كتبت ناتالي اقليموس في “الجمهورية”:
سواءٌ حُسمت حقيبةُ وزارة التربية للحزب «التقدمي الإشتراكي» أو حملت اللحظات الأخيرة لولادة الحكومة تغيّراتٍ لم تكن في الحسبان، لن تتبدّل كواليسُ المشهد التربوي وتحديداً على مستوى التعليم الخاص والرسمي، الذي يغلي بمحطاتٍ ومواعيدَ حاسمة استعداداً لتصعيدٍ «مؤلمٍ» وفق ما علمت «الجمهورية». «عيل صبرُنا من الانتظار» لسانُ حال الأساتذة في التعليم الخاص الذين ينتظرون تطبيقَ حقّهم بالدرجاتِ الست منذ أكثر من سنة، كذلك حالُ المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي الذين ينتظرون سبلَ تثبيتِهم.
تتّجه الأنظار اليوم إلى مقرّ نقابة المعلمين حيث سيعقد المجلس التنفيذي للنقابة جلسةً استثنائية بعد مرور أكثر من سنة على القانون 46 وصدوره في الجريدة الرسمية. في هذا السياق علمت «الجمهورية»: أنّ الاجتماع الذي سيُعقد عند الرابعة والنصف سيحمل مواقفَ حاسمة لجهة رفض النقابة أيّ حلّ لم تشارك في صناعته، وأيّ حلّ سيتمّ تبنّيه على حساب الأساتذة، علماً أنّ النقابة كانت في صدد عدم عقد أيّ مؤتمر أو التحدّث إلى الإعلام لتهدئة الأجواء وما لم تتشكل الحكومة، إلّا أنّ تطوّرَ الظروف وتعاظمَ مخاوف الأساتذة دفعهم للخروج عن صمتهم.
بالتفاصيل
وسط الأجواء التربوية المتشنّجة، أعرب نقيبُ المعلمين رودولف عبود عن غضبٍ شديد يعتصر الأساتذة نتيجة التأخير في تطبيق القوانين، قائلاً في حديث لـ»الجمهورية»: «البعض يصرّ على «دهورة» الوضع التربوي من خلال تمرير مشاريع وحلول لفرضها على الكتل النيابية من دون الأخذ في الاعتبار ما منحه القانون للأساتذة من درجات». وأضاف: «نحن في صدد القيام بجولة على الكتل النيابية وبعض النواب لإبلاغهم موقفنا من القضية التربوية والدرجات الست، وذلك بعدما غُيِّبنا عن الاجتماع الذي عُقد في بكركي علماً أننا نعتبرها مرجعيةً وطنية وحاضنة للمكوّنات التربوية بأكملها».
وتابع عبود: «نحن لا نزال متمسّكين بحصولنا على الدرجات الست، ومجرد أن «شمّينا ريحة» إمكانية الانتقاص من حقوقنا عدنا إلى المنابر الإعلامية وإلى التحركات الميدانية»، مشيراً إلى تخوّف الأساتذة من التلاعب معهم، قائلاً «من غير المنطق أن تمضي الكتل النيابية بما قد يُطرح عليها من جانب واحد، لذا لن نسكتَ وسنواصل تحرّكنا واعتراضنا لمجرد عدم تطبيق القانون بالرغم من صدوره منذ سنة ونصف»، مؤكّداً «العودة إلى لغة الإضرابات والاعتصامات، نتيجة وجود مَن يدفعنا إلى التصعيد، علماً أنّ مكاننا الطبيعي في الصف ولسنا هواة اعتصامات».
متعاقدو الأساسي
في موازةِ الواقعِ التصعيديّ الذي يتّجه إليه المعلمون في التعليم الخاص، لا يبدو واقع المعلمين المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي أفضل حال، إذ يبلغ عدد هؤلاء نحو 13 ألف بين متعاقد، ومستعان به وإجرائي، ومجاز وغير مجاز، وفوق السن القانوني (44) وتحت السن. إذ تسأل رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين نسرين شاهين «أين باتت الوعود؟»، فبعد تحركهم في أيلول وتعرضهم للاعتداء أمام وزارة التربية، وتظاهرتهم الأخيرة في رياض الصلح، بعنوان «ردّ اعتبار كرامة الأستاذ» تقول شاهين: «علمنا أنّ مجلس الخدمة المدنية أعاد مع عدم الموافقة، المشروع الذي قدّمته وزارة التربية والتعليم العالي منذ 2 أيار2018، والذي ينصّ على إخضاع الأساتذة على مختلف تسمياتهم إلى دورتين تدريبيّتين يليهما إمتحان تحت إشراف مجلس الخدمة المدنية، لاعتبار أنّ هذه الخطوة غير قانونية».
