IMLebanon

اشتباكات مخيم المية ومية: “برميل بارود” يشتعل

عند كل جولة اشتباكات في أحد المخيمات الفلسطينية وفي كل مرة ينفجر “برميل البارود” الجاهز فتيله للاشتعال في أي لحظة بين القوى والفصائل الفلسطينية المتناحرة على السلطة تعود إلى واجهة المتابعات الأمنية إشكالية أمن المخيمات التي تتداخل فيها الاعتبارات والعوامل السياسية والحزبية بالانتماءات الفلسطينية المحلية وامتداداتها الإقليمية، فتحوّل هذه المجتمعات الغامضة من واحة لبنانية مفترضة للأمان الفلسطيني، بحكم الجيرة والأخوّة وبهدف النضال للعودة إلى فلسطين، إلى موئل للإرهاب واستتباعاته على تنوعها ومصانع لإنتاج التكفيريين و”الدواعش” وكل ما يخرج عن القانون وسلطة الدولة المضيفة.

وتبعا لذلك، لم يعد التعامل الأمني اللبناني ولا التعاطي الدولي مع اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان، على قاعدة الشعب الذي استُئصل من أرضه، ليُزرع عنوة في أوطان الغير، وضاع النضال الفلسطيني الذي انطلق في أعقاب نكبة الـ 1949في دوامة صراع الأمم، كما تم تغييب القضية التي ما زال البعض يحملها منذ تسعة وستين عاما في أروقة المجتمع الدولي، ليس سياسيا فحسب، بل اجتماعيا أيضا عبر تخفيض مساعدات الأونروا وتقليص الدعم الدولي إلى الحد الأدنى، لاسيما بعد خطوة واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بالتزامن مع إرباك لبناني في التعاطي مع الواقع المتشابك محليا وإقليميا بما يحول دون وضع آلية واضحة للتعاطي مع الوجود الفلسطيني منذ أن فكت السلطات المعنية ارتباطها بـ “اتفاق القاهرة”.

هذا الواقع المعقّد، بات يفرض نفسه عنصرا ضاغطا على الوضع الأمني اللبناني عموما بعدما أصبح يتمتع بحصانة قلّ نظيرها منذ تطهير البلاد من الإرهابيين إثر معارك فجر الجرود والعمليات الأمنية التي نفذتها مخابرات الجيش وأفضت إلى توقيف كبار الرؤوس المخططة والمنفذة على مدى العام المنصرم. فالاشتباكات التي اندلعت في مخيم المية ومية في شكل عنيف منذ يومين بين حركة “فتح” و”أنصار الله” أعادت ملف المخيمات إلى رأس سلم أولويات الأجهزة الأمنية، خشية أن يكون استخدامها هذه المرة لأغراض إقليمية توظف في الداخل عبر صندوق البريد اللبناني، في ضوء التطورات المتسارعة في دول الجوار، كما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، خصوصا أن الأسلحة المستخدمة في المعارك والمفترض أنها مخصصة للنضال من أجل العودة لا أكثر، أظهرت مدى دخول أطراف خارجية على خط المخيمات لتوظيفها، حيث تستخدم الفصائل أسلحة من العيار الثقيل لا تتناسب في أي شكل مع حجم المخيمات، وتعرض الجوار اللبناني للخطر، وفق ما تبين إذ اضطرت الجامعات والمدارس في مدينة صيدا إلى إعلان الاقفال حرصا على سلامة التلامذة واتخذت الإجراءات الاحترازية في مناطق الجوار وارتفعت الأصوات المطالبة بسيطرة الجيش اللبناني على المخيم وإنهاء الوضع الشاذ فيه، كما في سائر المخيمات وفي شكل خاص عين الحلوة الذي يحتضن حتى الساعة قاتلي القضاة الأربعة.

والتطورات المتسارعة تتطلب بحسب المصادر خطوة نوعية تضع حداً لإبقاء المخيم عرضة للانفجار في أي لحظة في ظل الخروقات المستمرة لقرار وقف إطلاق النار الذي تم خرقه ظهرا فتجددت الاشتباكات على رغم تدخل السلطات اللبنانية، إذ قاد رئيس مجلس النواب نبيه بري جهودا جبارة في هذا الاتجاه فيما أجرى رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية اتصالا برئيس الجمهورية ميشال عون أكد فيه أن “أمن لبنان أولوية فلسطينية وهو ما ترجمه الفلسطينيون بعدم السماح بأن تكون المخيمات منطلقاً لأي عمل يضرّ بلبنان”.

أما بقاء الأمور على حالها من دون حزم، تختم المصادر، فيُخشى أن يعيد الأمن اللبناني عموما وليس داخل المخيمات فحسب، إلى دائرة التوتر والاستغلال المؤذي في بازار الصراعات الإقليمية على أرض لبنان.