كتب هادي أحمد في صحيفة “الأخبار”:
لا «ساعات ذروة» في بيروت وضواحيها. لم يعد هذا المصطلح المرتبط بزحمة السير صالحاً للاستخدام في هذه المدينة بعدما باتت كل الساعات «ساعات ذروة»، على مدار النهار وجزء من الليل. أكثر من نصف مليون لبناني يدخلون الى العاصمة صباح كل يوم للعمل ويخرجون منها مساءً. غياب خطة وطنية للنقل العام، والانعدام شبه التام لوسائل النقل المشترك، واهتراء البنى التحتية، و«نهم» اللبناني لـ«السواقة» و«إدمانه» على مخالفة قوانين السير… وغيرها، كلها تجعل من حل أزمة السير ضرباً من «الخيال العلمي».
غير أن خيال ماهر الدايخ وصبحي القبلاوي ذهب في اتجاه آخر أكثر واقعية. في باريس، تعرّف الشابان على خدمة «موتو تاكسي»، أو «تاكسي الدراجات النارية». قرّرا نقل الفكرة إلى بيروت، بعدما وجدا فيها حلاً لمن يُحبسون ساعات طويلة داخل سياراتهم، إما بسبب «شتوة» أو لدى مرور موكب مسؤول أو بسبب تعطّل إشارة سير، أو أثناء انصراف طلاب المدارس… أو حتى من دون سبب مفهوم!
“Allo Moto” تقدّم خدمة “Moto Taxi” للنقل بواسطة دراجات نارية، جديدة وقانونية، تم استقدامها من فرنسا. يحجز الزبون «الطَلَب» عبر الهاتف أو الموقع الإلكتروني، يحدد موعداً، ويرسل الـ «لوكايشن» عبر تطبيق الـ «واتساب». أما «التسعيرة» فتُحدّد بحسب الوجهة: «التاكسي» داخل بيروت الادارية يكلّف 5000 ليرة، أما خارجها الى مناطق مثل خلدة والزلقا، فترتفع الى 7500 ليرة، وإلى عشرة آلاف ليرة للمسافات الأبعد.
إلى التسعيرة الرخيصة نسبياً إذا ما قورنت بالـ«تاكسي» العادي، يوفر الزبون الوقت، والأهم «حرق الاعصاب». إذ أن أطول «مشوار» داخل بيروت، وفي «عز العجقة»، لا يستغرق أكثر من ربع ساعة حدّاً أقصى.
يؤكّد الدايخ أن الفكرة لاقت استحساناً منذ البداية، «صحيح أن بعض الزبائن ترددوا بدايةً. لكنهم، بعد التجربة، اقتنعوا بالأمر». مروان، أحد الزبائن، قرر «التخلص من فكرة استخدام سيارتي بعد الآن». فيما يرى فرانسوا في الخدمة التي يستخدمها بتقطّع حلاً لمشكلة العثور على موقف لسيارته في بعض المناطق.
ولأن «مجتمعنا اللبناني شرقي بطبعه ومتحفّظ»، بحسب الدايخ، قرّر الشريكان تدريب فتيات على العمل سائقات دراجات «لتسهيل الأمر على من لا ترغبن في الصعود على دراجة نارية خلف شاب لأسباب اجتماعية»، على أن تتوافر هذه الخدمة «في الأشهر القليلة المقبلة».
وتقدّر كلفة زحمة السير في لبنان بنحو ملياري دولار سنوياً، أي ما يشكّل حوالى 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب تقرير نشره مركز الدراسات في «بلوم بنك» العام الماضي. ويأتي ذلك نتيجة تهالك البنى التحتيّة وتدهور حالة شبكة الطرق وتراجع معدّلات السلامة. وقدّر التقرير عدد السيارات الخاصة المسجّلة بنحو 1.75 مليون سيارة (85% منها خاصّة). وأشار الى أن بيروت تشهد دخول وخروج بين 500 و600 ألف مركبة يومياً، ما يعني أن هناك سيارة لكلّ ثلاثة أشخاص تقريباً، وهي نسبة عالية مقارنة ببلدان أخرى، كتركيا، مثلاً، حيث هناك سيارة واحدة لكلّ 7 أشخاص، والصين حيث يبلغ المعدل سيارة لكل 12 شخصاً.