وتضيف: «حيال هذا الواقع المرير وعدت وزارة التربية اللجنة الفاعلة، عبر أحد مستشاريها الأستاذ أنور ضو، بأن ترفع المشروع كاقتراح قانون، وتتبنّاه بشتى الوسائل القانونية الممكنة ليبصر النور». وتتابع: «لكن من المؤسف علمنا أنه منذ الاجتماع الأول للجنة التربية النيابية التي أدرج على جدول أعمالها ملف المتعاقدين في التعليم الأساسي، طُلب من الوزير حمادة جمع الداتا وتقديم تصوّر الوزارة حول هذه القضية، وحتى الآن لم يوضع ملفنا على جدول الاعمال ولا قُدم أيُّ تصوّر لإيجاد حلّ لقضيّتنا».
ألفا ليرة فقط!
وتوضح شاهين في حديث لـ»الجمهورية»: «كل ما نريده دوراتٍ تدريبية يليها امتحان، لأننا في الاساس ضد مباريات مفتوحة لأنها ستُدخل آلاف الاساتذة الجدد، ولن تعطي فرصة للأساتذة الذين أمضوا 15 سنة في التعليم وأكثر. وكذلك نرفض المباراة المحصورة التي تخلو من المعايير وسرعان ما تتحول إلى كارثة، وفي التجارب السابقة في بعض المناطق نجح 3 و 4 أساتذة فقط، من هنا موقفنا واضح لإجراء دورات تدريبية تليها الامتحانات»، مؤكدة «التمسّك بمشروعٍ عادلٍ يُنصف الجميع بحسب سنوات الخبرة وعلى الدولة توفير الحلّ الملائم».
وتتوقف شاهين عند الوضع المزري الذي بلغه الأستاذ المتعاقد، قائلة: «لا نتقاضى رواتبنا إلّا بعد 7 أشهر، من دون طبابة ولا ضمان، من كل السلسلة حصلنا على ألف ليرة لغير المجاز وألفي ليرة للمجاز عن كل ساعة تدريس، علماً أنّ القانون منحنا 8 آلاف ليرة، وحتى الآن لم نحصل على المفعول الرجعي للسلسلة». وتتابع: «نحن على أحرّ من الجمر ننتظر تشكيل الحكومة لنطلق العنان لتحرّكنا، فانطلاق العام الدراسي شكّل خيبةً لمعظمنا». وما زاد «الطين بلّة»، على حدّ تعبير شاهين: «تأثرنا سلباً في عملية الدمج التي حصلت لبعض الصفوف، وإلغاء شعبة الفرنسي في بعض المدارس، بالإضافة إلى توفيرِ جزءٍ من الحلّ لقضية المتعاقدين في الثانوي على حساب الأساسي، ما شكّل خسارة إضافية لساعات تدريس كانت من حقنا. فإلى متى يمكن السكوت؟».
«تعجيز أم تخدير»؟
وكان قد نفذ صباح أمس اساتذة التعليم الثانوي المتمرنين في كلية التربية، اعتصاماً امام وزارة التربية، تحدث باسم المعتصمين رئيس اللجنة وسيم نصار، قائلاً: «24 أيلول الماضي خرجت يا معالي الوزير حمادة من الجلسة النيابية وعلى مرأى الإعلام لتقول لنا «أن الدرجات الثلاث أصبحت ستة وأنها حقنا الذي لا نزاع فيه وسنحصل عليها مع مفعولها الرجعي مع أول راتب لنتفاجأ بأن الدرجات لن تدفع من اعتمادات الـ 14 مليار علماً أنك أنت قد أرسلت كتاباً الى وزارة المالية تطلب فيه الموافقة على دفع الرواتب والدرجات الاستثنائية من الاعتمادات المرصدة بموجب المرسوم 3728 تاريخ 4-10-2018 وقيمتها 14 مليار ليرة لبنانية على ان يصار الى تأمين الاعتمادات اللازمة عند الاقتضاء».
وسأل نصار «هل المقصود تعجيزنا لعدم المطالبة؟ أم أنه تخدير ليتم هدر حقوقنا ولنصبح الفئة المظلومة من الموظفين إذ نتقاضى الحد الأدنى؟».