دخلت مساعي تشكيل الحكومة المنتظرة، رسميا اليوم، في سباق مع مهلة “معنوية” جديدة تم وضعها لابصار التركيبة العتيدة النور، بحلولها، وهي 31 تشرين الجاري، تزامنا مع الذكرى السنوية الثانية لانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية.
عمليّا، يبدو ان العقد رست على “تمثيل القوات اللبنانية في الحكومة”، بعد ان تم التوصل الى تسوية للعقدة الدرزية وبعد ان أكد الرئيس المكلف سعد الحريري مرارا ان مسألة توزير سنّي من فريق 8 آذار، ليست على جدول أعماله، راميا هذه الكرة في ملعب بعبدا.
وعليه، بات التركيز منصبّا اليوم، وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، على ايجاد صيغة تكون مرضية للقوات في اعقاب تراجع الرئيس عون عن إعطائها وزارة العدل، وسط اصرار شديد يبديه الحريري على مشاركة “القوات” في حكومته.
واذ تشير الى ان معراب كانت نقلت الى بيت الوسط في الايام الماضية جملة اقتراحات حكومية تراها “منصفة” لها ولحجمها النيابي، تلفت المصادر الى ان الرئيس المكلف كثّف في الساعات الماضية مشاوراته مع الاطراف المعنيين بالتأليف كلّهم، انطلاقا من مضمون الورقة “القواتية”، باحثا عن تبديل في الحقائب او عن تعديل ما في توزيعها، يمكن ان ينقذ الموقف ويدفع الامور الى الامام.
غير ان المهمة ليست سهلة، تضيف المصادر. فكل طرف يتمسك بالوزارات التي آلت اليه. “المردة” بالاشغال، “التقدمي الاشتراكي” بالتربية، “تيار المستقبل” بالاتصالات، و”التيار الوطني الحر” بالطاقة. كما ان الوزارات السيادية تبدو حتى الساعة، على حالها، علما ان ذهاب إحداها الى القوات، كفيل بحل المشكلة بدقائق.
وما يزيد جهود الحريري صعوبة، من جهة تأكيد الرئيس عون اليوم، وفق ما نقلت مصادر مطلعة على موقفه، انه قدم كل ما لديه لتأليف الحكومة ولم يعد لديه ما يقدمه، لافتة الى ان وزارة العدل حسمت من حصة الرئيس وكذلك وزارة الدفاع. ومن جهة أخرى، اعلان التيار الوطني الحر بحسب مصادر مقربة منه، أن ليس لديه أي عرض جديد أو أي حقيبة من الممكن ان يتنازل عنها، داعية القوات الى القبول بالعرض المقدم، ومشددة في الوقت ذاته على أن ما من فريق يريد أن يخرج القوات من التشكيلة الحكومية.
ورغم هذه المعطيات المعقّدة، بدت مصادر الرئيس المكلف اليوم، متفائلة. حيث قالت إن هناك سبلاً قد تكون مفتوحة لحصول القوات على حقيبة وازنة، مؤكدة العمل بـ”تكتم” على إنجاح هذا الموضوع. وقد أكدت أن المحاولات مستمرة من أجل تحقيق خرق على صعيد هذه العقدة وان الأولوية لدى الحريري هي لهذه المحاولات وليس لتقديم تشكيلة أمر واقع.
وفيما ماهيّة المخرج الذي يعمل عليه الحريري محاطة بصمت مطبق لعدم احراقها، ترجّح المصادر ان يطال الحصة القواتية في الحكومة، كمّا ونوعا. وتقول انه بطبيعة الحال، ينطلق من مضمون “الكتاب” الذي أودعه اياه وزير الاعلام ومدير مكتب رئيس القوات ايلي براغيد، منذ ايام. فاذا نالت “الخلطة الحريريّة”، “رضى” رئيس الجمهورية والقوى الاساسية المعنية بالتأليف وبالتمثيل المسيحي في الحكومة، فإن الدخان الابيض يكون اقترب من التصاعد (ما لم تطرأ عقد جديدة!). أما اذا سقطت فهذا يعني ان لا حكومة في المدى المنظور. الساعات المقبلة مفصلية في هذا الشأن وستحدد طبيعة البر الذي سترسو عليه سفينة التشكيل، تختم المصادر.