كتبت هلا صغبيني في “المستقبل”:
بعد إقراره بالإجماع في مجلسي النواب والشيوخ، وقع الرئيس الاميركي دونالد ترامب مساء اول من امس قانون تعديل تجفيف تمويل «حزب الله» والذي يعرف بـHIFPAA، واضعاً بذلك حيز التنفيذ مجموعة جديدة من العقوبات التي تستهدف الحزب وشبكة دعمه المالي.
الاعلان عن هذا التوقيع جاء خلال كلمة القاها ترامب لمناسبة مرور 35 عاما على الهجوم الذي استهدف مقر مشاة البحرية الأميركية في بيروت، قال فيها إن هذه العقوبات «تهدف إلى حرمان حزب الله من الحصول على موارد لتمويل نشاطاته». وحذر ترامب قادة «حزب الله» من أنّ «الولايات المتحدة لن تنسى أبدا ما حدث لجنودها في ذلك اليوم»، متوعدا إياهم بـ«اجراءات إضافية تستهدف تفكيك نشاطاتهم الإرهابية».
ومن شأن القانون الجديد الذي يحمل رقم 1595، ان يجعل قنوات التمويل لـ«حزب الله» اكثر تعقيداً، من خلال ملاحقة الأفراد والشركات الأجنبية التي تقدم طوعاً الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي للشركات التابعة للحزب. وهو يستهدف المنظمات الاجتماعية والمالية التي يتحكم فيها «حزب الله» مثل بيت المال، وجمعية دعم المقاومة الإسلامية، وجهاد البناء، وإدارة العلاقات الخارجية في «حزب الله»، وتلفزيون المنار، واذاعة النور، ومجموعة الإعلام اللبنانية.
ويفرض القانون على الرئيس الاميركي تقديم تقرير إلى الكونغرس عن نشاط «حزب الله» العابر للحدود، بما في ذلك أي نشاطات مرتبطة بتبييض الاموال والمخدرات عبر اميركا اللاتينية أو القارة الأفريقية أو آسيا وأوروبا، وهو يستهدف ايضا الدول الراعية لـ«حزب الله»، ان كان ذلك داخل لبنان او خارجه.
كما ينص في احدى فقراته على وجوب وضع تقرير عن تقدير ثروة كبار اعضاء «حزب الله». فـفي موعد لا يتجاوز 180 يوما بعد تاريخ سن هذا القانون، يقدم الرئيس إلى لجان الكونغرس تقريرا يحتوي على الثروة الصافية الإجمالية المقدرة وكيفية الحصول عليها واستخدام هذه الأموال، لكل من الامين العام لـ«حزب الله» وأعضاء القيادة العليا أو كبار قادة الحزب وشركاء «حزب الله» يحددهم الرئيس يساعدون «حزب الله» او يقدمون له دعما، او أي شخص آخر يحدده الرئيس انه شخصية سياسية أجنبية بارزة لـ«حزب الله».
المصارف
مصادر مصرفية لبنانية على اطلاع وثيق بمجريات اقرار القانون الاميركي، قالت لـ«المستقبل» ان العقوبات الجديدة ستكون قاسية جدا، وهي تعتبر ان الاجراءات التي اعلن عنها المصرف المركزي حين صدر القانون الاول ضد «حزب الله» في العام 2015 ستكون كافية بالنسبة للمصارف، لكنها لم ترد ان تجزم بذلك بانتظار ما سيصدر من وزارة الخزانة الاميركية في هذا الاطار. وتنوه بالجهود التي قام بها الجانب اللبناني قبل ان يصبح المشروع قانونا في الغاء مادة كانت تنص على انه يمكن للمصارف الاميركية ان تطلب من مصارفها المراسلة (بما فيها المصارف اللبنانية) اجراء عمليات تدقيق دورية للاطلاع على مدى التزامها القوانين المرعية الاجراء، وهي كانت ستكون بالعملية المكلفة جدا للمصارف اللبنانية كما من شأنها أن تزيد من تكلفة التحويلات. وبحسب الصيغة الجديدة للقانون، بات بامكان المصرف الاميركي ان يطلب من نظيره المراسل القيام بتدقيق في حال الاشتباه باي عمل غير قانوني فقط.
مرقص
من جهته، قال المحامي بول مرقص الموجود في الولايات المتحدة من أجل متابعة هذا الموضوع في اتصال مع «المستقبل» ان «القانون الاميركي الجديد هو نسخة مطورة عن القانون الصادر في العام 2015، ولا يحمل في طياته ادوات تنفيذية جديدة بقدر ما يحمل رسالة متجددة بعزم الادارة الاميركية ككل على العقوبات عند الاقتضاء». ولفت الى انه «بصرف النظر ما اذا كنا مع القانون او ضده، لكن يجب استدراك عواقب هذا القانون على المصارف اللبنانية تحديدا لجهة حماية تعاملاتها مع المصارف المراسلة الدولية كي لا يدفع القانون الجديد هذه الاخيرة الى قطع تعاملاتها مع الساحة المصرفية اللبنانية بما يعرف بـde-risking او تخفيف التعامل مع المصارف اللبنانية، وكي تبقى هذه الاخيرة قادرة على تحويل اموال الى الخارج. لانه من المعروف ان عمليات التحويل تتم من خلال المصارف المراسلة التي تملك المصارف اللبنانية حسابات فيها، وكذلك عبر شبكة السويفت وبالدولار غالبا».
ودعا مرقص الى وجوب التحوط «لان المصارف المراسلة تأخذ القانون الجديد على محمل الجد، بمعنى انها ستطبقه ليس فقط في شق التعامل بالدولار انما بكل انواع العملات في العالم».
