماعية والبيئية، الاصلاحات المطروحة والاصلاحات المكملة.
وخلصت الطاولة إلى مجموعة توصيات:
في الرؤية الاستراتيجية للاقتصاد اللبناني ودور المؤسسات الدستورية:
ضرورة الانطلاق من رؤية اقتصادية شاملة، استنادا إلى تشخيص عميق لطبيعة الأزمة ودينامياتها ونتائجها، لتشكل خارطة طريق لاستيعاب الأزمة والنهوض مجددا، مع تحديد القطاعات المؤهلة للتطوير والمنافسة، بالتزامن مع تقسيم متناغم للأدوار بين القطاعين العام والخاص.
تطوير القطاع العام لتمكينه من أداء الدور المنوط به، بما فيه إعادة هيكلة الوزرات والإدارات، ورفع كفاءة العاملين فيها وتعزيز ولائهم للدولة، مع وقفالتوظيف على أساس الانتماء السياسي.
ضرورة التزام الوزراء وسائر المسؤولين بتلك الرؤية ومتطلباتها، والكف عن مخالفة القوانين الخاصة بإداراتهم، لا سيما ما يتعلق منها بدور الهيئات الناظمة واستقلاليتها.
توسيع صلاحيات الهيئات الرقابية وتعزيز استقلاليتها وحصانتها، وتعديل القوانين الخاصة بتحريك النيابات العامة لتعزيز دورها في المساءلة والمحاسبة.
تشكيل هيئة وطنية لمكافحة الفساد على أساس الكفاءة والاختصاص والاستقلالية، وإعطاؤها صلاحيات وموارد كاملة للاضطلاع بدورها.
رفع قدرات الكادر الإداري والهيكلية المعلوماتية لمجلس النواب، ليتمكن النواب من الاضطلاع بدورهم الرقابي والتشريعي بفعالية واطلاع وشفافية.
في تنفيذ مشاريع برنامج الانفاق الاستثماري (CIP):
إجراء دراسات افرادية معمقة لكافة مشاريع البرنامج الاستثماري للتأكد من جدواها الاقتصادية وآثارها الاجتماعية والبيئية، وسد الثغرات قبل البدء بالتنفيذ، وإجراء مراجعة سنوية شفافة لهذه المشاريع.
تحديد أولويات اختيار المشاريع وفق الحاجات والجدوى والأهمية، استنادا الى الرؤية الشاملة التي تمت بلورتها، وجدولة تنفيذ المشاريع وفق أولويات ومعايير تلك الرؤية، وفي مقدمها مساهمتها في تحفيز النمو ومكافحة الفقر وامتصاص البطالة بين اللبنانيين أولا ثم اللاجئين والمهجرين قسرا الى لبنان.
مناقشة وإقرار برنامج الانفاق الاستثماري والرؤية الاقتصادية المرفقة والقروض المترتبة عليه في مجلس النواب رزمة واحدة وفق المعايير والاولويات الموضوعية، بعيدا عن الاعتبارات السياسية ومنطقالتقاسم أو المحاصصة.
إجراء دراسة تقييم متكامل لإدارة الاستثمارالعام على صعيد الآليات والمؤسساتPIMA، قبل الشروع بتلزيم المشاريع وتنفيذها، لتقييم المخاطر والتكاليف المالية الناجمة عن مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
إصدار المراسيم الخاصة بتنظيم وتمويل “المجلس الأعلى للخصخصة والشراكة” كي يتمكن من اداء دوره في نطاق قانون الشراكة واكتساب الخبرات التفاوضية والمالية والإدارية والتعاقدية الضرورية قبل البدء في شراكات كبرى مع القطاع الخاص قد ترتب مخاطر وتكاليف غير محسوبة على الخزينة أو على المواطنين.
تأمين أقصى درجات الشفافية، من خلال الافصاح عن مكونات ومراحل تنفيذ المشاريع، عملا بمبدأ الحق بالوصول إلى المعلومات؛ وإتاحة المجال أمام المجتمع المدني والمجتمعات المحلية لممارسة دورها الرقابي.
