كتبت كاتيا توا في صحيفة “المستقبل”:
في عملية أمنية سرية، تسلّمت مخابرات الجيش اللبناني من الجيش الأميركي ثمانية شبان لبنانيين، كان مقاتلون أكراد في سوريا قد ألقوا القبض عليهم وسلموهم إلى الأميركيين الذين نقلوهم بطائرة خاصة إلى لبنان، وذلك في أوائل تموز الماضي، ليحاكموا أمام المحكمة العسكرية بتهمة انتمائهم إلى تنظيم داعش الإرهابي والقتال إلى جانب صفوفه في سوريا والعراق.
وفي أيلول الماضي، عقدت المحكمة برئاسة العميد الركن حسين عبدالله أولى جلساتها في هذا الملف، بعد سوق الموقوفين من وزارة الدفاع وسط تدابير أمنية مُشددة، لترجئ الجلسة إلى 13 تشرين الثاني المقبل لتوكيل محامين للدفاع عن الموقوفين الثمانية الذين أقروا، وفق القرار الاتهامي الصادر بحقهم، بمبايعتهم لتنظيم داعش ومشاركتهم في عملياته في سوريا والعراق.
ويكشف القرار الاتهامي الصادر عن قاضي التحقيق العسكري فادي صوان أن الموقوفين الثمانية محمد العوض وأحمد حرقص ومحمود خضر وفادي الكردي ومحمد عثمان ونبيل قمر الدين وقاسم المزقزق وبدر المحمد قد غادروا لبنان العام 2015 عبر مطار رفيق الحريري الدولي إلى تركيا ومنها دخلوا إلى سوريا حيث التحقوا بتنظيم داعش وخضعوا لدورات عسكرية وشرعية، قبل أن يشاركوا في القتال ضد الجيش العربي السوري وتنظيمات أخرى في سوريا والعراق.
أما في لبنان، فإن المسؤول عن عمليات “داعش” على الأراضي اللبنانية السعودي أبو عبدالله الجزراوي، كان قد كلف خلال العام 2017، أحد الموقوفين تأمين شبان لبنانيين مستعدين لتنفيذ عمليات انتحارية في لبنان، بحيث تواصل ذلك الموقوف مع شقيقه الذي تواصل بدوره مع الجزراوي بهذا الخصوص.
ويشيرالقرار، إلى أن زوجة أحد الموقوفين هي روسية وكانت تنتقل معه، كما أن أحدهم تزوج من ابنة الإرهابي طارق الخياط التي تبلغ من العمر 11 عاماً.
ويفصّل القرار إفادات الموقوفين التي تتضمن اعترافاتهم الأولية والاستنطاقية، فالموقوف محمد العوض أفاد بأنه بعد دخوله إلى سوريا تهريباً عبر تركيا مع آخرين، وكان ذلك في العام 2016، التحق بتنظيم داعش في الرقة وبايعه، وأثناء مشاركته في المعارك ضد الجيش السوري الحر في «منطقة الباب»، لحوالى الشهرين، أصيب في رجله، حيث تم فصله إلى الإدارة العسكرية في الرقة، ثم انتقل مع آخرين إلى العراق وشارك في القتال ضد «الحشد الشعبي»، ليعود بعد سبعة أشهر إلى سوريا، حيث شارك في القتال ضد الجيش السوري.
أما الموقوف أحمد حرقص، فسافر إلى اسطنبول وانتقل تهريباً إلى سوريا، حيث انتقل إلى حلب ونفّذ أعمال حراسة ضمن «شرطة الحدود» لمدة ثلاثة أشهر، وشارك في معارك ضد الأكراد حيث أصيب بشظايا القصف الجوي مرتين. وبعد مبايعة ثانية لداعش، انتقل إلى «المكتب الشرعي» حيث تولى وظيفة إدارية، وقبل حصار الرقة بأسبوعين، انتقل إلى دير الزور ومنها إلى منطقة الميادين حيث مكث شهرين.
