لم تنتظر الإدارة الأميركية 4 تشرين الثاني المقبل لفرض عقوبات جديدة على إيران ومتفرّعاتها في المنطقة. فقد وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قانون عقوبات جديداً على “حزب الله” يستهدف كل من يموّل الحزب، أو يتعامل معه أو يزوّده بالأسلحة، بعد أن صوّت مجلس الشيوخ لصالحه في الثاني عشر من الشهر الحالي وسبقه تصويت مجلس النواب.
وفي كلمة ألقاها في البيت الأبيض بمناسبة مرور 35 عاما على الهجوم الذي استهدف مقر مشاة البحرية الأميركية في بيروت، أشار ترامب إلى أن “هذه العقوبات تهدف إلى حرمان “حزب الله” من الحصول على موارد لتمويل نشاطاته”.
وفي حين توضح مصادر دبلوماسية مطّلعة عبر “المركزية” أن “العقوبات الجديدة تعتبر نسخة معززة من عقوبات أميركية مفروضة على “حزب الله”، وتهدف إلى الحد من قدرات الحزب على الحصول على تمويل وتجنيد عناصر له والى الضغط على البنوك والبلدان التي تتعامل معه وفي مقدمتها إيران، تقول إن هذه الرزمة تشكل دليلا إضافيا إلى مدى إصرار الإدارة الأميركية على تطويق نفوذ إيران في الشرق الأوسط والعالم، وتأكيدا على الأولوية التي يوليها ترامب لهذا الهدف.
وما التصويب على أجنحة “الجمهورية الإسلامية” في المنطقة وعلى رأسها “حزب الله”، تضيف المصادر، إلا جزء من “العدّة” الاميركية لإضعاف التوسع الإقليمي لطهران، وهي- أي العدّة- تنطوي على “أدوات” دبلوماسية وعسكرية وسياسية ولكن أيضا اقتصادية. فبعد العقوبات التي فرضتها واشنطن على إيران منذ أسابيع، تستعد لسلّة جديدة في 4 تشرين الثاني المقبل، تطال الخام الإيراني ولن تسلم منها أي دولة تعمد إلى شراء النفط من طهران أو تتعامل معها اقتصاديا وتجاريا.
واللافت في السياق، ان الصين، التي تعهدت بمقاومة العقوبات الأميركية على صادرات الخام الإيرانية، قررت تقليص مشترياتها من النفط الإيراني في الساعات الماضية، ما أعطى دفعا كبيرا لجهود واشنطن في عزل طهران. وقد ذكرت “وول ستريت جورنال” في تقرير نشرته الخميس أن “شركة البترول الوطنية الصينية وشركة الصين للبتروكيماويات لم تحجزا أي شحنات من النفط الإيراني للشهر المقبل، في خطوة ستشكل ضربة قوية لقطاع النفط الإيراني، إذ كانت الشركتان تشتريان قرابة 600 ألف برميل في اليوم من الإنتاج الإيراني”.
وأمام هذه الوقائع، تقول المصادر إن “لبنان سيتعين عليه مقاربة هذا الملف بدقة وواقعية “لحماية ظهره”. ففيما مصارفه ملتزمة التزاما تاما بالمعايير والقوانين الدولية لمحاربة تمويل الإرهاب، وأداؤها محط تقدير غربي واسع، على حكومته وهي قيد التشكيل راهنا، أن تعلن أولا تقيّدها بسياسة النأي بالنفس، وثانيا أن تمضي قدما، بدفع من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في طريق بحث الاستراتيجية الدفاعية التي تفضي إلى حصر السلاح وقرار الحرب والسلم بيد الدولة وقواها العسكرية والأمنية الشرعية، فقط، بما يترجم أيضا ما تعهّدت به أمام المجتمع الدولي والجهات المانحة في سيدر وبروكسل وروما.
أما إن لم تقرن قولها بالفعل، فستكون كمن يضع نفسه في فم الأسد، خصوصا إذا ما فاز الجمهوريون (حزب ترامب) في الانتخابات النصفية الأميركية في 6 تشرين المقبل، تختم المصادر.