IMLebanon

سلامة يناشد السياسيين : “حمُولي ضهري”

كتبت رنى سعرتي في الجمهورية:

وصل الوضع الاقتصادي في البلد الى مرحلة حسّاسة بات معها أي كلامٍ او تحذير ينزل كالصاعقة على الاسواق التي تفتقد الثقة. وما يزيد الطين بلّة، التجاذبات المستمرة حول تشكيل الحكومة التي تعتبر ممراً الزامياً الى الانقاذ. وقد جاء استقبال بري لسلامة امس، ليسلّط الضوء على دقة الوضع.

في العادة، لا تشكّل زيارة حاكم مصرف لبنان رياض سلامه الى اي مسؤول سياسي رفيع حدثا استثنائيا. وهو اعتاد القيام بزيارات روتينية الى الرؤساء الثلاثة لاطلاعهم على الوضع النقدي والمالي والاقتصادي، وتبادّل الآراء والنصائح. لكن الزيارة التي قام بها سلامة امس الى رئيس مجلس النواب نبيه بري كانت استثنائية ولافتة في توقيتها وظروفها، لأنها تأتي بعد 48 ساعة على تحذيرات أطلقها بري بالنسبة الى الوضع الاقتصادي في البلد، وقوله ان الانهيار بات مسألة اسابيع.

وعلى غير عادته، خرج حاكم مصرف لبنان بعد الزيارته ليكتفي بالقول: “كلّو خير انشالله”.

وفي المعلومات، ان سلامة يشعر انه يقاتل وحيدا على جبهة حماية الوضع النقدي. فهو يجول حول العالم لحماية الوضع المالي والنقدي في لبنان والمحافظة على استقرار الليرة. ويطلب من المسؤولين السياسيين دعم جهوده، ويقول: “حْمُولي ضهري بقرار سياسي، لا يمكنني الاستمرار بالمقاتلة وحيداً”.

ومن المعروف ان كلام بري حول الانهيار الاقتصادي، لا يستند الى معطيات مالية مستجدة، لكنه يأتي في اطار التحفيز لتأليف الحكومة واقرار بعض التشريعات في المجلس النيابي. إلا ان الكلام أثار بلبلة في الاسواق وقلقاً حول وضع الليرة اللبنانية، خصوصا ان الجميع بات يعرف ان الوضع دقيق وصعب.

جابر
في هذا الاطار، رأى النائب ياسين جابر ان لا أحد من المسؤولين اليوم يعير أهمية للمصلحة العامة ومصلحة البلد، “يتقاتلون حول الحصص والحقائب في حين ان حاكم مصرف لبنان يحارب وحيداً على جبهة الليرة”.

واكد لـ”الجمهورية” ان تأليف الحكومة لن يعطيها عصا سحرية لوقف الانهيار الاقتصادي “ولكن أضعف الايمان هو تشكيلها، لأننا اليوم جمهورية بلا قرار”.
وفيما لفت الى ان الاقتصاد علمٌ وليس تمنيات، اشار الى ان الشق الايجابي في الوضع اللبناني اليوم هو “ان الوضع الامني في لبنان مستقرّ والمجتمع الدولي يدعمنا ومستعدّ لتمويل مشاريع بمليارات الدولارات. كما اننا وقّعنا عقوداً مع شركات النفط، وقد شارفت الأزمة السورية على الحلّ، وتمّ فتح المعابر. أما الشق السلبي الذي يمكن معالجته تدريجياً، فهو تأليف حكومة تتخذ القرارات وتقوم بالاصلاحات، اهمّها في قطاع الكهرباء الذي يكبّد الخزينة خسائر سنوية بقيمة 2 مليار دولار”.

وشدّد على ان الوضع المالي لا يمكن ان يصمد، إن لم تشرع الحكومة عند تشكيلها وفي مدّة 6 أشهر كحدّ أقصى، بمبادرات واصلاحات توحي بالثقة. لافتا الى ان “كلّ ليرة يتمّ صرفها اليوم تتم استدانتها، وبالتالي في حال عدم وجود بصيص أمل اليوم، لن يعود بامكاننا اصدار سندات خزينة للاستدانة”.

وردّا على سؤال حول توجّه المواطنين الى تحويل ودائعهم الى الدولار خوفاً من الانهيار، قال جابر ان الأزمة أعمق من ذلك، فالخوف ليس من الدولرة بل من هروب الاموال الى خارج البلاد.

اسكندر
من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي مروان اسكندر ان هدف كلام رئيس المجلس هو الحثّ على اقرار تشريعات تسمح بالاستفادة من أموال مؤتمر “سيدر”.
واشار في هذا السياق الى ان الحكومة اللبنانية تعهدت في “سيدر” بخفض العجز في الموازنة بقيمة 250 مليون دولار، إلا ان النتيجة كانت أن زاد العجز بقيمة 700 مليون دولار، وبالتالي أصبح عليهم خفض العجز بقيمة 950 مليون دولار للالتزام بتعهدات “سيدر”.

وفيما اعتبر اسكندر انه لا يوجد بصيص نور حول امكانية تصحيح الاوضاع، اشار الى ان لبنان لم يشرع بالاصلاحات المطلوبة في “سيدر” والمربوطة بحصوله على الاموال.

وشرح لـ”الجمهورية” ان مفهوم الانهيار الاقتصادي يعني تراجع الحركة الاقتصادية، “وهو أمر سبق ان حصل وما وزال قائماً”. وقال: لا يمكننا القول حاليا ان هناك ازدهاراً ولا انكماشا بالمعنى الكامل، ولكن الدخل القومي لا يشهد ارتفاعا نسبة لارتفاع عدد السكان، وبالتالي يتراجع معدل دخل الفرد، وتزيد الديون على اللبنانيين.

واعتبر اسكندر انه لا يمكن الخروج من تلك الدوامة إلا عبر الشروع باصلاحات هيكلية، أوّلها في قطاع الكهرباء بما من شأنه توفير ملياري دولار، بالاضافة الى زراعة الحشيشة التي ستدرّ للخزينة حوالي مليار دولار، لافتا الى ان الثلاثة مليارات تلك “يمكن ان تسندنا وتخلّينا نجلّس”.

واكد ان الالتزام السياسي هو المعبر الوحيد للشروع بالاصلاحات المطلوبة، وإلا فان التقلّص في الدخل القومي سيتزايد وستطال تداعياته بنسبة اكبر، الطبقة الوسطى والفقيرة.