وأفاد الموقوف محمود خضر، أنه بعد التحاقه بداعش، جرى فرزه إلى منبح ثم إلى منطقة الباب في ريف حلب حيث أصيب خلال مشاركته في معارك ضد الجيش الحر، وهرب مع زوجته إلى دير الزور. ثم عاد وانكر قتاله في سوريا بسبب إجرائه عملية جراحية منعته من القتال وأجبرته على الاكتفاء بتنفيذ أعمال الحراسة.
وبالتحقيق مع الموقوف فادي الكردي، أفاد بانه انتقل مع زوجته من ألمانيا إلى تركيا بالسيارة ودخل إلى سوريا حيث جرى فصله عن زوجته. وبعد مبايعته داعش، انضم إلى كتيبة تضم 200 عنصر من حاملي الجنسية الأوروبية وشارك في معارك ضد الأكراد، وأصيب في رأسه فنُقل إلى الرقة للمعالجة.
وأفاد الموقوف محمد عثمان، أنه دخل إلى العراق أربع مرات في مهمات التموين اللوجستي لمراكز داعش، وكان قبل ذلك قد التحق بـ«إدارة الولاية» ـــ القسم اللوجستي، ونُقل إلى الحسكة حيث تولى مسؤولية مخازن الأعتدة لمدة ثلاثة أشهر. وفي لبنان كان عثمان قد تابع دورة عسكرية في منزل الإرهابي طارق الخياط في المنية، ودورة دينية على يد الإرهابي نبيل السكاف.
وقال الموقوف نبيل قمر الدين إنه شارك في معركة مطار دير الزور حيث أصيب بيده، لينتقل إثر ذلك إلى حلب ويعمل في مجال نقل المقاتلين المصابين من حلب إلى الرقة، وبعد تنقله في عدة مناطق، عاد وزوجته إلى دير الزور.
وأفاد الموقوف قاسم المزقزق، أن نبيل السكاف حرضه على الالتحاق بداعش وتكفير الجيش اللبناني وانتقل مع زوجته الصومالية الأصل التي تحمل الجنسية الكندية، إلى تركيا ومنها إلى سوريا، لتعود زوجته إلى كندا. وفي الرقة، تولى جمع الغنائم ودفع الرواتب والمصاريف. وبعد شهرين انتقل مع مجموعته المسلحة إلى العراق، ثم عاد إلى الرقة حيث التحقت به زوجته. وعمل المزقزق في«ديوان الغنائم»، قبل أن يُشارك في «معركة القريتين» في حمص ليعود مجدداً إلى الرقة ويستضيف نبيل السكاف وعائلته حيث تزوج من ابنة الأخير البالغة 11 عاماً، كما استقبل في منزله طارق الخياط وعائلته. وبعد حصار الرقة، انتقل إلى منطقة الميادين لمدة ثمانية أشهر ثم إلى البوكمال فهجيّن.
أما الموقفو بدر المحمد، فاعترف بمتابعته دروساً دينية لدى اللبناني ابراهيم بركات (موقوف) الذي كان يحرض على الجهاد وتكفير الجيش. وبعد دخوله إلى سوريا بيوم انتقل إلى الموصل في العراق حيث شارك في معركة ضد «الحشد الشعبي»، فأصيب في رجله. واستمر علاجه 7 أشهر، ثم هرب مع زوجته الروسية إلى الرقة من دون علم قيادته وكان عقابه الحبس شهراً.
وبعد ذلك تولى المحمد وظيفة إدارية قبل أن ينقل إلى «مكتب الجرحى والمصابين» في الرقة. وبعد انتقال المكتب إلى حلب حاول الهرب مجدداً فأوقف شهراً.
وأجمع الموقوفون على نفي مشاركتهم في القتال ضد الجيش خلال «أحداث طرابلس»، كما أنكروا تهمة تحريضهم الشبان على الالتحاق بتنظيم داعش.