عدم الاكتفاء بعرض تطور تنفيذ المشاريع على لجان المتابعة معالجهات الداعمة كل ستة أشهر فحسب، بل أيضا على الرأي العام من خلال الإعلام والتواصل الشفاف على مواقع الوزارات والإدارات المعنية.
في الإصلاحات المطلوبة لمواكبة برنامج الانفاق الاستثماري (CIP):
إعطاء الاولوية للتصحيح المالي كمدخل أساسي لأي إصلاح، عبر تحقيق فائض أولي في الموازنة والالتزام الفعلي بخفض العجز لإصدار الموازنةإلى 5% من الناتج المحلي، وهذا يتطلب درجة عالية من الانضباط والتقيد بالمواعيد والإجراءات الدستورية. ويشكل خفض العجز في الكهرباء نموذجا للتقدم السريع الذي يمكن تحقيقه في هذا المجال.
إعادة النشاط الاقتصادي بمجمله إلى كنف القانون بعدما أصبح حجم “الاقتصاد الاسود” يزيد عن 20% من الناتج المحلي. وهو يشتمل على التهريب، والتهرب الجمركي والضريبي، وتجارة الممنوعات، وخرق الملكية الفكرية، التي تساهم في تقليص إيرادات الخزينة وضرب مصالح المستثمرين الشرعيين، وتشويه سمعة لبنان وتصنيفه. إن إجراءات عاجلة في هذا المجال يمكن أن تمد الخزينة بأكثر من مليار دولار في السنة الأولى.
الشروع بإصلاح ضريبي رصين ومتكامل، وتوسيع قاعدة المكلفين بدل زيادة العبء على الأجراء والمستثمرين، وتحديث قوانين الضريبة لتكون أكثر شمولية وعدالة وتحفيزا على الابتكار والانتاجية.
الشروع بتنفيذ الاصلاحات الهيكلية، خصوصا مكافحة الفساد بالفعل، وتحديث الحوكمة المالية وإدارة الدين والسجل العقاري والإدارة الجمركية، والتحول الرقمي والحوكمة الالكترونية، واعتماد نظام حديث وتنافسي للصفقات العامة، وزيادة فاعلية واستقلالية النظام القضائي، وإقرار قانون الشفافية في قطاع النفط، ومراجعة قانون التجارة وتشريع المعاملات الرقمية، وتسهيل تأسيس الشركات وخفض كلفته.
وضع برنامج وطني لخلق فرص العمل بالشراكة مع القطاع الخاص، وتنظيم أوضاع العمال الاجانب عبر التشدد في تطبيق القوانين ومطابقتها مع حقوق الانسان، بما يعطي الاولوية للبنانيين ثم للاجئين قسرا في لبنان.
إقرار قانون اللامركزية الادارية، بما يمنح المناطق والمواطنين صلاحيات ومسؤوليات أكبر في ادارة شؤونهم التنموية ويعزز الشفافية والمساءلة ويحفز الاستثمارات.
أولوية استعادة الثقة:
وحده الالتزام بهذه الخطوات والسياسات، خصوصا ما يتصل بمكافحة الفساد والاحترام الصارم القانون، من شأنه معالجة أزمة الثقة بأجهزة الدولة وبالقوى السياسية الممثلة في السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإقناع المواطنين والمستثمرين والمجتمع الدولي أن نهجا جديدا في الحوكمة سيبصر النور في لبنان بعيدا عن الصورة النمطية السائدة حاليا. في غياب الثقة، سيفتقد إطار “سيدر” إلى عنصر نجاح أساسي، الا وهو الاستثمارات من قبل القطاع الخاص والمساعدات والتسهيلات الائتمانية من قبل الدول والجهات الصديقة المانحة وتخفيض كلفة تمويل المشاريع بفعل تحسن تصنيف لبنان الائتماني”.