ولكن ما الفرق بين قانون الـ2015 والقانون الحالي؟ يفند مرقص أهمها:
– يتضمن القانون الجديد تعديلات في المهل المناطة بالادارة الاميركية لتعود فيها الى الكونغرس بنتائج تنفيذ هذا القانون، وذلك كي يكون هناك زخم فعلي في تنفيذه.
– تخفيف الضغط على المصارف المركزية عموما ولا سيما مصرف لبنان.
– تم ادخال تعديلات على تأشيرات الدخول بحيث لا يعود الرئيس الاميركي الى الكونغرس لاعطاء استثناءات على التأشيرات، بل يعود اليه بصورة لاحقة.
– ينص القانون الجديد على ان المسؤولية تترتب في حالة المعرفة knowingly وحجم العمليات المالية المشكو منها significantly، الأمر الذي يخفف من مسؤولية المصارف التي يمكن ان تتذرع بعدم معرفتها بارتباطات العميل صاحب الحساب، والذي اذا سبقتها وزارة الخزانة الى اكتشاف عملياته، تدرجه على اللائحة السوداء ( ofac). دون ان يعني ذلك ان المصارف يمكن ان تغض الطرف عن الإجراءات الواجبة لان القانون الاميركي قائم من جهة ثانية على تحميله المسؤولية في حال كان بوسع المصرف ان يعرف ولم يفعل وهذا ما يسمى بقرينة العلم.
هذا اضافة الى تعديلات تقنية اخرى.
يذكر انه كانت لدى كل من مجلسي النواب والشيوخ نسخة خاصة به لتعديل قانون العقوبات على «حزب الله»، ثم جرى توحيدهما بصيغة موحدة اقرت بالاجماع في المجلسين قبل ان يوقعها ترامب بالامس والتي «من شأنها ان تزخم الحملة التي يقوم به الرئيس الاميركي في الانتخابات النيابية النصفية قريبا». ومن المنتظر صدور النظام التطبيقي لهذا القانون و«هو الاهم والمتوقع في الاشهر الستة الاولى من العام المقبل كون المصارف والمؤسسات المالية حول العالم هي المعنية بتطبيقه، فهي لا تطبق القانون بل نظامه التطبيقي على غرار النظام التطبيقي الصادر في نيسان 2015 في القانون الاول»، كما شرح مرقص.
رزمة جديدة!
وكشف مرقص ان «هناك في واشنطن اليوم رزمة قوانين قيد الدرس في مجلسي الكونغرس تتعلق بحزب الله وايران وبالتعاملات المالية تصب كلها في اطار التضييق المالي على حزب الله».
واكد انه ليس مطلوب الكثير من المصارف اللبنانية لانها تقوم منذ سنوات طويلة بجهود تفاديا لاي عقوبات، «لا بل هي رائدة في المنطقة بتعليميات كافية من مصرف لبنان وبتوجيهات من جمعية مصارف لبنان، وهما الجهتان المعنيتان بالموضوع والمدركتان لاهمية تطبيق القوانين لتفادي عواقب عدم التطبيق وتبعات ادراج اسماء من الذين يملكون حسابات في مصارف لبنانية. لذلك، يجب ان تقوم هذه المصارف في بناء مقاربة جديدة مبنية على المخاطر تتجاوز المقاربة التقليدية risk based approach اي كيفية تصنيف العملاء بين عاليي المخاطر ومتوسطيها ومتدني المخاطر».
ولفت مرقص الى ان «إدارة باراك اوباما السابقة لم تزخم موضوع العقوبات ولم تمتثل للمهل الموضوعة في القانون السابق، لكن هذه الادارة من المرجح ان تفعل. إنما بنظري، يجب، وبمقدار عدم التقليل من حجم عواقب هذا القانون، عدم المبالغة فيه وارساء حالة ذعر».
البيت الابيض
وكانت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، سارة ساندرز قالت في وقت سابق في بيان امس ان ترامب «وقّع قانون تعديل التمويل الدولي لعام 2018، والذي يفرض عقوبات إضافية على حزب الله، منظمة إرهابية إسلامية متطرفة وشريك ووكيل للنظام الإيراني». اضافت «لقد قام حزب الله باختطاف وتعذيب وقتل مواطنين أميركيين، بما في ذلك هجومه الوحشي عام 1983 على ثكناتنا البحرية في بيروت، لبنان، الذي أودى بحياة 241 من مشاة البحرية الأميركية والبحارة والجنود وجرح 128 آخرين من أفراد القوات الأميركية، وقتل مدني لبناني».
ولفتت الى ان الولايات المتحدة «لن تنسى أبدا الأرواح الغالية التي فقدت في ذلك اليوم، وسوف تستمر في تخليد ذكراهم من خلال اتخاذ إجراءات ضد قاتليهم. تحت قيادة الرئيس ترامب، فرضت الولايات المتحدة عقوبات تاريخية على حزب الله وحليفه الرئيسي: النظام الإيراني الفاسد». اضافت «في السنة الماضية، فرضنا المزيد من العقوبات على حزب الله، أكثر من الأعوام السابقة. بالإضافة إلى ذلك، في الخامس من تشرين الثاني، ستتم إعادة فرض جميع العقوبات النووية للولايات المتحدة ضد إيران، والتي تم رفعها بموجب الاتفاق النووي الإيراني المسيء أحادي الجانب». واشارت الى «ان القانون الذي وقعه الرئيس ترامب سيزيد من عزلة حزب الله عن النظام المالي الدولي ويخفض تمويله. ستستهدف هذه العقوبات المواطنين الأجانب والوكالات الحكومية التي تساعد أو تدعم عن معرفة حزب الله، وشبكات تابعة لحزب الله التي تنخرط في تجارة المخدرات أو غيرها من الجرائم».